قال البنك المركزي العراقي إنه ينوي بيع ما قيمته 1.5 تريليون دينار (1.27 مليار دولار) من السندات الحكومية لأجل عامين في إطار الجهود لسد العجز الناجم عن تهاوي أسعار النفط وتكاليف الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال آسر جبار، مسؤول الإعلام في البنك المركزي، إن الإصدار سيكون أول طرح من نوعه للاكتتاب العام منذ عام 2003 وأنه الشريحة الأولى من خطة لبيع 7 تريليونات دينار (6 مليارات دولار) للمواطنين خلال العام الجاري.
وتسعى الحكومة من خلال الإصدار إلى تقليص العجز المالي في موازنة البلاد، بسبب تدني أسعار النفط في الأسواق العالمية والتكاليف الباهظة للحرب ضد تنظيم داعش.
وقال البنك في بيان إن العائد على الإصدار الجديد سيكون عند 6 بالمئة وسيباع للجمهور والبنوك المحلية في الفترة من 15 مارس إلى 15 أبريل المقبل. وسبق للعراق أن أصدر أذون خزانة للبنوك المحلية وله سندات دولية قائمة.
وكان البنك المركزي قد أعلن منصف الشهر الماضي عن استراتيجية البنك للأعوام (2016-2020) وتضمنت الخطوط العامة لخطة إصدار السندات.
وقال حينها إنه “خوّل البنوك الخاصة، باستخدام 50 بالمئة من أموالها الموجودة لديه، لشراء السندات الحكومية، في ظل تشكيك المراقبين بمدى استعداد العراقيين لشراء السندات بسبب عدم ثقتهم في الحكومة العراقية”.
ويلقي العراقيون باللوم على الطبقة السياسية في تدمير الاقتصاد العراقي وتبديد مئات المليارات من الدولارات في السنوات الماضية، بسبب الفساد المستشري بين السياسيين.
وكان رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، قد شدد على ضرورة عدم اللجوء إلى سحب الاحتياطات المالية من البنك المركزي، لتغطية عجز الموازنة خلال العام الحالي.
1.27 مليار دولار الشريحة الأولى من السندات المحلية التي ستصدر الأسبوع المقبل
وقال على هامش انطلاق استراتيجية البنك المركزي إن “هناك ضرورة لعدم اللجوء إلى السحب من احتياطات العملة الصعبة لسد العجز في ميزانية المشاريع، لأن العراق لديه من الثروات بما يسمح بتحريك الاقتصاد”.
وتخطط الحكومة العراقية لإصدار سندات مالية خارجية بقيمة ملياري دولار، كمرحلة أولى من مجموع خمسة مليارات دولار متضمنة في بنود قانون الموازنة الاتحادية، الذي أقره البرلمان، في نهاية العام الماضي.
ويعتمد العراق على عوائد النفط لتمويل 95 بالمئة من الموازنة. وهو يصدر نحو 3 ملايين برميل يوميا من حقول وسط وجنوب البلاد، مع خطط لزيادتها إلى 4 ملايين برميل يوميا.
ويأتي إصرار العراق على عدم السحب من الاحتياطيات، مناقضا لما كشفه صندوق النقد الدولي في يناير الماضي من أن الحكومة أبلغته بأنها تخطط لتمويل عجز الموازنة من احتياطات البنك المركزي.
ورجح الصندوق أن يؤدي اللجوء إلى السحب من الاحتياطات المالية إلى تراجعها إلى 43 مليار دولار في نهاية العام الحالي من نحو 59 مليارا في نهاية أكتوبر الماضي. ومن المتوقع أن يتضاعف عجز الموازنة عن الأرقام الرسمية البالغة نحو 20 مليار دولار في العام الحالي، لأنها استندت إلى سعر 45 دولارا للبرميل.
وبدأ الارتباك يدب في أوصال الدولة العراقية بعد تصريحات لوزير المالية هوشيار زيباري في يناير الماضي، أشارت إلى أن الحكومة قد تعجز عن تسديد الرواتب في شهر أبريل المقبل.
ويعد انفجار الميزانية التشغيلة في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي إلى مستويات غير مسبوقة في أي دولة في العالم، من أكبر مشاكل العراق حيث تقدم الدولة اليوم نحو 7 ملايين راتب للموظفين والمتقاعدين.
وتتواصل الاحتجاجات في العراق والتي تطالب بالإصلاحات ومحاكمة الفاسدين، لكنها تطالب أيضا بتوفير الوظائف، بعد أن أصبحت الدولة المصدر الوحيد للوظائف في ظل شلل الاقتصاد.
ويحذر برلمانيون عراقيون من عواقب استمرار البنك المركزي في بيع العملة من خلال مزادات يومية وبكميات تفوق عوائد البلاد النفطية، رغم الكشف عن الفساد المستشري في تلك العمليات.
ودخل العراق في نهاية العام الماضي ضمن برنامج مراقبة صندوق النقد الدولي، بعد أن ظل لوقت طويل بعيدا عن أي رصد لسجل أدائه الاقتصادي. وسيترتب على الحكومة العراقية الالتزام بشروط الصندوق، التي قد تكون صعبة التنفيذ.
ومن المرجح أن ينفجر عجز الموازنة لأن أسعار معظم الخامات العراقية قريبة حاليا من تكاليف إنتاج البلاد بسبب العقود المبرمة مع شركات النفط والتي أثارت فضائح كبيرة وتحوم حولها شبهات فساد.
صحيفة العرب اللندنية