الباحثة شذى خليل
شهدت أسعار صرف الدولار الأمريكي انخفاضا طفيفا مقابل الدينار العراقي في الأسواق المحلية، وكان هذا إثر إعلان مجلس النواب العراقي عزمه عقد اجتماع مع وزير المالية علي علاوي ومحافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف لمناقشة سعر صرف الدولار، حيث انخفض متوسط سعر الدولار مقابل الدينار العراقي، في شركات الصيرفة بالعاصمة بغداد، إلى نحو 1460 دينارا للشراء، و1470 دينارا للبيع حسب مصادر مطلعة.وسجل سعر الدولار على شاشة البنك المركزي العراقي نحو 1460 دينارا، وهو السعر الذي تشتري به البنوك الدولار، بينما تبيع البنوك، الدولار للمواطنين، بنحو 1470 دينارا لكل دولار.حيث كان قرار البرلمان العراقي مناقشة المسؤولين بناء على “توجيهات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر” وقدموا مقترحات مهمة بشأن سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، وذلك للسيطرة على سعر الصرف والحدّ من الانعكاسات السلبية التي خلفها رفع قيمة العملة الأجنبية مقابل الدولار.وأيضا استدعاء وزير المالية ومحافظ البنك المركزي تحت قبة البرلمان،
وتنظيم سوق العملة العراقية بصورة مركزية وسن “بعض القوانين التي تزيد في قيمة سعر صرف الدينار العراقي”.ومن ضمن المقترحات إيقاف تهريب العملة وكذلك الفواتير المزوّرة، “بقوة وحزم”.كما دعا الصدر الى النظر في أمر بعض البنوك مثل بنك الشرق الأوسط القابض والأنصاري العائدة لبعض الأشخاص المتحكمين بالعملة، وبعض المصارف الأهلية الأخرى.زعيم التيار الصدري، اقترح تنظيم سوق العملة العراقية بصورة مركزية بأسلوب صحيح، وبسن بعض القوانين التي تزيد من قيمة سعر صرف الدينار العراقي، الى جانب التعامل “بحزم” مع بعض البنوك العائدة لبعض الأحزاب المتحكمة في البلاد.وبمجرد الإعلان عن قرار الاستدعاء سجلت أسعار بيع الدولار في السوق المحلية انخفاضا طفيفا حيث بلغ سعر الورقة النقدية من فئة 100 دولار أميركي 147500 دينار مقارنة بـ148 ألف دينار في اليوم السابق.تقول الباحثة والخبيرة الاقتصادية العراقية سلام سميسم إن “أي قرار لرفع قيمة الدينار أمام الدولار قد يحقق بعض الفائدة، لكنه لن يؤدي بالضرورة لعودة مستويات التضخم لما كانت عليه في السابق”.
وان قرار خفض قيمة الدينار العراقي، اتخذ عندما كان سعر برميل النفط في الأسواق العالمية يتراوح بين 40 و50 دولارا، مقارنة بسعره اليوم الذي وصل لأكثر من 90 دولارا، انه ذو فائدة محدودة.”البنك المركزي العراقي“أعلن البنك المركزي العراقي، أن سعر صرف الدولار مستقر ولا توجد نوايا لتغييره، ومن المهم في هذه المرحلة ان تتضاعف جهود مؤسسات الحكومة لتحسين المستويات الاقتصادية للطبقات الفقيرة.وتؤكد نتائج المناقشات التي دارت أثناء استضافة محافظ البنك المركزي العراقي في مجلس النواب يوم السبت الموافق 2022/2/19، ضرورة “تضافر جهود مؤسسات الحكومة كافة لتحسين المستويات الاقتصادية والمعيشية للطبقات الفقيرة التي تأثرت بارتفاع معدل التضخم، وان البنك يمتلك احتياطيات أجنبية كافية لاستقرار سعر الصرف الحالي”.وكانت الحكومة العراقية قد قررت في كانون الأول 2020 رفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، في إطار مساعيها لمعالجة العجز المالي الذي يواجه البلد، وأثر قرار رفع قيمة الدولار أمام الدينار العراقي بشكل كبير على حركة السوق والأسعار، ما انعكس بشكل سلبي على الواقع المعيشي للشعب وخصوصاً الطبقة محدودة الدخل.أما وزارة المالية العراقية فتؤكد ان تغيير سعر صرف الدينار جاء بالتزامن مع تطبيق مشروع الإصلاح الاقتصادي الذي أطلقت الحكومة العراقية عليه مسمى “الورقة البيضاء” وكان خياراً ضروريا لإصلاح النظام الهيكلي للاقتصاد العراقي.وتضمنت “الورقة البيضاء” مقترحات من بينها تخفيض الرواتب الحكومية بنسب تتراوح من 12-25 بالمئة، ورفع الدعم الحكومي عن بعض القطاعات، وإيقاف تمويل صندوق التقاعد من الموازنة،
وتخفيض الدعم الحكومي للشركات العامة، واستيفاء أجور الكهرباء “وفق التسعيرة العالمية” وزيادة أجور الكمارك والضرائب”.إن “تغيير سعر الصرف أعطى قوة كبيرة في المفاصل الاقتصادية للبلاد، وهو يتوافق مع تصريحات البنك المركزي التي أكدت أن رفع سعر الصرف أدى إلى زيادة إمكانية تنافس المنتج المحلي، ولتخفيض ضغط النفقات على وزارة المالية بنسبة 23% وهو ما مكّن وزارة المالية من تجاوز الأزمة الناتجة عن انخفاض أسعار النفط عالميا خلال 2020 والأشهر الأولى من 2021”.وتبين إحصاءات المنظمات الدولية المختصة الى أن الناتج المحلي الإجمالي نما بنسبة 9٪ للنصف الاول من عام 2021 ، ونمو الاقتصاد غير النفطي بنسبة تزيد عن 21 % في النصف الأول من عام 2021 وهذا يعود لقوة الأداء في قطاعات الخدمات بعد تخفيف تدابير الوقاية من فيروس كورونا المستجد، وقلل هذا الانتعاش التراجع في قطاع النفط بنسبة 10 % في النصف الأول من عام 2021، حيث عدل العراق حصته في منظمة أوبك ومنذ ذلك الحين، زادت أوبك من حصة إنتاج الدول الأعضاء تدريجيا مما انعكس على زيادة في الناتج المحلي الإجمالي وبلغ معدل التضخم العام والأساسي في العراق للفترة من كانون الثاني الى تموز 2021 ، 5.2 % و 6.3 % على التوالي،
بسبب زيادة الطلب المحلي وعدم كفاية المعروض السلعي على تلبية كامل الطلب المتزايد، إلى جانب تأثر التضخم إيجابا بسبب انخفاض أسعار الواردات في بعض البلدان المصدرة التي تواجه تدهورا في قيمة عملاتها المحلية .ختاما الخبراء يؤكدون أن البنك المركزي هو المسؤول عن رسم السياسة المالية بالتنسيق مع وزارة المادية، وأن الوقت ليس مناسبا لأي قرار بخفض أو رفع قيمة الدينار العراقي، ومن المهم اتخاذ إجراءات للحد من الفساد في عملية مزاد بيع العملة وضبط أسعار المواد في السوق، وتنمية الإصلاحات والاستثمارات والعمل على الاستقرار السياسي لتوفير بيئة استثمارية ناجحة لتقدم الاقتصاد، وانه ليس من صلاحية الحكومة اتخاذ مثل هكذا قرار، وإنما الأمر يخضع للبنك المركزي حصريا.
وحدة الدراسات الاقتصادية/ مكتب شمال أمريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية