التحركات الأخيرة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وإشرافه على مشاريع تنموية وخدماتية وإطلاقه لحملة غير معلنة على الفساد والفاسدين لا تخلو وفق نظر الكثيرين من حسابات سياسية مرتبطة برغبته في اقتناص ولاية حكومية جديدة.
بغداد – تقول أوساط سياسية عراقية إن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بات في طريق مفتوحة للفوز برئاسة الوزراء مجددا في ظل الدعم الذي يحظى به من التيار الصدري.
وتلفت الأوساط السياسية إلى أن رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر يرى في الكاظمي الشخصية الأقدر على قيادة حكومة “أغلبية وطنية” يسعى لتشكيلها مع الكتلتين السنية والكردية، مشيرة إلى أن اعتراضات الإطار التنسيقي الذي يمثل القوى الموالية لإيران على الكاظمي لا تلقى بالا لدى الصدريين.
وأجرى الكاظمي زيارة إلى النجف الأربعاء، فيما قال مقربون منه إنها استكمالا لزيارة قام بها قبل أقل من أسبوع وتتعلق بالوقوف على الواقع الخدماتي في المحافظة الواقعة جنوب غربي العاصمة بغداد والتي تعد معقل التيار الصدري.
وترأس الكاظمي اجتماعا في مبنى محافظة النجف ضم عددا من الوزراء ومحافظ البنك المركزي وقادة ومدراء الدوائر الخدمية والأمنية بالمحافظة.
واتخذ الكاظمي خلال زيارته السابقة للنجف والتي تخللها لقاء حار بالصدر مجموعة من القرارات والإجراءات تخص إدارة المحافظة من بينها الإشراف الشخصي من قبله عليها بعد استقالة المحافظ لؤي الياسري بضغط من زعيم التيار الصدري. وقد لاقت تلك الاستقالة اعتراضات القوى الموالية لإيران وعلى رأسها ائتلاف دولة القانون.
ويقوم الكاظمي في الفترة الأخيرة بحملة نشطة لتحسين صورته، من خلال الإعلان عن جملة من المشاريع التنموية، وشنه حملة إقالات لمحافظين ومسؤولين كبار، تثار من حولهم شبهات فساد، أو لتورط بعضهم في قمع احتجاجات كما هو الحال مع محافظ ذي قار.
ويرى متابعون للشأن العراقي أن الإجراءات التي اتخذها الكاظمي في الآونة الأخيرة والتي تصب في سياق الضرب على أيدي الفاسدين، تتسق وما أعلنه التيار الصدري وزعيمه مرارا من أن مجابهة الفساد ستكون في صدارة مشروع الإصلاح الذي ينوي تطبيقه بعد تشكيل حكومة أغلبية وطنية.
هيئة النزاهة تصدر أوامر توقيف بحق 85 من كبار المسؤولين بينهم وزير حالي
وأعلنت هيئة النزاهة العراقية (رسمية) الأربعاء صدور أوامر توقيف واستدعاء بحق خمسة وثمانين من كبار المسؤولين في الدولة، بشأن قضايا تتعلق بالفساد خلال شهر ديسمبر الماضي.
وذكر بيان للهيئة المعنية بالتحقيق في ملفات الفساد بالعراق أن “الجهات القضائية المعنية بالنزاهة أصدرت ثمانية وتسعين أمر قبض واستدعاء خلال ديسمبر، حيث صدرت تلك الأوامر بحق خمسة وثمانين من كبار المسؤولين (بعضهم صدر بحقه أكثر من أمر قبض باتهامات مختلفة)، بينهم وزير حالي”.
وأوضح البيان أن الأوامر صدرت على خلفية قضايا حققت فيها هيئة النزاهة في بغداد والمحافظات الأخرى، وأحالتها إلى القضاء. وبيّن أن واحدا وعشرين أمر قبض وسبعة وسبعين استدعاء كانت حصيلة الأوامر التي شملت وزيرا حاليا ووزراء سابقين، إضافة إلى برلمانيين سابقين ومحافظين ومدراء عامين حاليين وسابقين، فيما لم تكشف الهيئة عن أسماء هؤلاء أو التهم المنسوبة إليهم.
ويعد العراق من بين أكثر دول العالم فسادا، وفق مؤشر منظمة “الشفافية الدولية” على مدى السنوات الماضية.
وأجرى العراق في أكتوبر الماضي انتخابات تشريعية مبكرة جاءت نتاج مظاهرات واسعة في البلاد في أكتوبر 2019 طالبت بالأساس بوضع حد لأخطبوط الفساد.
وركز زعيم التيار الصدري في معظم إطلالاته عقب فوز تياره بالاستحقاق الانتخابي على أولوية محاربة الفساد، معتبرا أن إزاحة الفاسدين هي في صلب برنامجه الإصلاحي.
ويرى المتابعون أن تحرك الكاظمي في هذا الملف وفي هذا التوقيت بالذات هو تمهيد لتوليه رئاسة الوزراء في الحكومة المقبلة التي بات بالواضح أن التيار الصدري هو من سيشكلها بالرغم من اعتراضات القوى الموالية لإيران.
ويشير المتابعون إلى أن الكاظمي ورغم الحصيلة الهزيلة من الإنجازات خلال ولايته الحالية، بيد أن ذلك لا ينفي أنه شخصية أثبتت قدرة على التعاطي بفاعلية مع تشعبات المشهد السياسي وأظهرت براغماتية شديدة في التعامل مع القوى الخارجية المتدخلة في الشأن العراقي.
ويقول المتابعون إن لا فيتو خارجيا على الكاظمي وحتى من طهران التي لا تجد ضررا في إعادة تكليفه طالما أنه لا يشكل خطرا على مصالحها.
ويلفت المتابعون إلى أن العقبة الوحيدة بالنسبة إلى الكاظمي هو موقف الميليشيات، لكن الأخيرة لا تملك بيدها الكثير لفعله إذا ما أصر الصدر على تسميته وإذا ما حاز على دعم الكتلتين السنية والكردية.
وكان الكاظمي زار الاثنين الماضي زعيم تحالف الفتح الهادي العامري في مكتبه ببغداد، فيما بدا الهدف من هذه الزيارة ترطيب الأجواء، وتليين موقف الميليشيات حياله.
العرب