طرابلس – امتدت حملات مقاطعة الدواجن والبيض في ليبيا الغنية بالنفط إلى اللحوم الحمراء والإسمنت في محاولة لكسر حدة الأسعار، وسط أزمات معيشية يعانيها المواطنون من انخفاض القدرة الشرائية، مع تأخر رواتب الموظفين، وذلك بعد فرض ضريبة على سعر الصرف بـ27 بالمئة.
ونقل موقع “بوابة الوسط” عن نائب رئيس اتحاد جمعيات حماية المستهلك أحمد الكردي قوله إن حملات المقاطعة تتوسع لتشمل اللحوم الحمراء، بعدما وصل سعر كيلو لحم الخروف الوطني إلى 80 دينارًا، وسعر قنطار الإسمنت 50 دينارًا.
وأضاف الكردي “من غير المعقول ارتفاع أسعار الإسمنت إلى مستويات غير مسبوقة، وجميع المصانع تملكها الدولة، مع احتكار قلة للمنتج، ومن ثمة بيعها بسعر مضاعف”.
وتابع أن حملات المقاطعة بدأت الاثنين باللحوم الحمراء بمختلف أنواعها المحلية والمستوردة، مؤكدا أن سلاح المقاطعة خيار قوي للمستهلك من أجل السيطرة على الأسعار.
ولفت الكردي إلى قلة متابعة وزارتي الاقتصاد والصناعة للأسعار في الأسواق، مع وجود احتكار وغياب المنافسة الكاملة.
وسبق أن دعا الكردي في تصريح إلى قناة “الوسط الليبية” المصانع الوطنية إلى كتابة السعر على السلعة، لقطع الطريق أمام تلاعب التجار ومحال التجزئة، وحتى يكون هامش الربح معروفًا أمام الجميع.
وأطلق عدد من النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأسابيع الماضية، حملة مقاطعة الدواجن والبيض، وشملت حملات المقاطعة شعارات “قاطعوا الدجاج والبيض”، و”قاطع مش حتموت”، و”أرجوك لا تشترِ البيض”.
وبدأت الحملة في العاصمة طرابلس السبت وتوسعت إلى مناطق أخرى، وذلك بسبب الارتفاع الجنوني لأسعار لحوم الدواجن الأكثر استهلاكا لدى الشعب الليبي، حيث قفزت أسعار كرتونة البيض إلى 22 دينارا بعد أن كانت لا تتعدى 10.5 دنانير.
وأدى ازدياد أسعار الدواجن والبيض في الأسواق إلى انضمام عدد من المطاعم الشهيرة إلى مبادرة المقاطعة للضغط على تجار التجزئة والحكومة من أجل حل الأزمة.
ويتوقع أن لا تقتصر حملات المقاطعة على البيض ولحوم الدواجن واللحوم الحمراء والإسمنت، إذ أكد نشطاء على مواقع التواصل أنها ستشمل سلعا أخرى من أجل خفض الأسعار في حال تواصلت موجات الغلاء.
وذكر موقع “بوابة الوسط” أن الحملة التي انطلقت السبت الماضي بدأت تعطي ثمارها، وأشار إلى تراجع سعر طبق البيض من 20 دينارًا إلى 11 دينارًا، بحسب عدد من أصحاب المحال التجارية بمنطقة حي الأندلس وجنزور.
وأكد آخر تقرير صادر عن مصرف ليبيا المركزي ارتفاع معدل التضخم في الأسعار إلى 2.1 بالمئة حتى سبتمبر 2023. ويرجع هذا الارتفاع إلى التحديات الاقتصادية الراهنة التي تعاني منها البلاد، وتراجع سعر العملة.
وتعتمد ليبيا في إيراداتها المالية على النفط بنسبة تصل إلى 95 بالمئة. وكان مصرف ليبيا المركزي قد أكد أن إيرادات البلاد من مبيعات النفط الخام بلغت 99.1 مليار دينار ليبي (20.7 مليار دولار) خلال العام الماضي. ويقل هذا المبلغ عن 105.4 مليارات دينار (22.1 مليار دولار) تم تسجيلها في 2022.
في ظل موجة الغلاء التي صاحبت قرار فرض ضريبة على بيع النقد الأجنبي بـ27 بالمئة، والتي رفعت الأسعار بنحو 30 بالمئة، يشتكي العمال الليبيون من تأخر رواتبهم.
وقال رئيس اتحاد عمال ليبيا عبدالسلام التميمي إن “عمال ليبيا يعانون من تأخر صرف الرواتب والأجور وتأخر في صرف الفروقات المالية وغياب التأمين الصحي مع غلاء المعيشة”.
وأضاف في تصريح إعلامي أن أكثر الشكاوى التي تصل إلى الاتحاد تتعلق بقطاع النقل الجوي، فيما يتعلق بالخطوط الليبية وشركات التموين والخدمات الأرضية وعمال الشركات المتعثرة.
وأشار إلى أن العاملين في شركة الخطوط الليبية لم يتقاضوا رواتبهم منذ ثلاث سنوات، لافتا إلى أن الشركة خسرت 17 طائرة بسبب الحروب المتعاقبة دون حصولها على تعويض حكومي.
وأوضح أن أكبر شركة طيران لا تزال تعمل في ظل نقص الإمكانات المادية مع وجود منافسة مع شركات أجنبية، فضلا عن وجود 12 شركة طيران محلية خاصة، في حين لا تستوعب سوق الطيران في ليبيا إلا شركتين أو ثلاثة فقط.
وأكد أن 65 عاملاً في الشركات المتعثرة دون رواتب منذ أكثر من ست سنوات، فضلا عن توقف المصانع، ومعاناة الشركات أزمات مالية.
من جانبه، قال المهندس محمد بن عثمان الموظف بشركة البناء والتشييد غريان إنه لم يتقاض رواتبه منذ أكثر من ست سنوات دون وجود حلول.
وأوضح بن عثمان في تصريح لموقع “بوابة الوسط” أن الشركة جرى نقلها إلى هيئة الاستثمار وشؤون الخصخصة، لكن القرار توقف، وأصبح التعثر سيد الموقف.
وأشار محمد المريض، عامل في إحدى المصانع المحلية، إلى أن حقوق العامل “ضائعة في القطاع الخاص”، مضيفا “العمل في القطاع الخاص ساعات إضافية ولا توجد حقوق”.
وتأسس اتحاد عمال ليبيا في خمسينيات القرن الماضي، حيث أدى دورا كبيرا في الحركة العمالية، وأسهم في تغيير تشريعات في تلك الحقبة، وأبرزها قانون العمل الصادر العام 1952. ومع بداية حكم معمر القذافي ألغى الاتحاد مطلع سبعينيات القرن الماضي، لكن بعد ثورة فبراير 2011، أعيد إحياء اتحاد عمال.
العرب