حت عنوان “إسرائيل تأكل نفسها” ذكرت مجلة الفورين بوليسي الأمريكية أن موجة العنف الفلسطينية أصبحت تخنق القادة الإسرائيليين من رقابهم وتتطور القضية إلى الأسوأ، وبعد ما يقرب من خمسة أشهر من العنف المستمر، يبدو أن إسرائيل فقدت أعصابها.
ورغم أن الإسرائيليين واجهوا فترات أكثر خطورة بكثير من الصراع مع الفلسطينيين في الماضي، إلا أن العصر الحالي من الطعن والهجمات بالسيارات أفقدتهم توازنهم.
ففى أوقات الانتفاضة الثانية المروعة ، عندما فجر انتحاريان نفسيهما مرتين في الأسبوع في شوارع تل أبيب والقدس، استمرت الحياة اليومية على قدم وساق، وكانت الشركات و المدارس مفتوحة.
هذه المرة، فأن الأمور تطورت بشكل مختلف، و في الوقت الذي لا يزال عدد الضحايا أقل بكثير من الفترة المماثلة في بداية الانتفاضة الثانية، حيث خلفت الانتفاضة الحالية 174 فلسطينيا و 31 اسرائيليا لقوا حتفهم حتى الآن، إلا أن رد الفعل الإسرائيلي يبدو مهزوزا ومرتبكا أكثر .
و أصبحت الحكومة الإسرائيلية بصدد تعزيز مشروع قانون من شأنه وقف أعضاء الكنيست الداعمين الإرهاب، فضلا عن “مشروع قانون الشفافية” الذى من شأنه أن يجبر المنظمات غير الحكومية اليسارية على عدم تلقي الدعم المالي من الحكومات الأجنبية .
هذا إلى جانب شن حملة بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضد عرب إسرائيل الأعضاء في الكنيست ، الذين اجتمعوا مع عائلات المهاجمين الفلسطينيين الذين قتلوا على يد الشرطة الإسرائيلية.
حيث تعهد نتنياهو أن إسرائيل ستعيش بالسيف للأبد والاستمرار في بناء الاسوار على طول كل من حدود إسرائيل من أجل إبعاد ” الحيوانات المفترسة” -فى إشارة الى الفلسطينيين على حد وصفه.
وأصيبت المعارضة الإسرائيلية بحالة من الارتباك ، فقد أعلن زعيم المعارضة إسحق هرتسوج مؤخرًا أن حل الدولتين غير واقعي في الوقت الراهن. أما تسيبي ليفني زعيمة حزب العمل، انتقدت وسائل الإعلام الدولية لكونها “معادية” تجاه إسرائيل أما لابيد رئيس حزب “يش عاتيد” فانشغل بانتقاده لحركة ” كسر الصمت” الإسرائيلية ، متجاهلا الانتفاضة الفلسطينية
وأشارات المجلة إلى أن رئيس الوزراء الأسبق ارييل شارون استخدم وسائله العدائية لإحباط الهجمات الفلسطينية. فقد أمر بعملية عسكرية لإعادة احتلال المدن الفلسطينية في الضفة الغربية بعد مجزرة ليلة عيد الفصح التي قتل فيها 30 إسرائيليًا في مارس 2002، وبدأ تشييد الحاجز الذي يفصل إسرائيل عن الضفة الغربية ، ولكنه في النهاية خوفا من فقدان الدعم لإسرائيل في الغرب وكذلك الخلافات المتزايدة في المجتمع الإسرائيلي، أمر بفك الارتباط أحادي الجانب من قطاع غزة.
ورغم أن عهد نتنياهو طويل الأمد إلا أنه لا يحفل بكثير من الأحداث ، فهناك فجوة كبيرة بين خطابه والحذر الفعلي عند استخدام القوة العسكرية. حيث تجنب الحروب غير الضرورية مع حزب الله، وانحصرت في نطاق النزاعات المسلحة مع حماس، وأظهر أفضل تقدير من تقديرات القادة الغربيين حول المخاطر التي يشكلها الربيع العربي ،
واختتمت المجلة قائلة إن شارون كان أوفر حظا من نتنياهو – على الأقل أنه لم يكن يتعامل مع وزرائه الذين يستخدمون وسائل الاعلام الاجتماعية كأداة لتقديم المشورة حول الدفاع عن النفس للجنود والمدنيين الإسرائيليين ، وهذا جعل الإسرائيلي يشعر بفقدان قيمته.