يشكل صدور القرار 2254 حول الحل في سوريا محطة مفصلية في الأزمة السورية، وارتياحاً الى التمكن من إصداره من قبل كافة الأطراف الدولية والإقليمية المهتمة بالموضوع السوري والمؤثرة على الأرض هناك والتي بدأت تشعر بضرورة ايجاد حل وعدم القدرة على الاستمرار في تكبد خسائر من جراء الأزمة.
مصادر ديبلوماسية، تؤكد أن الترقب حالياً هو لمسار تنفيذ القرار، لأنه لا يمكن إغفال الصعوبات التي تحيط بذلك، إنما أهميته في أن الأطراف الدولية والإقليمية التي كانت متباعدة حول الحل، ولا سيما الولايات المتحدة والخليج وتركيا من جهة وروسيا وإيران من جهة أخرى، توافقت على خارطة طريق مشتركة بينها حول سوريا. وهذا جيد، وإن بقيت هناك نقاط عالقة، أبرزها مصير الرئيس السوري بشار الأسد، والتي تحتاج الى مزيد من الدراسة. القرار أيضاً وضع روزنامة حل تأمل الأطراف بالتقيد بها زمنياً.
وتشير المصادر الى أن الترقب يركز على وقف النار وإمكان نجاحه، وعلى ما إذا كان التفاوض بين المعارضة والنظام نهاية كانون الثاني سيكون جدياً.
وبالتالي، الجدية تتوقف على الموقف الروسي وما إذا كانت موسكو ستضغط على النظام لإبراز الجدية المطلوبة، والالتزام بالقرار 2254. وزير خارجية النظام وليد المعلم يقول بحكومة وحدة وطنية، وليس بهيئة حكم انتقالي. وليس واضحاً إذا ما كان هذا الكلام، بمثابة موقف تفاوضي أم لا. إنما إذا لم يحصل ضغط روسي جدي فإن التفاوض لن يحرز تقدماً فعلياً، وستفضي المفاوضات الى ما آلت إليه محادثات جنيف السابقة. هناك تخوف من أن يبدأ النظام بالقول في المفاوضات انه هو الشرعية ويجب على كل الأطراف تسليم سلاحها مع ما يعني من القبض على زعماء المعارضة ووضعهم في السجون. لذا السؤال «هل سيكون هناك مرحلة انتقالية فعلية برضى النظام وبضغط جدي روسي؟»، وكذلك «هل ان كل الأطراف في سوريا سيتم الضغط عليها للتوصل الى وقف نار فعلي، والى تنفيذ كل مقتضيات القرار؟».
في موضوع الانتخابات الرئاسية، هناك تساؤلات ذات صلة بآلية إتمام هذه الانتخابات، وكيف يمكن ضبط نزاهتها، وكيف يتم اشراك السوريين خارج سوريا ووفق أية آلية وأين، وكيف ينتخبون في السفارات التي لا تزال تابعة للنظام فهل هي ستنخبهم وما الضمانة في ذلك؟ لذا إذا لم يكن هناك ضغط روسي أيضاً، فإن العملية تكون فاشلة.
وعلى الرغم من التوافق الأميركي الروسي حول القرار، إلا أن الطرفين لا يزالان على خلاف حول مصير الأسد. روسيا تقول إن الشعب السوري يقرر مصيره في ضوء الانتخابات. الولايات المتحدة تعتبر انه من الضروري أن يكون الأسد قد رحل بنهاية المرحلة الانتقالية.
وتفيد مصادر ديبلوماسية أن هناك رهاناً على الانتخابات ستكون المخرج الملائم لرحيل الأسد، وهي مخرج من الشعب. فإذا حصلت الانتخابات فإن الأغلبية الشعبية السورية هي سنية ولن تنتخب الأسد. والأسد يأخذ ذلك بالاعتبار، ما يجعله يعيد النظر بترشحه. وليس من جهة تعتقد، أنه سيترشح مرة جديدة، ما يعني ان الشعب السوري هو الذي سيعطي الحل في هذه المسألة. والانتخابات يفترض أن تحصل بعد سنة ونصف السنة من تشكيل هيئة الحكم الانتقالي. الروس يعتقدون أن الحل سيسير، لكن هناك صعوبات، إنما يبقى الأمل بالتنفيذ.
المهم في الفترة الفاصلة عن بدء التفاوض السوري السوري، تشكيل وفد المعارضة، واعداد لائحة التنظيمات الارهابية التي لن تشمل سوى «داعش» و»النصرة». وهذا يعود الى أن زيادتها من قبل أي طرف لتنظيم يدعمه الطرف الآخر، سيُقابل بتسمية التنظيم الذي يدعمه الأول.
فعندما طرح الأميركيون أن تتضمن اللائحة الحرس الثوري الإيراني، طرحت إيران أن تتضمن وكالة الاستخبارات الأميركية. وعندما طُرح تضمينها «حزب الله»، طُرح في المقابل تضمينها «جيش الإسلام» وغيره من التنظيمات المعارضة.
من بين النقاط غير الواضحة في القرار لدى التنفيذ، صلاحيات هيئة الحكم الانتقالي، ودور وصلاحيات الرئيس السوري في هذه المرحلة. الجميع وافق أن يبقى خلال هذه المرحلة، لكن ماذا سيحصل بالأجهزة الأمنية والمخابرات؟ فهل كل ذلك متروك للتفاوض؟ وبالتالي، كل بند من بنود روزنامة الحل يحتاج الى تفسير وسيتم عبر التفاوض برعاية دولية، لأن كل واحد منها تلزمه آلية تنفيذية ونوايا صادقة وضغوط فعلية. المهم الآن أن هناك سكة للحل، مع الإشارة الى أن القرار لم يأتِ على ذكر مصير الأسد.
ثريا شاهين
صحيفة المستقبل اللبنانية