المنامة – انطلقت صباح السبت الانتخابات البرلمانية والبلدية بمملكة البحرين، وسط تنافس عدد قياسي من المرشحين، بعد اختراق مواقع حكومية لتعطيل هذا الاستحقاق الانتخابي الذي منعت المعارضة السياسية من المشاركة فيه.
وبدأ الناخبون في المملكة بالتوجه إلى مراكز الاقتراع العامة والفرعية في كافة المحافظات، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات النيابية والبلدية التي بدأت في الساعة الثامنة من صباح السبت وتستمر حتى الساعة الثامنة مساء.
وشهدت مراكز الاقتراع قبيل افتتاحها توافد المواطنين المسجلين للانتخابات النيابية والبلدية لأداء واجبهم الوطني في الاستحقاق الانتخابي.
وبدأ 15 مركزاً عاماً، و40 مركزاً فرعياً من مراكز الاقتراع الموزعة وفقا للدوائر الانتخابية بمختلف أنحاء المملكة استقبال الناخبين ممن يحق لهم التصويت في الانتخابات البالغ عددهم 344713 ناخبًا.
وسيختار الناخبون البحرينيون، من بين 507 مترشح حسب القوائم النهائية، 40 نائبًا لتمثيلهم في مجلس النواب، و30 عضوًا للمجالس البلدية.
وتشهد هذه الانتخابات مشاركة واسعة من المرأة، بزيادة بلغت أكثر من الضعف في عدد المترشحات للانتخابات النيابية والبلدية مقارنة بالانتخابات السابقة، إذ وصل عددهن إلى 94 مترشحة من إجمالي العدد الكلي.
ويشكل الشباب في الانتخابات النيابية والبلدية البحرينية رقما مهما في الخارطة الانتخابية، سواء على مستوى أعداد المترشحين أو الناخبين.
وكان البحرينيون المقيمون في الخارج قد ادلوا بأصواتهم في 8 من نوفمبر الجاري، في 37 دولة حول العالم.
وقال رئيس هيئة التشريع والرأي القانوني المدير التنفيذي للانتخابات، المستشار نواف عبدالله حمزة، إن جميع الاستعدادات التنظيمية أُنجزت، في ظل الإشراف القضائي الكامل، لاستقبال المواطنين بمراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم لاختيار ممثليهم النيابيين والبلديين.
ويشكل الاستحقاق الدستوري الهام محطة جديدة نحو ترسيخ المسار الديمقراطي الذي أرسى دعائمه العاهل البحريني للعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة منذ توليه السلطة عام 1999 في إطار مشروعه الإصلاحي، الذي كان من أهم ثماره عودة الحياة البرلمانية والديمقراطية للبلاد وإجراء أول انتخابات عام 2002 بعد غياب لنحو ربع قرن.
ومنذ تلك الانتخابات، شهدت البحرين 5 دورات انتخابية جرى تنظيمها كل أربع سنوات في أعوام 2006 و2010 و2014 و2018.
وقبيل ساعات من انطلاق الانتخابات النيابية والبلدية تعرض الموقع الإلكتروني لمجلس النواب البحريني لعملية اختراق مساء الجمعة.
وقالت وزارة الداخلية البحرينية، الجمعة، إنه “تم استهداف مواقع إلكترونية في البلاد بهدف تعطيل العملية الانتخابية وبث رسائل سلبية للتأثير عليها”.
وذكر بيان للوزارة عبر حسابها على تويتر، أن عمليات الاستهداف هي “محاولات يائسة، ولن تنال من عزيمة المواطنين الذين سيتوجهون السبت إلى مراكز التصويت”.
وبدوها، قالت مكافحة الجرائم الإلكترونية في تدوينة نشرتها وزارة الداخلية البحرينية إن “استهداف مواقع إلكترونية بهدف تعطيل العملية الانتخابية وبث رسائل سلبية للتأثير عليها محاولات يائسة ولن تنال من عزيمة المواطنين الذين سيتوجهون غدا، وبكل تصميم، إلى مراكز التصويت لاختيار ممثليهم”.
ودعت وزارة الداخلية المواطنين إلى استقاء المعلومات من مصادرها الصحيحة، والإبلاغ عن أي شكوى أو استفسار أو ملاحظة على الخط الساخن للإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني على مدار الساعة.
وتأتي هذه الانتخابات، فيما مُنعت مجموعتا المعارضة الرئيسيتان وهما “الوفاق” الشيعية ووعد العلمانية من تقديم مرشحين على غرار انتخابات العام 2018. ويُذكر أنّه جرى حل الجمعية الأولى في 2016 والأخرى في 2017، مما دفعهما إلى دعوة الناخبين لمقاطعة الانتخابات.
وفي كل مناسبة انتخابية تتعرض مملكة البحرين إلى انتقادات من المنظمات الدولية وقوى المعارضة الخارجية لمهاجمة المملكة، وهو مشهد متكرر ولم يعد يؤثر على الناخب البحريني الذي يبقى قراره بالمشاركة في التصويت من عدمه خاضعا لاعتبارات أخرى، من ذلك حصيلة البرلمان والمجالس البلدية السابقة.
وكانت منظمة العفو الدولية اعتبرت الخميس أن الانتخابات تجري في “بيئة من القمع السياسي”. وقالت نائب المدير الإقليمي للمنظمة آمنة القلالي “في البحرين اليوم، لا توجد معارضة سياسية حقيقية”.
في مقابل ذلك، تصرّ المنامة على أن “المملكة لا تتسامح مع التمييز أو الاضطهاد أو الترويج للانقسام على أساس العرق أو الثقافة أو المعتقد”.
بل إن البحرين تتّهم جارتها إيران بتدريب جماعات مسلحة من أجل إطاحة الحكومة، وهو اتهام تنفيه طهران.
واعتبر الناشط الحقوقي المقيم في بريطانيا علي عبدالإمام أن “هذه الانتخابات لن تُدخِل أي تغيير”، موضحا “بدون المعارضة لن يكون لدينا بلد متعافٍ”.
وفي 2018، أصدرت البحرين ما يسمى قوانين العزل السياسي والمدني التي تمنع أعضاء أحزاب المعارضة السياسية السابقة ليس فقط من الترشح للبرلمان، ولكن أيضًا من الخدمة في مجالس إدارة المنظمات المدنية.
وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية نقلا عن شخصيات من المجتمع المدني البحريني، إن 6000 إلى 11000 مواطن بحريني مُنعوا بأثر رجعي من الترشح للبرلمان وعضوية مجالس الجمعيات.
ورأت المنظمة التي تتخذ نيويورك مقرّا إنّ انتخابات البحرين السبت “تعطي أملا ضئيلا في تحقيق نتائج أكثر حرية وعدالة مما كانت عليه في 2018”.
وتأتي عملية التصويت بعد أكثر من أسبوع من زيارة تاريخية قام بها البابا فرنسيس بهدف تعزيز الحوار بين الأديان، وهي الزيارة الثانية له لدولة خليجية بعد رحلة إلى الإمارات عام 2019.
وحضّ البابا خلال زيارته، من دون تحديد دولة معينة، على احترام حقوق الإنسان، قائلا إن من المهم “عدم انتهاكها” بل دعمها والترويج لها.
وتتكون البحرين من جزيرة واحدة كبيرة وحوالي 34 جزيرة صغيرة تقع قبالة الساحل الشرقي للسعودية التي ترتبط بها عن طريق جسر. وتبلغ مساحتها 700 كيلومتر مربع، وهي أصغر دولة في الشرق الأوسط.
والبحرين حليف استراتيجي للغرب وطبّعت العلاقات مع إسرائيل في عام 2020. وتستضيف الدولة الأسطول الخامس للبحرية الأميركية مع حوالي 7800 جندي أميركي منتشرين في البلاد.
وكانت بريطانيا افتتحت في أبريل 2018 في البحرين أول قاعدة عسكرية دائمة لها في الشرق الأوسط منذ عام 1971، وذلك في جنوب المنامة على أن تستضيف حوالي 300 جندي.
ومع تحصيل 80 في المئة من إيراداتها من النفط وعجز كبير في الميزانية، أعلنت المنامة في أكتوبر 2018 خطة إصلاح اقتصادي مدعومة بحزمة دعم بقيمة 10 مليارات دولار من حلفائها الخليجيين الرئيسيين.
العرب