على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة المعقدة في ولاية نيويورك الأمريكية، التقى رئيس جمهورية العراق برهم صالح، يوم الثلاثاء 21 أيلول/سبتمبر 2021م، الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن.
وجرى، خلال اللقاء، بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات في سياق الحوار الاستراتيجي بين البلدين ووفق المصالح المشتركة، ودعم تنظيم انتخابات نزيهة وعادلة، كما تم التأكيد على أهمية مواصلة العمل لمكافحة الإرهاب واستئصال جذوره في كل المنطقة.
وأكد الرئيس برهم صالح تطلّع العراق لبناء علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية في المجالات السياسية والأمنية والبيئية والاقتصادية والثقافية على أساس المصالح المشتركة، وضمن إطار الاتفاقية الاستراتيجية بين البلدين.
كما جرى مناقشة آخر التطورات الإقليمية والدولية، حيث أكّد الرئيس برهم صالح أن العراق ينطلق من سياسة متوازنة تدعم الحلول الدبلوماسية ومسارات نزع فتيل الأزمات وتخفيف التوترات، والدور المحوري للعراق في إرساء أمن وسلام المنطقة، ومواجهة التحديات البيئية ومسببات التغير المناخي والتصحر وحماية البيئة.
من جانبه، أشاد الرئيس جوزيف بايدن بالتقدم الذي يحرزه العراق من أجل تحقيق الاستقرار، وجهوده في تخفيف توترات المنطقة، مؤكداً دعم واشنطن لأمن العراق وضمان سيادته، ومكافحة الإرهاب وتعزيز اقتصاده، ومواصلة العمل والتنسيق المشترك ضمن الحوار الاستراتيجي في مختلف المجالات، وبما يصب في مصلحة البلدين والشعبين.
ومن المفيد الإشارة هنا، أن الرئيس بايدن لم يلتقي لغاية الآن سوى في رئيس جمهورية العراق برهم صالح، وهذا ما يدل على أهمية ومكانة العراق الاستراتيجية في السياسة الخارجية الأمريكية، كما أنه يدل على عمق العلاقة الشخصية التي تجمع بين الرئيسين. ولطالما كان للعلاقة الشخصية بين الحكام الأثر الإيجابي في تطور العلاقات بين الدول.
ونظرًا للمكانة الإقليمة والدولية التي يحظى بها رئيس جمهورية العراق برهم صالح، استقبل يوم الأربعاء 22 أيلول/ سبتمبر في مقر إقامته في نيويورك الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس.
وجرى، خلال اللقاء، بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في المجالات كافة، وخصوصا الجوانب الاقتصادية والتجارية والاستثمار في القطاعات المختلفة، وأهمية التنسيق لمواجهة التحديات المختلفة التي تواجه المنطقة والعالم، وفي مقدمتها الإرهاب، وتعزيز التعاون الدبلوماسي والاقتصادي والثقافي، والإشادة بما تقدّمه قبرص لعددٍ من اللاجئين العراقيين.
وقال الرئيس برهم صالح إن العراق يولي أهمية لحماية سيادته وأمنه واستقراره، وتعزيز التعاون والترابط في مجالات الاقتصاد والتجارة، ونبذ الصراعات، منوهاً إلى أن الأزمات الاقتصادية وانتشار جائحة كورونا والتغير المناخي تستوجب من المجتمع الدولي بذل المزيد من الجهود والتنسيق لتجاوز هذه الأوضاع سعياً لترسيخ دعائم الاستقرار والسلم وتحقيق الازدهار للشعوب.
من جهته، أكد الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس، تطابق وجهات النظر مع ما طرحه الرئيس برهم صالح، مؤكداً تطلّع بلاده لدعم العراق في مختلف المجالات، وتعزيز التعاون الثنائي في مختلف الجوانب.
وفي ذات اليوم، التقى رئيس جمهورية العراق برهم صالح، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.وجرى، خلال اللقاء، بحث العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين والعمل على تعزيزها في مختلف المجالات وبما يصبُّ في خدمة مصلحة شعبي البلدين الصديقين، كما جرى بحث التطورات في المنطقة.
وأكد الرئيس برهم صالح أهمية تثبيت دعائم الاستقرار في المنطقة وتخفيف حدة التوترات، ودعم مسار الحوار والتلاقي في مناقشة المسائل العالقة، واحترام سيادة الدول ورفض التدخلات والاعتداءات وكل ما من شأنه تقويض بناء الثقة وتهديد السلام، وضرورة العمل المشترك من أجل ترسيخ السلم والأمن الإقليمي والدولي.
من جانبه أشاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالجهود التي يبذلها العراق من أجل تخفيف التوترات في المنطقة عبر الحوار، مشيراً إلى دعم بلاده لأمن واستقرار العراق.
كما التقى رئيس جمهورية العراق برهم صالح، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش.
وفي بداية اللقاء هنأ برهم صالح، أنطونيو غوتيرش لإعادة انتخابه أميناً عاماً للمنظمة، كما ثمن الدعم الكبير الذي تقدمه الأمم المتحدة للعراق في مختلف المجالات، والدعم في المجال الانتخابي وتسهيل مهمة إرسال المراقبين من أجل نزاهة وشفافية الانتخابات المقرر إجراؤها في 10 تشرين الأول المقبل.
ونوّه صالح إلى أهمية الانتخابات المقبلة للشعب العراقي وضرورة توفير أقصى درجات النزاهة والعدالة والشفافية في إجرائها. كما أكّد برهم صالح ضرورة دعم الجهود من أجل ترسيخ أمن واستقرار العراق وشعبه، وأهمية العمل على تخفيف التوترات في المنطقة، وإعادة العراق لدوره المحوري فيها.
كما أكّد الرئيس العراقي وجوب تعزيز التكاتف الدولي في مواجهة تحديات العصر المتمثلة في مكافحة العنف والإرهاب، وكذلك مواجهة أزمة التغيّر المناخي وحماية البيئة التي باتت تُشكل تهديداً محدقاً لكل البشرية، مشيراً إلى أن العراق يتطلع بشدة نحو الدعم والخبرات الدولية في هذا الصدد من أجل دعم خططه الوطنية لإنعاش وادي الرافدين بيئيّاً وإرساء مفاهيم الاقتصاد الأخضر.
من جانبه، أشاد أنطونيو غويترش بالتقدم الذي يحرزه العراق، وجهوده الحثيثة لتخفيف توترات المنطقة، مؤكداً أن المنظمة الأممية ستواصل دعم العراق وعبر بعثتها في البلد وفي الأمم المتحدة من أجل دعم أمن واستقرار وازدهار الشعب العراقي.
وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التقى رئيس جمهورية العراق برهم صالح، بوزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان، على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، في نيويورك.
وجاء في بيان رئاسة الجمهورية العراقية: “رئيس الجمهورية برهم صالح يستقبل، في مقر إقامته في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان. وتناول اللقاء العلاقات الثنائية الوثيقة بين البلدين والشعبين الجارين، وسبل تعزيزها في مختلف المجالات”.
وقال الرئيس العراقي بحسب البيان إن “العلاقات العراقية الإيرانية مهمة للبلدين وكل المنطقة، مشيرًا إلى مساعي العراق من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة وضمان سلامها، وحرصه على أن يكون ساحةً لتلاقي مصالح شعوبها من أجل العمل والتنسيق في مواجهة تحديات الإرهاب والأوضاع الصحية وخطر التغير المناخي”.
وقال الرئيس برهم صالح، إن العلاقات العراقية الإيرانية مهمة للبلدين وكل المنطقة، مشيراً إلى مساعي العراق من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة وضمان سلامها، وحرصه على أن يكون ساحةً لتلاقي مصالح شعوبها من أجل العمل والتنسيق في مواجهة تحديات الإرهاب والأوضاع الصحية وخطر التغير المناخي.
وتعد هذه اللقاءات المتعددة في محفل دولي كالجمعية العامة للأمم المتحدة، من وجهة نظر رئيس جمهورية العراق برهم صالح، فرصة للعراق لتأكيد رؤيته حول قضايا المنطقة وسبل الشراكة من أجل إقامة تكامل وتعاون اقتصادي بين العراق ودول الجوار والدول الصديقة وإن العراق يتطلع إلى إيجاد مناخ يسوده الأمن والاستقرار في البيئة العربية الإقليمية. كما أن هذه اللقاءات تدل على دبلوماسية النشيطة لرئيس جمهورية العراق برهم الذي يحرص على استعادة العراق دوره العربي والإقليمي والدولي، فلفاءته المتنوعة مع رؤساء الدول العظمي والإقليمىة ليس من أجل التقاط الصور التذكارية في هذا المحفل الدولي، وإنما فرصة لتعزيز العلاقات بين الدول. وهذا ما أكد عليه رئيس جمهورية العراق برهم صالح في كلمته أمام أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث جاء فيها:
- العراق تمكن من تحرير أراضيه من داعش وحماية العالم من جرائمه، ببسالة قواته المسلحة بكافة تشكيلاتها وبدعم التحالف الدولي والأصدقاء والجيران، والدور الكبير للمرجعية الدينية في النجف الاشرف التي حشّدت قوى الشعب في هذه المواجهة المصيرية.
- التهاون او الانشغال بالصراعات في منطقتنا سيكون متنفسّا لعودة الارهاب وتهديد امن البلدان والشعوب، فلا يمكن ان الاستخفاف بخطورة الإرهاب.
- لا يمكن القضاء على الإرهاب الا بأنهاء الفساد بوصفه اقتصاداً سياسياً للعنف والإرهاب، فالفساد والإرهاب مترابطان ومتلازمان ومتخادمان ويديم أحدهما الآخر.
- إن مكافحة الفساد تُمثل للعراق اليوم معركة وطنية، ترتكز على الحد من منابع الفساد واغلاق منافذه واسترداد ما تم نهبه وتهريبه من أموال، ولا خيار امامنا الا الانتصار في هذه المعركة.
