أستانة- نجحت تركيا في مضاعفة تبادلها التجاري مع كازاخستان، بالتزامن مع زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى أستانة، في خطوة قال مراقبون إنها تظهر حجم استفادة تركيا من التغييرات التي أفرزتها حرب أوكرانيا وانشغال روسيا بها، ما فتح للرئيس التركي أبواب آسيا الوسطى وجعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه يراهن عليه كبوابة وسيطة بينه وبين الغرب.
وصرح الرئيس التركي بأن بلاده وكازاخستان تمضيان قدما نحو تحقيق هدف 10 مليارات دولار في التبادل التجاري.
جاء ذلك خلال مؤتمر صُحفي مشترك عقده الأربعاء مع رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في العاصمة أستانة.
◙ تركيا تراهن على الانتماء العرقي الذي يجمع بينها وبين جمهوريات وسط آسيا لتحويل منظمة الدول التركية من أهدافها القائمة على التعاون التقليدي إلى عالم تركي بمصير مشترك
وقال أردوغان “حجم التبادل التجاري بين تركيا وكازاخستان قارب 5 مليارات دولار خلال العام الماضي، ونواصل المضي قدما نحو تحقيق هدفنا المتمثل في 10 مليارات دولار على المدى المتوسط”.
وأكد الرئيس التركي على مواصلة البلدين تعزيز الروابط في مجالات الطاقة والنقل، وخاصة ما تعلق بتطوير الممر الأوسط، مشددا على أن الشركات التركية تعد من أكبر المستثمرين في كازاخستان، وأن قيمة استثماراتها في هذا البلد تجاوزت 4 مليارات دولار.
والممر الأوسط هو بديل الممر الشمالي الرابط بين الصين وأوروبا، ويَعْبر تركيا باتجاه منطقة القوقاز، ومنها يعبر بحر قزوين إلى تركمانستان وكازاخستان وصولاً إلى الصين، ويقع الممر الذي يمتد من بكين إلى لندن في مركز نقل تجاري تبلغ قيمته 600 مليار دولار سنويّا.
وتخدم الظروف التي يعيشها الرئيس الروسي بسبب الحرب إستراتيجية أردوغان في أن تتحوّل تركيا إلى معبر رئيسي لغاز آسيا الوسطى وروسيا نفسها، حيث اقترح بوتين الأربعاء أن تعيد بلاده توجيه الإمدادات المخصصة لخط أنابيب نورد ستريم التالف إلى البحر الأسود لإنشاء مركز غاز أوروبي رئيسي في تركيا.
وتراهن تركيا على الانتماء العرقي الذي يجمع بينها وبين جمهوريات وسط آسيا لتحويل منظمة الدول التركية من أهدافها القائمة على التعاون التقليدي إلى عالم تركي بمصير مشترك اقتصاديا وسياسيا وثقافيا ويمكن أن يتحول إلى قطب إقليمي مؤثر، خاصة أن دوله تحوز مواردَ طبيعية متنوعة.
ويقع المقر الرئيسي لمنظمة الدول التركية في إسطنبول، وتضم كلا من تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقرغيزستان وأوزبكستان. وتعود فكرة تأسيس هذا القطب إلى فترة الرئيس التركي الراحل تورغوت أوزال.
ويرى المراقبون أن الرئيس التركي نجح في استثمار انشغال روسيا بالحرب والتحرك في مجالها الحيوي، بالتركيز على الجمهوريات الإسلامية التي تمتلك إمكانيات كبرى، خاصة في مجال الطاقة، والسعي لتمتين علاقاتها البينية داخل “العالم التركي” الذي يسعى أردوغان لتحويله إلى قوة اقتصادية كبيرة خادمة لاقتصاد بلاده، وهي منطقة مثار تنافس بين روسيا وتركيا، بالرغم مما يبدو في الفترة الأخيرة من تهدئة بينهما بسبب تطورات الحرب الروسية – الأوكرانية.
وأظهرت كازاخستان خلال فترة الحرب حرصا على النأي بالنفس وعدم إظهار وقوفها بشكل واضح إلى جانب روسيا التي كان لها الفضل في إنقاذ حكم توكاييف بعد مظاهرات واسعة سعت لإسقاطه.
ويشير المراقبون إلى أن الرئيس التركي يراهن على أن تستفيد بلاده قدر المستطاع من العقوبات المفروضة على روسيا، وتكون هي البديل بالرغم مما يبدو في الواجهة من تناغم تركي – روسي في ملفات مختلفة، وخاصة ملف الحرب في أوكرانيا. وهو ما يفسر المسارعة إلى الإعلان عن مضاعفة سعة خط تاناب لنقل الغاز الأذري إلى أوروبا عبر الأناضول من 16 مليار متر مكعب إلى 32 مليارا في قلب تداعيات أزمة الغاز بين روسيا والاتحاد الأوروبي.
وتعمل أنقرة على الاستفادة من الأزمة التي نشبت بين الغرب وروسيا بسبب الحرب التي شنتها الأخيرة على أوكرانيا، وتقليص إمدادات الغاز الروسي نحو أوروبا، لتكون بوابة لمرور غاز آسيا الوسطى إلى أوروبا.
العرب