يتواصل الجدل السياسي والشعبي في العراق، لليوم الثاني على التوالي، حول تصريحات للنائب المستقل في البرلمان سجاد سالم، بشأن ما قال إنه وقوف الشارع إلى جانب أميركا في حال سعت إلى إسقاط الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد، متهماً قوى “الإطار التنسيقي” وإيران بالتدخل في إدارة الانتخابات المحلية لصالح قوى سياسية قريبة منها.
وتحدث سالم، في مقابلة متلفزة عبر محطة فضائية محلية عراقية، عن جملة من المواضيع، من بينها الدعوة للمشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة، التي من المقرّر أن تجرى نهاية العام الحالي، في سبيل “عدم السّماح للآخرين بالهيمنة”، مبيناً أن “غياب التيار الصدري عن انتخابات المحافظات عامل مؤثر، لأن وجوده يجعل وضعنا (المدنيون) مريح بشكلٍ أكبر، وأن التيار الصدري أفضل من الإطار التنسيقي”، لكنه أشار إلى أن “التيار الصدري افتقد للصبر الاستراتيجي”.
وأضاف خلال المقابلة، أن “أجهزة أمنية إيرانية هي من تُدير ماكينات الإطار التنسيقي الانتخابية، وأن هناك رغبة قائمة في المجتمع بتغيير الطبقة السياسية”، مؤكداً “الوقوف مع أميركا في حال سعت لإسقاط هذه الطبقة”، مضيفاً أن أميركا رأت أن الإطار التنسيقي هو الطرف المسيطر في العراق، فتعاملت معه، كما أنه (الإطار التنسيقي) أعطى ضمانات كبيرة لم يسبق لأي طرف منحها لواشنطن التي تتعامل مع السلاح المنفلت برؤية نفعية”.
وأكمل أن “بعض السياسيين في الإطار التنسيقي يذهبون للسفارة الأميركية ويلتقون مع سفيرة الولايات المتحدة، والإطار التنسيقي أصبح من رواد السفارة”.
أخبار
العراق: جدل سياسي ومقترح برلماني بشأن أملاك أركان نظام صدام حسين
وأطلقت المنصات الإعلامية، المعروفة محلياً بـ”الولائية”، عقب هذه التصريحات، حملة ضد النائب سالم، متهمة إياه بالعمالة للولايات المتحدة، وشهدت مساندة من قبل سياسيين ونواب يتبعون قوى “الإطار التنسيقي”، وهي المظلة الجامعة للأحزاب الدينية في البلاد وممثلي الفصائل المسلحة في الحكومة العراقية الحالية، فيما أطلقت وسم “اطردوا سجاد سالم خائن العراق”، ما دفع أنصار الحراك المدني إلى إطلاق وسم تضامني معه، وهو “متضامن مع سجاد سالم”.
وعلّق الصحافي العراقي حسين الصافي، عبر منصة “إكس”، بالقول: “طبعاً لو انت عراقي حقيقي ما تقول هيج”، مرفقاً منشوره بصورة لتعليق سجاد سالم.
من جهته، كتب محمد البصري، المعروف بقربه من الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق، عبر منصة “إكس”: “ما قام به سجاد سالم يعتبر حنثاً باليمين الدستوري الذي أقسمه تحت قبة البرلمان، ويعاقب عليه القانون بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى، فعلى المحامين رفع دعوى الحنث باليمين ليأخذ جزاءه العادل”.
أما الناشط السياسي القريب من “التيار الصدري” عصام حسين، فقد لفت إلى أن سجاد سالم قال إنه لدينا علاقات وثيقة مع الجانب الأميركي والبريطاني، وعلّل ذلك بأن الإطار لديه نفس العلاقات معهم، وهذا التصريح وحده يضع الإطار بحالة قلق حول مصير علاقته مع الجانب الأميركي، وإمكانية استمرار الدعم لحكومتهم، مشيراً إلى أن الإطار يعتبر أي علاقة مع الجانب الأميركي بعيدة عنهم، تهديداً حقيقياً لوجودهم. وأضاف: “اعتقدوا أن النائب سجاد سالم لديه مشروع سياسي حقيقي لإزاحتهم عن السلطة، وأن المدنيين مشروع سياسي من الممكن أن يحظى بالدعم الأميركي في إدارة البلد في المرحلة المقبلة”.
تقارير عربية
العراق: تحرك قضائي مرتقب ضد مسؤولين في حكومة الكاظمي
وعقب الضجة التي أحدثها الإعلام الممول من الأحزاب الدينية والفصائل المسلحة، علّق النائب سجاد سالم بالقول: “طيب، إذا اللقاء تلفزيوني ليش ما ينزلون مقطع منه يؤيد صحة كلامهم! لو الشتم والسب وسوء الخلق صار طبع أصيل!”، في إشارة إلى الفهم الخاطئ لتعليقه من قبل المناهضين له.
لكن الباحث بالشأن السياسي العراقي أحمد النعيمي، قال لـ”العربي الجديد”، إن تصريحات سالم جاءت من أجل تذكير الطبقة السياسية الحالية أنها جاءت على ظهر الاحتلال، ولا فضل لها على الجمهور. وأضاف: “لا يمكن للأحزاب ولا كتل البرلمان محاسبة النائب، لأنها فعلت هذا السيناريو على أرض الواقع بمساندة الأميركيين لإسقاط النظام السابق، فكيف سيحاسبونه على الأمر ذاته؟”.
يُشار إلى أن سجاد سالم هو ناشط عراقي شارك في الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، وهو أحد أعضاء الحزب الشيوعي العراقي بمحافظة واسط الحدودية مع إيران، حاصل على شهادة الماجستير في القانون، وعُرف عنه مناهضته للمليشيات الموالية لإيران، وتعرض مكتبه في مدينة واسط لهجمات مسلحة لأكثر من مرة خلال العامين الماضيين.