الكاظمي يرفض دخول الحشد الشعبي في صراع الصدر والإطار التنسيقي

الكاظمي يرفض دخول الحشد الشعبي في صراع الصدر والإطار التنسيقي

بغداد – رفض رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي القائد العام للقوات المسلحة مساء الثلاثاء الزج بالقوات الأمنية والعسكرية العراقية في الصراعات السياسية، وذلك ردا على إعلان هيئة الحشد الشعبي استعدادها للدفاع عن مؤسسات الدولة بعد محاصرة أنصار التيار الصدري مجلس القضاء الأعلى.

وقالت هيئة الحشد في بيان مساء الثلاثاء إنها حرصت “على ألّا تكون طرفا في الأزمة السياسية الراهنة، في الوقت الذي تجد فيه الهيئة أنها ملزمة بحماية السلم الأهلي والدفاع عن الدولة، ومنع انهيار ركائزها وحماية الدستور الذي أقسم الجميع على حمايته والالتزام به”.

ورغم أن الهيئة طالبت جميع قيادات عملياتها وقيادة عمليات سامراء خاصة بـ”عدم الدخول في المعترك السياسي”، وهددت “بمحاسبة المخالفين”، إلا أنها أبدت “استعدادها للدفاع عن مؤسسات الدولة التي تضمن مصالح الشعب، وعلى رأسها السلطة القضائية والتشريعية، وعن النظام السياسي والدستور”.

وحرصا من الحكومة العراقية على عدم جرّ البلاد إلى أتون حرب أهلية شيعية – شيعية وجّه الكاظمي “بتطبيق أقسى العقوبات القانونية بحق أي منتسب في القوى الأمنية والعسكرية العراقية ممن يخالف التعليمات الثابتة”، وفق بيان للناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة يحي رسول.

وأضاف البيان أن “القائد العام يؤكد أن القوى الأمنية والعسكرية العراقية لن تنجر إلى الصراعات السياسية، ولن تكون طرفا فيها، وسيبقى واجبها دوما حماية العراق ومقدراته، وقدسية الدم العراقي”.

وشدد “على ضرورة إجراء الوحدات الأمنية والعسكرية كافة تدقيقا لمنتسبيها، وتطبيق الإجراءات القانونية بحق المخالفين ومنع إصدار المؤسسات الأمنية والعسكرية أي بيان ذي طابع سياسي أو يمثل تجاوزا وإيحاء بعدم التزام أي مؤسسة بالسياق العسكري والأمني المعمول به”.

وتوجّه المئات من مناصري التيار الصدري إلى مبنى مجلس القضاء الأعلى، معلنين البدء باعتصام “حتى تحقيق” لائحة مطالب، أبرزها “حلّ البرلمان”، وفق بيان لإعلام التيار الصدري.

ونصب المعتصمون الخيام أمام مبنى أعلى سلطة قضائية في البلاد وسط انتشار أمني كثيف. ورفع البعض الأعلام العراقية بينما رفع البعض الآخر صور مقتدى الصدر. بالإضافة إلى ذلك وصلت إلى المكان شاحنات محمّلة بقدور طعام كبيرة.

وفي أعقاب الاعتصام، قرر مجلس القضاء الأعلى تعليق أعماله والمحاكم التابعة له والمحكمة الاتحادية، احتجاجا على اعتصام أنصار التيار الصدري أمام مقره.

واتهم المجلس، في بيان، التيار الصدري “بالضغط على المحكمة الاتحادية العليا لإصدار القرار بالأمر الولائي بحل مجلس النواب وإرسال رسائل تهديد للضغط على المحكمة”.

وفي خطوة للتهدئة وامتصاص التصعيد دعا القيادي الصدري صالح محمد العراقي أنصار التيار إلى الانسحاب من أمام مجلس القضاء الأعلى لـ”الحفاظ على سمعة الثوّار، ولعدم تضرر الشعب”، مع استمرار اعتصام المتظاهرين أمام مبنى البرلمان.

ومساء الثلاثاء، أعلن مجلس القضاء الأعلى استئناف العمل في كافة المحاكم اعتبارا من الأربعاء، إثر انسحاب أنصار التيار الصدري من أمام مقر المجلس في العاصمة بغداد.

وقال المجلس في بيان “بالنظر لانسحاب المتظاهرين وفك الحصار عن مبنى مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا، تقرر استئناف العمل بشكل طبيعي في كافة المحاكم اعتبارا من صباح الغد (الأربعاء)”، بحسب وكالة الأنباء العراقية الرسمية.

وأكد المجلس “المضي باتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يخالف القانون ويعطل المؤسسات العامة”.

وفي الرابع عشر من أغسطس الجاري، أعلن مجلس القضاء الأعلى عدم امتلاكه صلاحية حل مجلس النواب، ردا على طلب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

وينصّ الدستور العراقي في المادة 64 منه على أن حلّ مجلس النواب يتمّ “بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناء على طلب من ثلث أعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية”.

ومع فشل أنصار التيار الصدري في تطويع السلطة القضائية التي كان قرارها محرجا للصدريين، خصوصا مع إغلاق المحاكم ودور القضاء، يعتزم الإطار التنسيقي الحليف لإيران حشد أنصاره للتظاهر مجددا لفك اعتصام أنصار الصدر من أمام مبنى البرلمان.

ونقلت وكالة “شفق نيوز” عن قيادي في الإطار التنسيقي قوله الأربعاء إن “الإطار التنسيقي يجهز لتحشيد أنصاره لتظاهرة تطالب باستئناف جلسات البرلمان العراقي المعطل منذ نحو شهر”.

ورجح المصدر أن يكون “موقع التظاهرة في ذات المكان الذي تتمركز به جماهير الإطار عند أسوار المنطقة الخضراء، من دون تحديد موعدها بعد، لكنها لن تتجاوز الأيام القليلة المقبلة”.

وأشار إلى أن “هدف التظاهرة هو مطالبة الجهات المعنية بكسر الحصار عن البرلمان واستئناف جلساته، إلى جانب استقطاب التأييد الدولي لإعادة الشرعية لمؤسسات الدولة”.

ويعيش العراق منذ الانتخابات البرلمانية في أكتوبر 2021، في شلل سياسي تام مع العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، في ظل خلافات سياسية متواصلة.

وارتفع مستوى التصعيد بين التيار الصدري وخصومه في الإطار التنسيقي في الثلاثين من يوليو، عندما اقتحم مناصرو الصدر مبنى البرلمان العراقي في المنطقة الخضراء المحصنة في وسط بغداد، مطالبين بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

ويريد خصوم الصدر في الإطار التنسيقي الذي يضمّ كتلة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة للحشد الشعبي، من جهتهم تشكيل حكومة قبل الذهاب إلى انتخابات مبكرة.

ويقيم مناصرو الإطار التنسيقي أيضا اعتصاما أمام المنطقة الخضراء التي تضمّ مؤسسات حكومية ومقرات دبلوماسية غربية منذ الثاني عشر من أغسطس.

وفي العاشر من أغسطس، طالب مقتدى الصدر القضاء بحلّ البرلمان، لكن القضاء اعتبر أنه لا يملك هذه الصلاحية.

ولم تفض محاولات الحوار بين الطرفين إلى نتيجة بعد. وعقد قادة الكتل السياسية العراقية في قصر الحكومة في بغداد الأسبوع الماضي اجتماعا، قاطعه التيار الصدري، وكان دعا إليه الكاظمي في محاولة لإيجاد مخرج للأزمة.

وشارك قياديون في الإطار التنسيقي، لاسيما رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ورئيس كتلة الفتح هادي العامري، في هذا الحوار الذي حضره بالإضافة إلى الكاظمي، رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان، ومبعوثة الأمم المتحدة جنين بلاسخارت.

وكرّر التيار الصدري أكثر من مرّة رفضه للحوار. وقال الصدر في تغريدة قبل يومين إنه قدّم “مقترحا للأمم المتحدة لجلسة حوار علنية… فلم نر جوابا ملموسا”.

وأضاف “لا يتوقعوا منّا حوارا سريا جديدا بعد ذلك”، مضيفا “لقد تنازلت كثيرا من أجل الشعب والسلم الأهلي. وننتظر ماذا في جعبتهم من إصلاح ما فسد لإنقاذ العراق”.

العرب