الرباط – ألقت الانتخابات المغربية الأخيرة بعدة مفاجآت من بينها أن نساء سيدرن بلديات ثلاث مدن مغربية كبيرة هي الرباط والدار البيضاء ومراكش، وهي مدن ذات ثقل سياسي واجتماعي، ما يظهر أن المغرب يخطو عمليا خطوات جديدة نحو تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء.
وفازت أسماء غلالو، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، الجمعة بمنصب عمدة العاصمة الرباط، ليرتفع عدد النساء اللواتي يشغلن منصب عمدة في المدن الكبرى إلى ثلاث للمرة الأولى في تاريخ المملكة. وقالت غلالو “إنه يوم تاريخي لمدينة الأنوار الرباط”.
وقبل أربعة أيام، في العشرين من سبتمبر، انتُخبت المرشحة عن حزب التجمع الوطني للأحرار نبيلة الرميلي (47 عاما) على رأس بلدية الدار البيضاء، لتصير أول امرأة تتولى المنصب في أكبر مدن المغرب التي يناهز عدد سكانها 3.5 مليون نسمة. وتصدر الحزب الليبرالي بزعامة رجل الأعمال عزيز أخنوش نتائج الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية.
وفي مراكش، العاصمة السياحية للبلاد التي تعد 1.3 مليون نسمة، انتُخِبَت فاطمة الزهراء المنصوري (45 عاما) المرشحة عن حزب الأصالة والمعاصرة رئيسة لبلدية المدينة بعد أن شغلت المنصب بين عامي 2009 و2015.
وأقر دستور المغرب مبدأ المناصفة والمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد أصبحت مشاركة المرأة الواسعة في العملية الانتخابية -سواء كمرشحة أو كمنتخبة- حقيقة سياسية مهمة، ومع ذلك تبقى نسبة وصول المرأة إلى المناصب الوزارية والإدارية والنيابية محدودة.
ولتمكين المرأة من مناصب عن طريق الانتخاب في الاستحقاقات الانتخابية تم إصدار قانون يقضي باحترام الثلث في تمثيلية النساء في جميع المجالس المنتخبة، وطنية أو جهوية أو محلية. وقد صدر أولا في شكل اقتراح من طرف وزارة الداخلية في مجلس وزاري ترأّسه العاهل المغربي الملك محمد السادس، ثم تمت المصادقة عليه بأغلبية في البرلمان.
وقال مراقبون محليون إن صعود نساء لقيادة بلديات المدن الكبرى هو تتويج لسياسة العاهل المغربي الملك محمد السادس في تجسيد المناصفة فعليا، وأن الأمر لم يكن مفاجئا أولا بسبب تعديل القوانين لتحقيق تلك المناصفة، وثانيا بفضل فسح المجال أمام المرأة للمشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ما بوأها وضعا يسمح لها بالمشاركة السياسية النوعية.
ويراهن المغاربة على أن تجسد حكومة عزيز أخنوش هذه المقاربة الملكية من خلال التعيينات في مختلف المستويات، وألا تكتفي بتمثيل محدود للنساء في وزارات أو مؤسسات ثانوية، داعين الحكومة الجديدة التي تديرها أحزاب منفتحة إلى وضع سياسات قطاعية كفيلة بتقليص عدم المساواة والتفاوت في المناصب والمشاريع خاصة بالنسبة إلى النساء والفتيات.
ولا يخفي صعود ثلاث نساء لقيادة بلديات كبرى مؤاخذات المنظمات التي تعنى بشؤون النساء للأحزاب على ضعف تمثيل النساء سواء في الانتخابات التشريعية أو الجهوية التي جرت مؤخرا. وتتهم المنظمات الأحزاب بأنها تلاعبت بنظام الكوتا المخصص لمقاعد النساء وأفرغته من فاعليته وفرضت وضعا يعطي الأولوية للرجال.
وحمّلت الحركة من أجل ديمقراطية المناصفة الأحزاب السياسية الفائزة في انتخابات سبتمبر مسؤولية ضمان التفعيل السليم لمقتضيات الدستور الخاصة بالمناصفة.
واعتبرت في بيان لها أن انتخاب أعضاء مكاتب مجالس الجماعات شابه “اغتيال مبدأ المناصفة الدستوري على جميع المستويات: في رئاسة الجماعات، وفي انتخاب نواب الرئيس”، مقرّةً بأنه حدث “تحايل على القوانين لإقصاء النساء من الترشح وحرمانهن حتى من الحقوق التي تمنحها لهن القوانين التنظيمية”.
من جهتها اعتبرت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، في بيان سابق، أن “مجموع التعيينات في المناصب العليا ظلت تعتمد نفس المقاربة التقليدية التي تكرس الإقصاء الممنهج للنساء”.
العرب