القاهرة – تسعى حركة حماس لإبقاء خطوطها مفتوحة مع المصريين، لذلك أرسلت وفدا برئاسة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي استجابة لدعوة من القاهرة بهدف التفاعل مع المبادرة المصرية.
وتريد حماس أن تحقق من وراء هذه الزيارة هدفين، الأول التذكير بشروطها وعلى رأسها وقف الهجوم الإسرائيلي بشكل دائم، وهو ما يتناقض مع المبادرة المصرية التي تتحدث عن هدن قصيرة لتبادل المحتجزين، ما يعني عمليا رفض المقترحات المصرية.
ويكمن الهدف الثاني في إرضاء المصريين وإبداء الاهتمام بدورهم كوسيط. ويعرف قادة حماس أن القاهرة تريد أن تظهر للأميركيين أنها طرف مهم في حل أزمة غزة وليس بوابة بحكم الجغرافيا، لذلك يحرصون على استرضائها ولو بتسجيل الحضور وإبداء الاهتمام بالمبادرة المعروضة ومناقشة بعض تفاصيلها وتسجيل الاعتراضات، ما يفتح الباب لاتصالات جديدة بدلا من إعلان الرفض القاطع، الذي سيستفز المصريين ويدفعهم إلى التشدد ضد الحركة.
ولا ينتبه المصريون إلى أن الطبخات تتم في الدوحة، حيث وفود الموساد وقيادات حماس، وهي القناة التي تراهن عليها واشنطن لتحقيق اختراق فعلي في موضوع الرهائن مثلما جاء في تصريحات سابقة أدلى بها الرئيس الأميركي جو بايدن بعد اتصاله بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
ووصل الجمعة وفد حماس إلى القاهرة لبحث خطة مصرية بثلاث مراحل تنص على هدن قابلة للتمديد والإفراج التدريجي عن العشرات من الرهائن والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى وقف الأعمال القتالية.
وسينقل وفد حماس إلى المصريين “ردّ الفصائل الفلسطينية الذي يتضمن ملاحظات عدة على خطتهم”، وفق ما قاله مسؤول في الحركة لفرانس برس طالبا عدم كشف هويته. وأوضح أن هذه الملاحظات تتعلق خصوصا بـ”طرائق عمليات التبادل المرتقبة وبعدد الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم وبالحصول على ضمانات من أجل انسحاب عسكري إسرائيلي كامل من قطاع غزة”.
ولا تريد حماس أن تعقد اتفاقا جديدا مع إسرائيل لا يحقق لها مكاسب سياسية واضحة، خاصة في ظل حديث مسؤولين إسرائيليين عن أن الحرب ستستمر أشهرا أخرى، وأن لا أفق لوقفها ما لم تحقق الهدف المعلن من ورائها والمتمثل في تفكيك حماس.
ويوفر اتفاق الهدن القصيرة وما يتبعه من إطلاق مجموعات جديدة من المحتجزين مكاسب لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويمنحها فرصة لتهدئة الغضب الشعبي والدعوة إلى وقف الحرب لإنقاذ الرهائن. في المقابل ستخسر حماس أحد أهم أوراقها بتسليم المحتجزين على دفعات من دون تحقيق وقف الحرب، وخاصة إطلاق سراح قيادات فلسطينية مهمة، وهو المكسب الذي تسعى إلى تحقيقه للتغطية على فاتورة الحرب الباهظة.
وقال نتنياهو خلال اجتماع الخميس في تل أبيب مع عائلات رهائن “نحن على اتصال (مع الوسطاء) في هذه اللحظة. لا أستطيع تقديم المزيد من التفاصيل. نحن نعمل على إعادتهم (الرهائن) جميعا. هذا هدفنا”.
ورغم الضغوط التي يتعرض لها مازال نتنياهو متمسكا باستمرار الحرب لأنه يعرف أن مصيره السياسي مرهون بتحقيق مكاسب ميدانية ودبلوماسية على حساب حماس، وهو ما يتطلب وقتا أكبر وأطول للحرب بما يتناقض مع حسابات حماس التي تريد نهاية قريبة للحرب تحافظ من خلالها على صورة “الطرف المنتصر”.
وأعلن القيادي بحركة حماس أسامة حمدان، في مقابلة مع وكالة الأناضول، أن “الكل يعرف أننا نريد صفقة لتبادل الأسرى وهذا ليس سرا، ولكن هذا التبادل لا يمكن أن يتم والعدوان لا يزال مستمرا”.
◙ القاهرة تريد الظهور كطرف مهم في حل أزمة غزة وليس بوابة بحكم الجغرافيا، لذلك تحرص حماس على استرضائها
وقال حمدان “نتلقى بعض المبادرات من الوسطاء ومنهم الأشقاء في قطر ومصر، وهناك بعض الأطراف الأخرى التي تتصل وتتحدث عن بعض المبادرات”. وأضاف “لدينا موقف واضح ومحدد، أن أصل المشكلة هو العدوان الإسرائيلي على غزة وليس قضية الأسرى”.
وتابع “قضية الأسرى نتاج طبيعي لهذا العدوان، وبالتالي لا يمكن الذهاب إلى التفاصيل قبل البدء بأصل الموضوع وهو وقف العدوان على شعبنا. إذا توقف العدوان ودخلت الإغاثة وتحقق للشعب ما يريده من إنهاء للحصار عند ذلك يصبح الحديث عن قضية الأسرى أمرا طبيعيا”.
والمبادرة المصرية بالنسبة إلى الطرفين هي فرصة لاختبار مدى القدرة على تمرير شروطهما، وتحقيق مكاسب دون تنازلات، ما قد يجعل المبادرة تراوح مكانها رغم ما يروج عن حصولها على دعم من إدارة بايدن.
وتقترح المبادرة، التي جرى تعديلها أكثر من مرة، طرح تنفيذ هدن إنسانية مؤقتة لفترات زمنية قصيرة يتم خلالها وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات بشكل مكثف، فضلا عن تنفيذ صفقات لتبادل الرهائن.
ووفق هذه الرؤية ستُعلن خلال المرحلة الأولى هدنة إنسانية لمدة 10 أيام تفرِج خلالها حركة حماس عن جميع الرهائن المحتجزين لديها من نساء وأطفال ومرضى مقابل إفراج إسرائيل عن عدد مناسب يُتَفق عليه من السجناء الفلسطينيين لديها. وخلال هذه الفترة سيتوقف إطلاق النار توقفا تامّا في قطاع غزة كافة من الجانبين، كما سيُعاد نشر القوات الإسرائيلية بعيدًا عن محيط التجمعات السكنية.
العرب