الخرطوم – يؤكد التحشيد العسكري المتصاعد في السودان أن الحسم العسكري خيار الطرفين المتحاربين وأن بإمكان كل طرف حسم المعركة لصالحه بعيدا عن أروقة المفاوضات والدبلوماسية.
ويتحدث الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان عن توسيع نطاق عملياته في جميع مناطق العاصمة الخرطوم ضد قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، فيما أعلنت الأخيرة تعزيز صفوفها بانضمام قوات درع السودان.
وبانضمام قوات درع السودان يبدو أن الوضع في السودان لن يهدأ؛ إذ أن هذا الانضمام قد يقلب موازين القوى.
وأعلنت قوات درع السودان بقيادة اللواء أبوعاقلة محمد أحمد كيكل الثلاثاء انضمامها بكامل عناصرها وعتادها إلى قوات الدعم السريع.
وقال كيكل، بحسب مقطع فيديو بثته قوات الدعم السريع على منصة إكس، إن قواته انضمت إلى صفوف الدعم السريع لمحاربة من سمّاهم “الفلول” والانتصار لقضايا البلاد والمهمشين فيها.
وتكمن أهمية هذا الإعلان في أن قوات درع السودان تسيطر فعلياً على منطقة سهل البطانة وسط البلاد، وهي منطقة معروفة بموقعها الإستراتيجي الممتاز والحدودي مع إثيوبيا.
إلا أن قرارها كان مفاجئاً، خصوصا أنها لطالما رفضت الحرب بين الطرفين منذ بدايتها، ودعت إلى الحوار داعمة مباحثات جدة.
انضمام قوات درع السودان، التي قوامها 75 ألف مقاتل، إلى الدعم السريع قد يقلب موازين القوى على الأرض
وتتكون قوات درع السودان من 75 ألف مقاتل وتتمركز في مناطق سهل البطانة الذي يمتد من شرق الجزيرة في وسط السودان حتى مدينة القضارف في الشرق وعطبرة في الشمال.
ودعت قوات درع السودان ضمن أول بيان لها في فبراير الماضي إلى إلغاء اتفاقية جوبا للسلام الموقعة بين الحكومة السودانية وعدد من الحركات المسلحة في دارفور خلال أكتوبر 2020، وتحقيق العدالة الاجتماعية في جميع أنحاء البلاد ومحاربة أعمال النهب.
وكان قائد الجيش السوداني قد تبنى هذه القوات لمرحلة ما بعد الثورة السودانية، على أن تُحدث التوازن بين قوات غرب السودان التي يتولاها حميدتي وقوات الجلابة. كما أن هذه القوات ترى “اتفاقية جوبا” ظالمة للجزء العربي الساكن على ضفاف النيل.
وكثف الجيش السوداني مؤخرا جهوده لتحقيق مكاسب في العاصمة الخرطوم ضمن بعض أعنف المعارك منذ بدء الصراع مع قوات الدعم السريع.
وينفذ الجيش ضربات جوية وقصفا بالمدفعية الثقيلة منذ الاثنين في محاولة للاستيلاء على جسر عبر نهر النيل تستخدمه قوات الدعم السريع في نقل تعزيزات وأسلحة من أم درمان إلى مدينتي بحري والخرطوم. والمدن الثلاث تشكل معا العاصمة الأوسع للسودان.
وجاء الرد قويا من قوات الدعم السريع مما أدى إلى احتدام الاشتباكات في الأحياء السكنية وسقوط ضحايا مدنيين وحدوث نزوح.
وتسيطر قوات الدعم السريع على جزء كبير من العاصمة عند نشوب الاقتتال في منتصف أبريل الماضي.
وأعلن الجانبان إحراز تقدم عسكري في الأيام القليلة الماضية، لكن لا توجد مؤشرات على حدوث انفراجة حاسمة.
وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من أربعة ملايين شخص نزحوا، من بينهم أكثر من 900 ألف فروا إلى البلدان المجاورة التي تعاني أصلا من صراعات وأزمات اقتصادية.
وتزداد رقعة الجوع وتتزايد حصيلة الضحايا بين المدنيين نتيجة الصراع. وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنها سجلت أكثر من 300 وفاة بين 15 مايو و17 يوليو الماضيين بسبب مرض الحصبة وسوء التغذية، خاصة بين الأطفال دون سن الخامسة، نظرا لمحدودية التمويل الإنساني وصعوبة الوصول إلى هناك.
وقال المتحدث باسم المفوضية وليام سبيندلر في إفادة صحفية بجنيف “في ظل عدم استقرار المقام بعائلات كثيرة منذ أسابيع ومع القليل جدا من الغذاء أو العقاقير، مازال هناك ارتفاع في معدلات سوء التغذية وتفشي أمراض ووفيات ذات صلة”.
وتسبب سقوط الأمطار الموسمية في نزوح ضمن بعض أجزاء السودان وفي بروز مخاوف من انتشار الأمراض التي تنقلها المياه.
وبالتزامن مع الاقتتال يُضطر السكان في العاصمة إلى التعايش مع انقطاع الكهرباء والمياه وتفشي النهب وانهيار الخدمات الصحية ونقص الغذاء.
ويعد السودان من أكثر دول العالم فقرا حتى قبل اندلاع النزاع الحالي. ويواصل العاملون في المجال الإنساني المطالبة من دون جدوى بالوصول إلى مناطق القتال، ويقولون إنّ السلطات تمنع وصول المساعدات إلى السكان ولا تُصدر تأشيرات دخول لطواقم الإغاثة.
ويتبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.
العرب