قبل أسابيع قليلة، أعلنت جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، فك ارتباطها بالتنظيم الأم، وتغيير اسمها إلى «جبهة فتح الشام». لكن من وجهة نظر المحللين الذين أبدوا تشككهم من تلك الخطوة، فإن هذا التغيير في المسميات، قد يتسبب في إطالة أمد الصراع.
يرى الكاتبان كولين لارك، وتشاد سيرينا في مقالهما المنشور في موقع مؤسسة «راند» الأمريكية «RAND Corporation» أن هذا التغيير قد ينطوي على سيناريو كارثي بالنسبة للوضع في سوريا. فقد يكون هدف التنظيم المتشدد من هذه الخطوة هو التغلغل في صفوف الثوار السوريين المعتدلين، على اعتبار أنه أصبح فصيلًا محليًّا، ولا علاقة له بأي جهة خارجية، ويحاكي ما قام به حزب الله في لبنان.
والدافع وراء هذا الإعلان، هو محاولة دمج كافة فصائل المعارضة السورية في فصيل واحد قوي، ما يساعد على الذوبان في صفوف القوات المتمردة.
وقد بدا جليًا أن هذا ما يحدث بالفعل بعد أن قادت الجبهة عملية فك الحصار عن حلب، وتصريحات المتحدث باسم الجبهة لشبكة سكاي نيوز، التي أكد فيها أن كافة الفصائل المعارضة في سوريا بصدد تشكيل كيان موحد.
والجدير بالذكر أن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ونظام بشار الأسد المدعوم من سوريا ما ينفكان وصم الجبهة بالإرهاب لارتباطها بتنظيم القاعدة، وهو بهذا الإعلان يسعى للتواري عن الأنظار والابتعاد عن مرمى نيران أعدائه. رغم أن الولايات المتحدة أعلنت أنها غير معنية بهذا الإعلان، وأنها ستواصل قصف التنظيم. ويريد التنظيم كسب ود فصائل المعارضة الأخرى والسكان المحليين في عموم سوريا، وإرسال رسائل طمأنة إلى دول مثل السعودية، وتركيا، وقطر، حتى يضمن تواصل الدعم منها.
لكن الآثار الإستراتيجية لهذا الإعلان ستكون عميقة، كما يشير الكاتبان. فاندماج الجبهة مع بقية الفصائل الأخرى سيجلب بعض التشدد على تحالف المتمردين القائم، ذلك التحالف الذي يضم فصائل على استعداد للتوصل إلى تسوية سياسية، أما الجبهة فترفض هذا الأمر، وكذا نظام بشار الأسد.
لكن الوضع القائم في حلب الآن قد يجبر الأطراف على الجلوس للتفاوض. لكن وجود متشددين في أوساط قوى المعارضة يحد من هذه الفرضية. وقد جاء التدخل العسكري التركي الأخير في شمال تركيا ضد تنظيم الدولة والأكراد السوريين ليجعل من إمكانية التفاوض أمرًا بالغ الصعوبة.
وقد بدا جليًا بما لا يدع مجالًا للشك أن الجبهة تسعى للعب دور حامي الشعب، وليس الوكيل عن القاعدة. وقد حظي هذا الإعلان بدعم من القاعدة عبر كلمة لزعيم التنظيم أيمن الظواهري، لأنها «في صالح الجهاد العالمي».
وقد اتخذت الجبهة خطوات فاعلة لكسب ود الشعب السوري، وذلك عبر الحملات الدعوية، والأعمال الخيرية، وحفظ الصالح العام بهدف تجنيد أعضاء جدد، والحصول على دعم أكبر.
والمفارقة هنا، كما يقول الكاتبان، أن هذا ما فعله حزب الله في لبنان بالضبط في الثمانينيات والتسعينيات لكسب الشرعية السياسية. وقد بات الحزب اليوم ركنًا من أركان الدولة اللبنانية، عبر ترسانة عسكرية ضخمة توفرها له إيران، ونفوذ سياسي قوي في البرلمان اللبناني. وأصبح يمتلك القدرة على جر لبنان للدخول في حروب مثلما فعل في عام 2006، عندما دخل في حرب مع إسرائيل.
تسعى الجبهة حاليًا إلى تنويع مصادر الدخل دعمًا لمجهودها الحربي. لكنهم يفتقرون إلى الدعم الخارجي كالذي حصل عليه حزب الله من إيران. ولكن مثلما كانت إسرائيل حافزًا على توحد القوى الشيعية في لبنان، فإن نظام الأسد ومن ورائه الروس سيحفزون الوحدة بين الفصائل السورية.
ويوصي الكاتبان بعدم السماح باندماج الجبهة في سوريا، مثلما فعل حزب الله في لبنان. ويجب فعل ذلك، حتى لو تطلب الأمر إطالة أمد الحرب أكثر من ذلك.
عبدالرحمن النجار
مترجم عنWhy Syria’s War May Be About to Get Even Worseللكاتب
Colin P. Clarke and Chad C. Serena
نقلا عن ساسة بوست