روجت الولايات المتحدة فكرة مفادها أن القوات العراقية قد حققت انتصارا كبيرا بعد تحرير مدينة الرمادي من قبضة تنظيم «الدولة»، ولكن «النصر الكبير» لم يكن يستحق «الاحتفال»، كما اعترف أكثر من مسؤول أمريكي في الأيام الأخيرةK حيث اتضح انه تم تدمير المدينة لدرجة انه من الصعب إعادة بنائها في ظل الاقتصاد المتداعي للعراق.
وعرض مسؤولون أمريكيون صورة غير وردية على الإطلاق لحال مدينة الرمادي وقالوا إنه تم تدمير 80 في المئة على الأقل من المدينة اثناء القتال مع إشارات صريحة إلى قيام تنظيم « الدولة» بإلحاق أضرار كبيرة في المدينة بشكل متعمد للتأكد من أن الحياة لن تعود لطبيعتها هناك بعد مغادرة عناصر الجماعة المتطرفة، وعلى حد تعبير أحد المسؤولين فإن النصر تحقق في الرمادي التي شهدت أكثر من 100 معركة منذ عام 2003 ولكن «في أسوأ معانيه».
وعلل المسؤولون الدمار المذهل في الرمادي إلى عدة عوامل من أهمها الغارات الكثيفة لقوات دول التحالف والقصف الشامل للميليشيات والقوات العراقية ناهيك عن انتشار الفخاخ الخداعية لتنظيم «الدولة» في جميع أرجاء المدينة.
وتحتاج مدينة الرمادي المنكوبة إلى 10 مليارات على الأقل لإعادة البناء، ولكن من غير الواضح من أين سيأتي هذا المال حيث لاحظت صحيفة «وول ستريت جورنال» ان انخفاض أسعار النفط قد قلص من عائدات العراق، مع الإشارة إلى أن ميزانية البلاد تعاني عجزا يصل إلى 20 مليار دولار على الأقل، أما تعهدات الدول الأخرى بتمويل إعادة بناء العراق فهى بالتأكيد لا تكف لتغطية هذا العمل.
وتحصل الحكومة العراقية على حوالى 27 دولارا أمريكيا فقط للبرميل، أي حوالى ربع العائدات المحصلة للبرميل في الصيف الماضي، مما يعني ان هنالك مشكلة كبيرة لأن ميزانية الحكومة تعتمد على النفط بنسبة 95 في المئة من العائدات، وهذا يعني أيضا، أن الحكومة لن تكون قادرة على دفع رواتب الجنود وتمويل البنية التحتية مثل توليد الطاقة وتطوير حقول النفط وتعبيد الطرق، وفي الرمادي، على سبيل المثال، يعاني جميع سكان المدينة حاليا من بطالة، والأنكى من ذلك كله أن معظم السكان لا يجدون مسكنا في الوقت الحاضر وسط ركام المنازل المدمرة.
واطلق المسؤولون العسكريون في واشنطن عدة تعليقات متفائلة بعد عملية الرماد، ولكنهم اعترفوا بالعواقب الوخيمة لهذا النصر حيث قال رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال جو دانفورد، هذا الأسبوع، ان العراقيين رسموا «لحظة تاريخية» في زخم الحرب ضد تنظيم « الدولة»ولكنه اعترف في الوقت نفسه أنه لا يمكن اعتبار تحرير الرمادي «نقطة تحول» للقوات العراقية.
وحرص دانفورد بعد زيارته لأربعة مواقع في العراق على عدم المبالغة في نجاح القوات العراقية، ولكنه أقر بأن ثقة القيادة العسكرية الإمريكية في الجيش العراقي قد زادت مع إشارة صريحة إلى النجاح الذي تم إحرازه في مناطق أخرى مثل بيجي وسنجار.
واشار مسؤولون عسكريون مثل اللفتنانت كولونيل جو اوكالاهان ضابط عمليات فرقة اربيل في شمال العراق إلى أن هنالك الكثير مما يجب القيام به في المنطقة الغربية للعراق، بما في ذلك الفلوجة وغرب مدينة هيت، ناهيك عن بعض أجزاء مدينة الرمادي.
رائد صالحه
صحيفة القدس العربي