وتسود أجواء متوترة في العاصمة العراقيّة بغداد، في ظل انتشار كبير لأنصار الصدر المعتصمين، والذين ينتظرون أيّ إشارة من زعيمهم لتنفيذ أوامره، فيما تنتشر القوات الأمنية قربهم وفي غالبية المناطق القريبة من المنطقة الخضراء، وسط تأهّب المروحيات الحكومية التي تحلّق في سماء المنطقة.
وتعدّ القوات المشتركة هي القوات القتاليّة للحكومة العراقيّة، وقد سحبها العبادي أخيراً من جبهات القتال في كرمة الفلوجة وبعض مناطق الأنبار إلى بغداد، للحفاظ على أمن العاصمة.
وقال رئيس الوزراء، في بيان صحافي مقتضب، إنّه “كقائد عام للقوات المسلّحة أصدر أوامره إلى قيادة العمليّات المشتركة بفرض الأمن في بغداد، مع منحها الصلاحيّات اللازمة لذلك”.
وسبق الصدر أوامر العبادي، بإصدار بيان رسميٍّ وجّه فيه أتباعه المعتصمين و”القوات الأمنيّة” بـ”عدم المساس بمسيرة الحياة في العاصمة بغداد”.
اقرأ أيضاً العراق: أنصار الصدر يتجاوزون الحواجزالأمنية ويصلون بوابات المنطقة الخضراء
كما شدّد على “عدم السماح بأي انتشار مسلّح على الإطلاق، من أيّة جهة”، مشيراً إلى أنّ “آفاق التغيير قد بدأت، وبدأت الغمامة بالانقشاع والزوال”، بحسب تعبيره.
بدوره، أكّد المتحدّث باسم الصدر، الشيخ صلاح العبيدي، أنّ “الاعتصامات ستستمر حتى يتم تنفيذ الإصلاح السياسي والاقتصادي الشامل”.
وقال العبيدي، في حديث متلفز، إنّنا “ملتزمون بتعليمات الصدر ولن نتنازل عن الإصلاح الشامل”، مؤكّداً أنّ “المعوّقات التي وضعت اليوم من قبل الحكومة بوجه المعتصمين أضيفت إلى الأسباب التي تجعلنا نتمسّك بالاعتصام، حتى تحقيق مطالبنا المتمثّلة بالإصلاح”.
ودعا إلى “إعادة النظر بالبنية الأساسيّة للدولة، وفقا للأسس التي حدّدها الصدر، بغية التقليل من نسبة الفساد وإعادة هيبة الدولة”، رافضاً “الإصلاحات الشكليّة وغير الحقيقيّة”.
وكان الآلاف من أنصار الصدر قد نجحوا في تجاوز الحواجز الإسمنتية وصفوف القوات الأمنية، والوصول إلى مقربة من بوابات المنطقة الخضراء، حيث نصبوا خيامهم، متحدين القوات الحكوميّة التي لم تمنحهم أي موافقة رسميّة على الاعتصام.
بدوره، دعا رئيس البرلمان سليم الجبوري، إلى “الحكمة وضبط النفس والالتزام بالتظاهر السلمي، لتفويت الفرصة على الإرهابيين وأعداء العراق، من أيّ محاولة لحرف التظاهرات عن مسارها الحقيقي”.
وقال الجبوري، في بيان صحافي، إنّه “يقف مع حق المتظاهرين الدستوري بالتعبير عن الرأي والمطالبة بالإصلاح، وفقا لما كفله لهم الدستور والقانون”، مؤكّدا أنّه “يتابع الانضباط العالي والالتزام بالقانون الذي أبداه المتظاهرون والقوات الأمنيّة وقياداتهم الميدانيّة”.
وتجري الاعتصامات التي دعا لها زعيم التيّار الصدري وسط أجواء متشنجة جدّا ومخاوف من تطورها واقتحام أتباع الصدر للمنطقة الخضراء التي تضم المقرّات الحكوميّة والسفارات الأجنبية، فيما تؤكّد الحكومة أنّ الاعتصامات مخالفة للدستور والقانون، وسط دعوات سياسيّة للاحتكام إلى العقل وإيجاد تسوية سياسيّة.
وكان العبادي قد استعان، منذ أول أمس، بقوات قتاليّة ومروحيّات لتأمين المنطقة الخضراء ومناطق بغداد من أي انفلات أمني قد يحدث خلال الاعتصامات.
وتضع الاعتصامات حكومة العبادي على المحك، إذ تُعَدّ تجربة جديدة يمر بها العبادي واختباراً لمدى قدرته على احتواء الموقف، في وقت يسعى فيه لإحداث تغيير سياسي واستبدال الحكومة بحكومة تكنوقراط، الأمر الذي قلّب عليه كتل تحالفه الوطني، ومنها كتلة الصدر، التي ترى أنّ التغيير يضرب مصالحها بالصميم.
أكثم سيف الدين
صحيفة العربي الجديد