- ندعو المجتمع الدولي لمساعدتنا في الكشف واسترداد أموال الفساد المهرّبة من العراق، وندعو بجد لتشكيل تحالف دولي لمحاربة الفساد واسترجاعِ الاموالِ المنهوبة، على غرار التحالف الدولي ضد الإرهاب.
- الانتخابات العراقية المقبلة مصيرية واستحقاق وطني مفّصلي ستكون لها تبعات على كل المنطقة.
- الانتخابات جاءت استجابة لحراك شعبي وإجماع وطني على الحاجة لإصلاحات جذرية وعقد سياسي واجتماعي جديد يُعالج مكامن الخلل في منظومة الحكم.
- يجب ان تكون الانتخابات المسار السلمي للإصلاح عبر برلمان وحكومة يستندان بحق الى حكم الشعب بدون قيمومة او تلاعب.
- إعادة ثقة العراقيين في الانتخابات وضمان المشاركة الواسعة يُمثل أولوية قصوى، تم إقرار قانون انتخابي جديد أكثر عدلاً، ومفوضية انتخابات جديدة، ووفرت الحكومة احتياجاتها، وتم تبنّي “مدونة السلوك الانتخابي” من اجل إنجاح الانتخابات.
- حد أسباب الاحتقان السياسي في البلد يعود إلى مكامن الخلل وغياب الثقة الشعبية في العمليات الانتخابية السابقة.
- العراق يقع في قلب المنطقة التي عانت من نزاعات مستحكمة جراء انهيار منظومتها الأمنية والسياسية منذ أربعين عاما وكان غياب العراق عن دوره في المنطقة أحد أسباب فقدان الاستقرار الاقليمي.
- نؤكد الحاجة لمنظومة إقليمية جديدة تستند على التعاون والترابط الاقتصادي بين دول المنطقة وبمشاركة المجتمع الدولي.
- نجاح إحلال السلام في المنطقة لن يتم من دون العراق الآمن والمستقر بسيادة كاملة، وإعادته لدوره المحوري في المنطقة، وهذا يستدعي دعماً وإنهاء تنافسات وصراعات الآخرين على ارضنا.
- العراق يمر بظروف مناخية صعبة من التصحر وشحة في الموارد المائية جعلت البلد خامس أكثر البلدان هشاشة تجاه التغيرات المناخية.
- يجب أنعاش وادي الرافدين وحماية بيئتها التي كانت تُعرف بارض السواد وجنات عدن لشدة خضرتها وارضها الخصبة
- موقع العراق الجغرافي في قلب المنطقة، وتنوعه البيئي يُمكّنه ان يكون منطلقاً لجمع دول الشرق الأوسط بيئيا.
- ان استمرار الازمة السورية وتداعياتها الإنسانية على الشعب السوري بات غير مقبول، وهناك بؤر خطيرة للإرهاب تعتاش على ديمومة الازمة وتهدد بلدنا وكل المنطقة، وآن الاوان لتحرّك جاد لإنهاء معاناة السوريين.
- يؤكد العراق موقفه بضرورة إيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، فلا يمكن ان يستتب السلام في المنطقة بدون إقرار وتلبية كامل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
- ان استمرار الحرب في اليمن وتداعياتها الامنية والانسانية مبعث قلق يستدعي التوصّل لحل يحقق الامن والسلام لمواطنيه ولدول المنطقة.
إن خطاب رئيس جمهورية العراق برهم صالح في جمعية العامة للأمم المتحدة ليس خطابًا إستهلاكيًا، وإنما يصلح لبرنامج عمل سياسي وامني واقتصادي قابل للتطبيق إذا توفرت الإرادة الداخلية في العراق وإذا توفرت الإرادة العربية والإقليمية والدولية. فالخطاب تناول المشكلات التي يعاني منها العراق منذ عام 2003م، ولم يكتفي الخطاب في عرضها فقط وإنما وضع الطرق المناسبة لعلاجها. كما تطرق الخطاب أيضًا إلى القضايا الخلافية والمشكلات العالقة في البيئة العربية والإقليمية وطرق معالجتها أيضًا.
فخطاب رئيس برهم صالح جاء منسجمًا مع وحى تجربته السياسية الواقعية وثقافته السياسية الرفيعة، لذلك يدرك بشكل عميق أن الأستقرار والأمن ومحاربة الفساد وتعزيز القيم الدولة المدنية الوطنية هي سبيل في رفعة العراق، وأن الأمن العربي والإقليمي والتعاون الاقتصادي ومحاربة الإرهاب واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤون الدول هي السبيل في تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية بين الدول العربية والإقليمية.. فهذا الخطاب خلاصة لرجل خاض غمار السياسة والثقافة والفكر، ليضع هذه الخبرة أمام الجماعة الدولية بأجمعها لعل خطابه أي “برنامجه” يجد الطريق لتطبيقه وإلا سنبقى في المربع الأول. وكأن لسان حال خطاب رئيس جمهورية العراق برهم صالح في الجمعية العامة للأمم المتحدة: “ اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد“.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية