أبو وائل ذياب، وهو سوري يبلغ من العمر 43 سنة، كان من بين ستة سجناء في غوانتانامو تم إطلاق سراحهم الأسبوع الماضي، ونقل إلى أوروغواي بعد أن أمضى 13 عامًا في المعتقل الأمريكي. وكان قد تم السماح بالإفراج عن ذياب منذ عام 2009، إلا أن هذا الزوج، والأب لأربعة أبناء، وجد نفسه في السجن لعدة سنوات إضافية، وفي ظروف تتميز بالإذلال والمعاملة غير الإنسانية.
وردًا على ما اعتبروه ظروفًا بائسة بشكل متزايد، سعى ذياب والعديد من معتقلي غوانتانامو الآخرين مرارًا لتوظيف وسيلة المقاومة الوحيدة المتاحة لهم داخل المعتقل، وهي رفض الطعام.
وصرح ذياب العام الماضي، واصفًا دوافعه ودوافع الأسرى الآخرين المضربين عن الطعام: “لقد تخلينا عن الأشياء التي تعتبر هامة: الطعام والشراب”، وأضاف: “لقد فعلنا ذلك للحصول على إجابات لأسئلتنا: ما هو ذنبنا؟ وما هي جريمتنا؟”.
وفي الأسبوع الماضي، قرر البنتاغون عرقلة الإفراج عن فيديوهات تظهر الجنود الأمريكيين وهم يحاولون إجبار ذياب وغيره على تناول الطعام. وتعد هذه الممارسة مؤلمة، حيث انتقدتها منظمات حقوق الإنسان بقوة، واصفة إياها بـ”المعاملة القاسية، والغير إنسانية، والمهينة”.
وجادل الأدميرال في البحرية الأمريكية، هاريس سنكلير، بأن الإفراج عن الأشرطة من شأنه أن يوفر دعاية لجماعات متشددة معادية فقط، وأن يؤدي إلى تأجيج الرأي العام ضد الولايات المتحدة.
وفي شهادة خطية من سبع صفحات، نشرت على الملأ الأسبوع الماضي، أوضح هاريس المنطق وراء حفظ ملفات الفيديو بعيدًا عن متناول الرأي العام، قائلًا: “على الرغم من أن أشرطة الفيديو هذه لا تظهر في رأيي أي معاملة غير لائقة مع المعتقلين، وإنما التفاعل القانوني والإنساني المناسب بين الحراس والمعتقلين. إلا أنني أعتقد بأن الأشخاص والكيانات المعادية للولايات المتحدة من المرجح أن يروا في الأشرطة خلاف ذلك”.
وبعبارة أخرى، يقول بيان هاريس إن “أشرطة الفيديو حول استخدام القوة في إطعام المساجين، هي في آن واحد إنسانية وملائمة، ولكنها أيضًا مروعة بصريًا بحيث أن الناس في جميع أنحاء العالم سوف يغضبون لمشاهدتها”. وحله لتجنب رد الفعل العنيف المحتمل ضد سياسات الولايات المتحدة هو تطويق الرقابة العامة، ومنع أي شخص من رؤية واقع معاملة المحتجزين.
وفي الواقع، ينطوي إجراء التغذية القسرية على تكبيل السجين الغير راغب بتناول الطعام بعنف إلى كرسي، ويتم تمرير أنابيب إلى داحل جسم السجين من خلال تجويف الأنف.
وقد وصف سجين غوانتانامو، سمير ناجي حسن مقبل، تجربته الخاصة مع هذا الإجراء، في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز. وقال مقبل: “فرقة من ثمانية من ضباط الشرطة العسكرية في مكافحة الشغب، قيدوا يدي وقدمي إلى السرير. ومن ثم غرزوا قسرًا IV في يدي. وبقيت لـ 26 ساعة في هذه الحالة، ومقيدًا إلى السرير”.
وأضاف: “لن أنسى أبدًا أول مرة مرروا فيها أنبوب تغذية عبر أنفي. لا أستطيع أن أصف كم هي مؤلمة هذه الطريقة. لقد جعلتني أشعر برغبة في التقيؤ. أردت أن أتقيء، ولكن لم أستطع. كان هناك عذاب في صدري وحلقي ومعدتي. لم أشهد يومًا مثل هذا الألم من قبل. لا أود أن تنفذ هذه العقوبة القاسية بحق أي شخص آخر“.
وعلى عكس ذياب، الذي فاز الأسبوع الماضي بحريته، لا يزال مقبل في سجن غوانتانامو، مع وجود احتمال ضئيل بأن يتم الإفراج عنه.
وفي حين أن المسؤولين العسكريين قد يكونون قادرين بالفعل على رؤية إجراء التغذية القسرية على أنه نوع من التفاعل الحميد بين الحارس والمعتقل، فمن الصحيح أيضًا أن العديد من الناس الآخرين في الولايات المتحدة وحول العالم من المرجح ألا يكون لديهم نفس رد الفعل على مثل هذه اللقطات.
ولأن هذا الغضب العام قد يكون جيدًا لوضع حد فوري لهذه الممارسة، أو في المطالبة بالتوصل إلى حل للمستنقع القانوني الذي يعيش فيه سجناء غوانتانامو، فإن العالم يحتاج لرؤية أشرطة الفيديو هذه.
مرتضى حسين – ذا إنترسيبت (التقرير)