الرياض- تبدأ السعودية صباح الأحد تلقي طلبات شراء لأسهم قد لا تتجاوز 10 مليارات دولار في شركة النفط العملاقة أرامكو، في اختبار كبير لمدى جدية المستثمرين الغربيين بالسوق السعودية.
وحجم الأسهم الذي تطمح إليه المملكة بسيط قياسا بالاستثمارات المرصودة للشركة. ومرد هذا السقف المحدود أن الغربيين يتعاملون مع أرامكو بشكل مختلف باعتبارها شركة نفط “سيادية” تخضع لسياسات السعودية النفطية وتوجهات قيادتها أكثر منها شركة صناعية هدفها الربح كأولوية.
وتعزى مخاوف المستثمرين الغربيين بالأساس إلى أن السعودية يمكن أن تجعل من سياسة أرامكو ورقة ضغط سياسية أو تجارية مثلما حصل في قرار خفض الإنتاج لاعتبارات خاصة بالمملكة، لكنها تتنافى مع منطق حرية السوق وفكرة الأرباح التي قد تجذب بعض المستثمرين لشراء أسهم.
وفي إعلان طال انتظاره، كشفت المملكة وأرامكو الخميس تفاصيل خطط لبيع ما يصل إلى 0.7 في المئة من أسهم شركة النفط التي تسيطر عليها الدولة، مع تخصيص 10 في المئة من الطرح للمستثمرين الأفراد، بناء على الطلب.
وسيستمر تلقي الطلبات حتى السادس من يونيو على أن يجري تحديد سعر الصفقة في اليوم التالي.
والطرح الذي يحمل الاسم الرمزي “بروجكت بوند”، تأجل لعدة أشهر ويعد خطوة رئيسية في تنويع قاعدة مستثمري الشركة منذ طرحها العام الأولي القياسي عام 2019، بالإضافة إلى قدرته على تعزيز برنامج المملكة الضخم للتنويع الاقتصادي.
كما يمثل اختبارا لمدى الاهتمام بالأسواق السعودية بعد إقبال فاتر من المستثمرين الدوليين على الطرح الأولي عام 2019 وسط مخاوف بشأن التقييم المرتفع وسيطرة الحكومة السعودية وتحول قطاع الطاقة بعيدا عن الهيدروكربونات.
كما أبدى المستثمرون الدوليون تحفظا مماثلا حيال المشاريع الضخمة في المملكة، من المنتجعات الشاطئية إلى المدن الجديدة.
وسيتعين على المستثمرين الذين يشترون في أرامكو الموازنة بين المخاوف البيئية وعوائدها السخية.
وقال حسنين مالك رئيس أبحاث الأسهم لدى تيليمر ومقرها دبي “منذ الطرح العام الأولي، طغت التوقعات المرتفعة بشأن توزيعات الأرباح وأسعار النفط على انخفاض التوقعات بشأن الإنتاج”.
وأضاف “قد لا يكون هذا التحسن في التدفقات النقدية المتاحة للمساهمين كافيا لإغراء المستثمرين الأجانب الذين لم يشاركوا في الطرح العام الأولي بسبب المخاوف البيئية المتعلقة بالوقود الأحفوري أو مخاوف الحوكمة المتعلقة بأولويات المساهم السيادي المهيمن”.
ويقول المحلل الاقتصادي سايمون واتكينز إن المستثمرين الغربيين قلقون من أن عائدات أرامكو تُعتمد لبعث مجموعة متنوعة من المشاريع الأخرى غير الهيدروكربونية التي حلم بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مشيرا إلى تمويل العديد من المشاريع الاجتماعية والاقتصادية، مثل تأسيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست).
واعتبر واتكينز في مقال سابق على موقع أويل برايس الأميركي أن المخاوف السيادية الأوسع بشأن المملكة قادت إلى تعزيز مخاطر الاكتتاب العام لشركة أرامكو.
وضخ ولي العهد السعودي مئات المليارات من الدولارات عبر صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وهو الصندوق السيادي للمملكة، في مشاريع ضخمة شملت عدة قطاعات منها السيارات الكهربائية والرياضة فضلا عن إطلاق شركة طيران جديدة، وذلك في سعي لخلق فرص العمل وتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على إيرادات النفط.
وقال جيم كرين زميل الأبحاث في معهد بيكر بجامعة رايس في هيوستن إن بيع أسهم في أرامكو “ليس الطريقة الوحيدة لتمويل رؤية 2030، لكنه أحد الخيارات السهلة حاليا بعدما اتضح أن المستثمرين الأجانب غير مهتمين بشراء حصص في مشاريع سعودية عملاقة”.
وأضاف “لم يتمكن السعوديون من جذب استثمارات أجنبية كافية لتغطية الجزء الأكبر من تكلفة إنشاء مشاريع رؤية 2030 العملاقة، مثل المنتجعات الشاطئية الضخمة والمدن المستقبلية. وليس لأنهم لم يحاولوا”.
وتوقع كرين أن يمثل السعوديون غالبية المشاركين في الطرح قائلا “لذا فهو شكل غير مباشر من التمويل الذاتي من المستثمرين السعوديين الذين سيحصلون على أسهم في أرامكو السعودية بدلا من حصة في نيوم أو المربع الجديد”، في إشارة إلى اثنين من المشاريع الضخمة التي يقودها صندوق الاستثمارات العامة.
وأضاف أن البيع في البورصة السعودية يوفر درجة أقل من الإجراءات التنظيمية ومتطلبات الشفافية.
العرب