نجا الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من محاولة اغتيال خلال تجمع انتخابي السبت، وهو هجوم من شأنه أن يزيد الانقسام السياسي في الولايات المتحدة ويثير تساؤلات حول الثغرات الأمنية قبل أيام من قبول ترامب الترشيح الرسمي للحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية.
بنسيلفانيا (الولايات المتحدة) – يرجح محللون أن تغيّر محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب برصاصة في أذنه السبت ملامح السباق الرئاسي هذا العام، وتزيد من مخاوف اندلاع عنف سياسي خلال الحملة الرئاسية وبعد الانتخابات. ووقع إطلاق النار قبل أقل من أربعة أشهر من الانتخابات المقررة في الخامس من نوفمبر المقبل، عندما يواجه ترامب الرئيس جو بايدن مرشح الحزب الديمقراطي للمرة الثانية.
وتظهر معظم استطلاعات الرأي أن المنافسة متقاربة بين الرجلين. ويقول محللون إن الهجوم من المرجح أن يعزز فرص عودته للبيت الأبيض، وأضافوا أن الرهانات على فوزه ستتزايد الأسبوع المقبل. ومن المقرر أن يحصل ترامب على الترشيح الرسمي لحزبه في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري المقرر أن يبدأ في ميلووكي اليوم الاثنين
ومن المرجح على المدى القصير أن يعزز هذا الهجوم التأييد لترامب خلال مؤتمر الحزب الجمهوري الذي يقبل خلاله ترشيح الحزب للرئاسة، وكذلك الشعور بالظلم والغربة لدى مؤيديه تجاه الطبقة السياسية في البلاد. ويزيد الهجوم من المخاوف القائمة منذ فترة طويلة من احتمال اندلاع عنف سياسي خلال الحملة الرئاسية وبعد الانتخابات. وتعكس هذه المخاوف جزئيا الاستقطاب بين الناخبين، إذ تبدو البلاد منقسمة بشكل مرير إلى معسكرين لهما رؤى سياسية واجتماعية متباينة.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس في الآونة الأخيرة أن الأميركيين يخشون تصاعد العنف السياسي، إذ قال اثنان من كل ثلاثة مشاركين في الاستطلاع الذي أُجري في شهر مايو إنهما يشعران بقلق من احتمال حدوث أعمال عنف بعد الانتخابات.
◙ الولايات المتحدة تواجه أكبر زيادة في أعمال العنف ذات الدوافع السياسية وأكثرها استمرارية منذ السبعينات أيضا
وتواجه الولايات المتحدة أكبر زيادة في أعمال العنف ذات الدوافع السياسية وأكثرها استمرارية منذ سبعينيات القرن الماضي. ونفذ مهاجمون يمينيون 13 من بين 14 هجوما سياسيا تسببت في سقوط قتلى أو مصابين منذ اقتحام أنصار ترامب لمبنى الكابيتول الأميركي في السادس من يناير 2021 بينما شن يساري هجوما واحدا. ولمرتكبي هذه الهجمات أو المشتبه بهم انتماءات حزبية واضحة.
وعلى الرغم من كونه رئيسا سابقا، فقد نفذ ترامب حملته الانتخابية باعتباره متمردا من خارج دائرة السلطة، وشكا من أنه مستهدف منذ فترة طويلة من قبل “الدولة العميقة” الاتحادية وإدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن لمنعه من العودة إلى السلطة.
ويستخدم في العادة خطابا عنيفا ومهينا وحتى مروعا في أثناء قيامه بذلك، ويحذر من حدوث “حمام دم” إذا لم يتم انتخابه، وقال إن المهاجرين بشكل غير قانوني في الولايات المتحدة “يسممون دماء بلادنا”. وأبدى بعض الجمهوريين انزعاجهم بالفعل من استمراره في تأجيج النار. وقال تشيب فيكل، وهو ناشط جمهوري في ولاية ثاوث كارولينا ومن معارضي ترامب “إذا لم تكن البلاد برميل بارود من قبل، فهي الآن كذلك”.
وقال براد بانون، الخبير الإستراتيجي الديمقراطي، إن إطلاق النار يمكن أن يفيد ترامب سياسيا لأنه يدعم رواية حملته الانتخابية بأن البلاد خرجت عن المسار الصحيح. وأضاف بانون أن “محاولة الاغتيال تثير التعاطف مع ترامب… كما أنها تؤكد للناخبين فكرة أن هناك شيئا خاطئا بشكل أساسي في هذه الأمة، وهي فكرة تعزز الدعم له”.
وأُدين ترامب في مايو بالتورط في محاولة للتستر على علاقة غرامية مع ممثلة أفلام إباحية، وهي إدانة لم تؤثر كثيرا على مجريات السباق وتشير إلى أن أنصار كلا الجانبين مازالوا ثابتين على مواقفهم. وتعامل بايدن مع نقاش محتدم داخل الحزب الديمقراطي حول ما إذا كان ينبغي عليه التنحي عن الترشح باسم الحزب بسبب مخاوف من أنه لم يعد مؤهلا للمنصب.
ويقول إن أطباءه أخبروه أنه في حالة جيدة. وقد استفاد ترامب في بعض استطلاعات الرأي من أداء بايدن الكارثي في المناظرة الشهر الماضي، لكن استطلاعات أخرى تظهر أن السباق متكافئ. ونفر العديد من الناخبين بالفعل من الغريمين بايدن وترامب. وقد تسهم الفوضى المحيطة بالمرشحين في إذكاء شعور الناخبين بأن مشاكل البلاد غير قابلة للحل وأن الهوة بين الحزبين لا يمكن سدها.
وقال النائب الأميركي ستيف سكاليز، وهو جمهوري أطلق مسلح الرصاص عليه في عام 2017، لشبكة فوكس نيوز إن الخطاب الانتخابي العنيف يجب أن يتوقف. وعقب الحادثة، أعرب ترامب، في منشور على منصة “تروث سوشيال” التابعة له، عن امتنانه للدعم الذي حصل عليه بعد محاولة الاغتيال، قائلًا “لن نخاف، وبدلا من ذلك سنظل صامدين في إيماننا ومتحديين في مواجهة الشر”.
ودعا ترامب، الأميركيين إلى الوحدة الوطنية والقوة، وحثهم على الوقوف معا وإظهار شخصيتهم الحقيقية. وأضاف “في هذه اللحظة، من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نقف متحدين، وأن نظهر شخصيتنا الحقيقية كأميركيين، وأن نبقى أقوياء ومصممين، ولا نسمح للشر بالانتصار”.
وحدد مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) هوية المشتبه به في محاولة الاغتيال وقال إنه يدعى توماس ماثيو كروكس (20 عاما) وإنه من بيثيل بارك بولاية بنسلفانيا. ووفقا لسجلات الناخبين بالولاية، فإنه مسجل ضمن ناخبي الحزب الجمهوري لكن سبق له التبرع عندما كان يبلغ من العمر 17 عاما بمبلغ 15 دولارا إلى لجنة عمل سياسية تجمع الأموال للساسة ذوي الميول اليسارية والديمقراطيين.
وقال مسؤولو إنفاذ القانون للصحفيين إنهم لم يحددوا بعد الدافع وراء الهجوم. وسيبحث كل من الجمهوريين والديمقراطيين عن دليل على الانتماء السياسي لكروكس وهم يسعون إلى تصوير الحزب المنافس على أنه يمثل التطرف. وقال جهاز الخدمة السرية في بيان إن ضباط الجهاز قتلوا المهاجم بعد أن فتح النار من على سطح مبنى يبعد نحو 140 مترا عن منصة التجمع حيث كان ترامب يلقي كلمة. وتم العثور على بندقية نصف آلية من طراز إيه.آر-15 بالقرب من الجثة.
وذكرت شبكة إيه.بي.ٍسي ووول ستريت جورنال نقلا عن مصادر أن والد المشتبه به كان قد اشترى السلاح الناري بشكل قانوني. وأفادت وكالة أسوشيتيد برس نقلا عن مصادر بأنه تم العثور على مواد لصنع القنابل في سيارة المشتبه به. وقُتل أحد المشاركين في التجمع الانتخابي لترامب وأصيب اثنان آخران من الحضور.
العرب