السليمانية- سجّل سعر صرف الدولار في العراق الثلاثاء ارتفاعا غير مسبوق منذ سنوات، حيث بلغ 160 ألف دينار لكل 100 دولار أميركي بعد أن شهدت السوق في الأسابيع الماضية ارتفاعا تدريجيّا انعكس سلبا على أسعار السلع الأساسية في البلاد.
وفي حين يربط البعض ما يجري بضعف السياسات النقدية في البلاد، يرى مراقبون أن الصراع الأميركي – الإيراني هو السبب الرئيسي في ما يحدث، وسط مخاوف من تعمّق الأزمة إنْ لم يقدّم رئيس الحكومة محمد شياع السوداني ضمانات بعدم الانسياق وراء طهران.
ودعا السوداني الثلاثاء البنك المركزي العراقي إلى تحقيق الاستقرار العام للأسعار وسعر صرف الدولار وفقًا للمهام المنصوص عليها في قانون البنك المركزي العراقي.
وأوضح السوداني خلال اجتماعه مع محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب مخيف أن قانون البنك المركزي ينص على تحقيقَ استقرار سعر الصرف المحلي وتنظيم ومراقبة عمل المصارف وتعزيز سلامة وكفاءة أنظمة الدفع وتطوير نظام المدفوعات.
وشدد على “ضرورة اتخاذ البنك المركزي العراقي الإجراءات اللازمة لمنع المضاربات غير القانونية، وكل ما يضر بالسوق المحلية ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار”.
لكن عضو اللجنة المالية السابق في مجلس النواب العراقي أحمد الحاج رشيد أرجع أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي إلى الصراعات السياسية الدائرة بين الولايات المتحدة وإيران.
وقال لـ “العرب” إن “ما يحدث الآن لا يمت إلى البنك المركزي العراقي بصلة، بل إن الولايات المتحدة تعتقد أن الدولارات التي يقوم البنك المركزي العراقي بضخها في الأسواق العراقية تذهب إلى إيران، لذلك على رئيس الوزراء أن يحسم أمره بهذا الخصوص، فإذا تصرف بحنكة وعقلانية سيتمكن من إعادة سعر الصرف إلى 148 ألف دينار، أما إذا تصرف عكس ذلك فمن المتوقع أن يصل سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي إلى 175 ألف دينار”.
وبحسب الحاج رشيد طلبت الولايات المتحدة من السوداني أن يقوم بزيارة إلى واشنطن لحسم أمره، هل سيكون معها أم ضمن دائرة إيران؟ وبعد ذلك ستقرر.
ويؤكد الحاج رشيد أن واشنطن تعلم جيدا أن استمرار طهران في الصمود طوال هذه الفترة أمام الضغوط التي تفرضها عليها راجع إلى التبادل التجاري الحاصل مع العراق، لذلك تريد منع بغداد من التعامل مع طهران حتى بالدينار العراقي.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة تخطط لمنع إيران من تصدير الغاز والكهرباء إلى العراق في الفترة المقبلة، مرجحا أن تقوم واشنطن خلال الفترات القادمة بفرض عقوبات على عدد من الشخصيات والمؤسسات العراقية وأن تضع هذه الشخصيات والمؤسسات ضمن القائمة السوداء للخزانة الأميركية.
ويعتقد الحاج رشيد أن هذا الإجراء إذا حصل سيلحق ضررا كبيرا بقيمة الدينار العراقي، غير مستبعدٍ أن يتعرض السوداني وحكومته الإطارية إلى ضغوط إذا اختار أن يكون ضمن دائرة إيران.
وتابع “إذا لم يحسم السوداني أمره خلال الفترة المقبلة ولم ينضم إلى المعسكر الأميركي، ستبدأ مظاهرات واحتجاجات الصدريين (التيار الصدري) وستتعرض حكومة السوداني إلى الشلل التام”.
وشهدت مبيعات البنك المركزي العراقي، أو ما يعرف محليا بمزاد بيع العملة، اضطرابا كبيرا خلال الأسابيع الماضية، بعد تراجع في بيع العملة قُدر بنسبة تتراوح بين 40 و50 في المئة، وهو ما يراه اقتصاديون مرتبطا بارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية (السوق السوداء)، ما ترتّب عليه ارتفاع سعر الصرف إلى أكثر من ألف دينار للدولار الواحد.
وكشف البرلماني الكردي عن محافظة السليمانية سوران عمر عمّا أسماه بـفضيحة مصرف تجاري قام بعملية تبييض أموال.
وقال عمر لـ”العرب” إن “10 شركات تجارية تأسست بأسماء مواطنين من أهالي السليمانية دون أن يكون لأولئك علم بها”، لافتا إلى أن “تأسيس تلك الشركات التجارية كان بهدف عملية تبييض الأموال وتهريب العملة إلى الخارج”.
وأشار إلى أن تلك العملية تمت عن طريق فرع مصرف الشرق الأوسط في السليمانية الذي استغل وثائق زبائن في تأسيس شركات وهمية حصلت على قروض بالمليارات ثم هرّبت الأموال إلى الخارج بحجة استيراد السلع.
وأوضح سوران عمر، الذي يتخذ موقفا معارضا للسلطات، أن مسؤول فرع المصرف في السليمانية هو مواطن كردي ومن أهالي السليمانية، وقد رفع العديد من الزبائن دعاوى قضائية ضد المصرف بعد قيام مديرية الاستخبارات الاتحادية بالتحري عن أسماء أصحاب تلك الشركات وقطع البطاقة التموينية عنهم.
العرب