يعد قطاع الكهرباء من أكثر القطاعات تطورا ونموا على مستوى العالم؛ لذلك كان من الاهمية بمكان ان يكون هناك اهتمام بالربط الكهربائي وفتح لقنوات التعاون لضمان تلبية متطلبات الدول من هذه القطاع الحيوي ومواجهة تزايد استهلاك الطاقة .
وانطلقت دعوات خبراء ومسؤولين لزيادة التعاون في مجال الربط الكهربائي بين الدول العربية، ما يتيح خلق سوق عربية مندمجة ومتناغمة للكهرباء وربط منظومات الكهرباء الذي يضم في عضويته 19 بلدا عربيا ، وسيصبح محورا أساسيا في الربط الكهربائي العربي ، ويوفر المشروع مليارات الدولارات من الاستثمارات اللازمة لبناء البنى التحتية من محطات ومركز تزويد لتلبية المتطلبات .
ويعد الخبراء هذا الربط خارطة طريق للاتحاد العربي للكهرباء وفرصة لتبادل التجارب والاستراتيجيات المرتبطة بالطاقة وتحقيق رؤية تمكن العالم العربي على المدى البعيد من تنويع أكبر لمصادره الطاقة فيه ، وذلك من خلال دعم التطور التكنولوجي في مجال توليد الكهرباء ومصادر الطاقة المتجددة المتاحة في هذه البلدان. وتنمية الصلات في مجال الكهرباء وتطويرها من حيث الإنتاج والنقل والتوزيع ومواجهة التحديات التي تفرضها تحديات الطاقة التي تواجهها البلدان العربية .
ان التعاون في هذا القطاع امر ضروري للاستفادة من أوجه التكامل الممكنة ومن تحويل جميع فرص التعاون المتاحة على مستوى الوطن العربي إلى مشاريع حقيقية ذات نفع مشترك.
ويرى البنك الدولي أن الربط الكهربائي بين دول منطقة الشرق الأوسط بعضها ببعض، وبين دول الشرق الأوسط ودول جنوب أوروبا، سيوفر مليارات الدولارات التى تحتاج تلك الأسواق لضخها فى قطاع الكهرباء.
وبحسب دراسة أعدها البنك، تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ضغطا هائلا وغير مسبوق على شبكات البنية التحتية المتقادمة في ظل الزيادة الهائلة في احتياجات الكهرباء.
وتشير التقديرات إلى أن الطلب على الكهرباء فى المنطقة سيزيد بنسبة 84% فى 2020، وهذا سيتطلب زيادة مقدارها 135 جيجاوات واستثمارات بقيمة 450 مليار دولار، لكن الربط الكهربائي الإقليمى بين دول المنطقة، يقلل الحاجة إلى قدرات إضافية لتوليد الطاقة الكهربائية من 135 جيجاوات إلى 102 جيجاوات، ما يعني انخفاضا هائلا في قيمة الاستثمارات المطلوبة.
وأوضح البنك ان الربط الكهربائي التام سيكتمل من الناحية الفنية في المنطقة بحلول 2018 على أقصى تقدير، وذك بمجرد استكمال إنشاء محطة الربط بين مصر والسعودية بقدرة 3 آلاف ميجاوات.
ويقول البنك إن التبادل التجاري الحالي في مجال الكهرباء بين البلدان العربية محدود للغاية حيث يقل عن 2% من قدرة المنطقة، بحسب التقديرات، وهذا يعنى أن المنطقة العربية هي الأقل تكاملا على مستوى العالم.
