طهران – قال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي إن طهران لن تقبل المطالب “المفرطة” للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، التي أظهر تقرير لها أن إيران تمضي قدما في تحديث برنامجها المتقدم لتخصيب اليورانيوم في محطة التخصيب تحت الأرض في نطنز (وسط).
وبعد محادثات غير مباشرة استمرت شهورا، تكافح طهران وواشنطن لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015. ونقطة الخلاف الرئيسية هي إصرار طهران على إغلاق وكالة الطاقة الذرية تحقيقاتها في ما يتعلق بآثار يورانيوم عُثر عليها في ثلاثة مواقع غير معلنة، قبل إحياء الاتفاق النووي.
ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية شبه الرسمية عن كمالوندي قوله “نعتبر مطالب الوكالة الدولية مفرطة لأن تنفيذها مستحيل بسبب العقوبات. إذا رفعوا العقوبات، فإن إيران سترد بالمثل”.
ولم يتضح ما إذا كان كمالوندي يشير إلى تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي وقت سابق الاثنين شدد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في مؤتمر صحافي عقده الاثنين، على أهمية رفع العقوبات الغربية المفروضة على بلاده، وحل كافة قضايا الضمانات التي طلبتها إيران خلال المفاوضات النووية من أجل العودة إلى الاتفاق النووي الموقع عام 2015.
كما أكد أن أي خارطة طريق لاستعادة اتفاق طهران النووي مع القوى العالمية يجب أن تشمل إنهاء المفتشين الدوليين لتحقيقاتهم حول جزيئات اليورانيوم الاصطناعية، التي عثر عليها في مواقع لم يتم الإعلان عنها في البلاد.
وأتت هذه التصريحات بينما تدرس طهران الردّ الأميركي على مقترحات تقدمّت بها الجمهورية الإسلامية تعقيبا على مسودة “نهائية” عرضها الاتحاد الأوروبي، بهدف إنجاز مباحثات غير مباشرة بين الطرفين بدأت العام الماضي، بغية إحياء اتفاق 2015 الذي انسحبت منه واشنطن في 2018.
وكررت إيران على مدى الأشهر الماضية، طلبها إنهاء قضية المواقع، خصوصا في أعقاب إصدار مجلس محافظي الوكالة الدولية في يونيو، قرارا يدين عدم تعاونها مع المدير العام للوكالة رافايل غروسي في القضية.
وأثارت الخطوة انتقادات لاذعة من إيران، التي ردّت بوقف العمل بعدد من كاميرات المراقبة العائدة للوكالة الدولية في بعض منشآتها.
وكان غروسي شدد في حديث لشبكة “سي.أن.أن” الأميركية الأسبوع الماضي، على أن هيئته لن تغلق ملف المواقع غير المعلنة في إيران بدافع سياسي.
وأوضح “فكرة أن نعمد إلى التوقف عن القيام بعملنا بدافع سياسي غير مقبولة بالنسبة إلينا”، معيدا التأكيد أن إيران “لم تقدم لنا إلى الآن إيضاحات مقبولة تقنيا نحتاج إليها” لتفسير مسألة المواد النووية.
وأتاح الاتفاق المبرم بين طهران وست قوى دولية كبرى، واسمه الرسمي “خطة العمل الشاملة المشتركة”، رفع عقوبات عن الجمهورية الإسلامية لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها، إلا أن الولايات المتحدة انسحبت أحاديا منه خلال عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، معيدة فرض عقوبات على إيران التي ردت ببدء التراجع تدريجيا عن معظم التزاماتها.
وبدأت إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، الصين) مباحثات لإحيائه في أبريل 2021، تم تعليقها مرة أولى في يونيو من العام ذاته. وبعد استئنافها في نوفمبر، علّقت مجددا منذ منتصف مارس مع تبقي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، رغم تحقيق تقدم كبير في سبيل إنجاز التفاهم.
وأجرى الطرفان بتنسيق من الاتحاد الأوروبي مباحثات غير مباشرة ليومين في الدوحة أواخر يونيو، لم تفض إلى تحقيق تقدم يذكر. وفي الرابع من أغسطس، استؤنفت المباحثات في فيينا بمشاركة من الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.
وبعد أربعة أيام من التفاوض، أكد الاتحاد الأوروبي أنه طرح على الطرفين الأساسيين صيغة تسوية “نهائية”.
وقدّمت طهران بداية مقترحاتها على هذا النص، وردّت عليها الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. وأكدت طهران أنها تقوم بدراسة هذا الردّ قبل إبداء رأيها إلى الاتحاد الأوروبي.
وأظهر تقرير أرسله غروسي إلى الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاثنين أنّ إيران بدأت بتخصيب اليورانيوم في إحدى مجموعات أجهزة الطرد المركزي المتطوّرة “آي.آر – 6″، التي تمّ تركيبها مؤخّرا في جزء يقع تحت الأرض من محطة نطنز.
ويقول دبلوماسيون إن “آي.آر – 6” هو أكثر طرز إيران من أجهزة الطرد المركزي تطورا وأكفأ كثيرا من الجيل الأول من “آي.آر – 1″، وهو الطراز الوحيد الذي يسمح الاتفاق لإيران باستخدامه في التخصيب.
وتستخدم إيران منذ أكثر من عام أجهزة الطرد المركزي من طراز “آي.آر – 6” لتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المئة، القريبة من درجة النقاء اللازمة لصنع أسلحة، في محطة فوق سطح الأرض في نطنز.
ووسعت إيران في الآونة الأخيرة مستوى تخصيبها لليورانيوم باستخدام أجهزة “آي.آر – 6” في مواقع أخرى. وفي الشهر الماضي بدأت سلسلة ثانية من “آي.آر – 6″، في موقع فوردو الموجود داخل جبل، تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 20 في المئة.
وسيشمل الاتفاق التراجع عن الكثير من أعمال التخصيب التي كانت تقوم بها إيران، ووضع حد أقصى للتخصيب عند درجة نقاء 3.67 في المئة. ولكن تركيبها لأجهزة متطورة في مواقع تحت الأرض مثل نطنز وفوردو يمكن أن يكون إشارة إلى أي قوة قد ترغب في مهاجمتها في حالة عدم التوصل إلى اتفاق، لأنه من غير الواضح ما إذا كانت الضربات الجوية على تلك المواقع ستكون فعالة.
العرب