وأوضحت الدراسة ان هناك عدة أسباب لمحدودية التبادل التجاري في مجال الكهرباء بين البلدان العربية ومنها: ضعف الاستثمارات في مجال توليد الطاقة الكهربائية بالمنطقة وسط اضطرابات سياسية مستمرة في البلدان الرئيسية، ما أدى إلى تأخر هائل في بناء محطات جديدة وإنشاء معدات جديدة لنقل الكهرباء، وهناك أنماط متماثلة في الاستخدام اليومي والموسمي للطاقة في العديد من بلدان المنطقة، تعمل على الحد من إمكانات التبادل التجاري
وعلى الرغم من أن التعاون البيني على مستوى الإقليمى بين بلدان المنطقة كان محدودا إلى حد ما، فإنه وبحسب البنك، هناك فرصة لزيادة التعاون بين بلدان المنطقة ومنطقة أوروبا.
وبحسب دراسة البنك، شهدت السنوات القليلة الماضية ركودا اقتصاديا في أوروبا أدى إلى خفض الطلب على الكهرباء بصورة كبيرة، ولاسيما فى إيطاليا، وحقق برنامج إيطاليا لزيادة قدراتها على توليد الطاقة المتحددة نجاحا كبيرا، إذ من المتوقع أن يفي هذا البرنامج بالمستهدف الخاص بالاتحاد الأوروبي البالغ 20% من إنتاج الكهرباء من خلال الطاقة المتجددة في سنة 2020، وذلك قبل الموعد المحدد بعدة أعوام، وعملت مشروعات الطاقة المتجددة التي ظهرت في السنوات القليلة الماضية مع تراجع الطلب بسبب الركود الاقتصادى على تحويل إيطاليا إلى بلد يتمتع بفائض بإمدادات الكهرباء لأول مرة فى تاريخها بعد الحرب.
من ناحية أخرى، يرى البنك أن هناك جوانب تكامل قائمة فى جميع أرجاء المنطقة مع إمكانات قوية لوجود سوق إقليمي عبر المناطق للكهرباء، ولاسيما بين بلدان مجلس التعاون الخليجي.
وقد أصبح مشروع الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون الخليجي من المشاريع العملاقة ليس في الشرق الاوسط بل بالعالم ، وتقدر استثمارات المشروع بأكثر من 11.25 مليار ريال يتم تمويلها من خلال الشبكات الكهربائية بنسبة 35% بينما ال65 في المئة الأخرى سيمولها القطاع الخاص
وبين البنك انه «من الممكن أن تتجاوز المنافع الإمدادات المستقرة للطاقة اللازمة، لدفع قاطرة النمو الاقتصادى والتنمية»
مسؤولو البنك الدولي ضمن مبادرة العالم العربي التي سبق أن أطلقتها المؤسسة المالية الدولية يقولون انها تعمل على تنفيذ الجزء الثالث من دراسة الربط الكهربائي العربي الشامل وتقييم إمكانية استغلال الغاز الطبيعي لتصدير الكهرباء.
ويرى خبراء ان مشروع الربط الكهربائي العربي يسهم في توثيق العلاقات السياسية بين الدول العربية وتذويب الخلافات، ويحقق اهدافا اقتصادية كتخفيض الاستثمارات اللازمة لتلبية الاحمال المطلوبة لكل نظام على حدة وبالتالي تقليل تكلفة التشغيل والاستفادة من تكاليف الانتاج للوصول لتكلفة اقل عن طريق استعمال وحدات انتاج اقل تكلفة معتبرة ان تحقيق الربط الكهربائي سيكون نواة حقيقية لانشاء السوق العربية للطاقة بمفهومها الكامل.
ان الدول العربية اليوم امام تحديات كبيرة، ومن ضمنها الطاقة وعليه لابد من تضافر وتنسيق الجهود لتلبية متطلبات بلدانها من الكهرباء، اذ يعد الربط الكهربائي افضل الحلول لما فيه من تبادل للخبرات وتوحيد للرؤية ، وتوفر نتائج بارزة للعلاقات العربية البينية أهمها تشجيع وجذب الاستثمارات العربية للوطن العربي ما يسهم في مواجهة متطلبات النمو السكاني الهائل من الطاقة وتيسير انتقال الكهرباء من دولة عربية لأخرى وتحديد العقبات التى تواجهه وكيفية التغلب عليها.
عامر العمران
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية