لوّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ «تدابير مضادة» ستتخذها بلاده رداً على توسع الحلف الأطلسي (ناتو) شرقاً. وربط للمرة الأولى بين قرار ضم روسيا شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا في آذار (مارس) 2014، وإصرارها على مواجهة احتمالات «ظهور قواعد عسكرية لـ «الأطلسي» أو للولايات المتحدة في سيفاستوبول. ترافق ذلك مع بدء روسيا خطوات عملية لنشر أنظمة صاروخية من طراز «إسكندر» في إقليم كاليننغراد (أقصى غرب).
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قال بعدما التقى بوتين في البيرو إنه «يريد حلاً لأزمة أوكرانيا قبل مغادرته منصبه في كانون الثاني (يناير) المقبل. وتابع: «أوصيت بوتين بإعطاء تعليمات لمفاوضيه للعمل معنا ومع فرنسا وألمانيا وأوكرانيا كي نرى ما نستطيع فعله قبل انتهاء ولايتي».
وأعلن البيت الأبيض أن أوباما حض بوتين على احترام التزامات روسيا في اتفاق مينسك، مشدداً على تمسك الولايات المتحدة وشركائها باحترام سيادة أوكرانيا.
وفي مقابلة تلفزيونية نشرت مقاطع منها أمس، قال بوتين: «نحن قلقون من آليات اتخاذ القرارات في الحلف الأطلسي، وعندما تنضم دول جديدة إلى الحلف يصعب مواجهة ضغوط دولة كبيرة وزعيمة للحلف مثل الولايات المتحدة، ما يفاقم خطر تبني سياسات تضر أمن روسيا»، في إشارة إلى مساعي أوكرانيا إلى الإنضمام للحلف قبل اندلاع المواجهة مع روسيا.
وزاد: «تجد روسيا نفسها في مثل هذه الحالات مضطرة إلى اتخاذ تدابير مضادة».
وللمرة الأولى، أعلن بوتين أن روسيا «لم يكن يجب أن تنتظر ظهور الولايات المتحدة والناتو في قاعدة سيفاستوبول بالقرم عبر درع صاروخية ومنظومات هجومية وقواعد عسكرية جديدة، لأن هذا الأمر كان سيخلق وضعاً صعباً جداً لنا».
وزاد: «ماذا كان يجب أن نفعل؟ تحتم اتخاذنا تدابير جوابية تجعل المواقع التي نرى أنها تهددنا أهدافاً لأنظمتنا الصاروخية. الوضع مزعج، لكنه أجراء لا بد منه».
لكن بوتين استدرك بأن «قرار ضم القرم أتخذ بناء على رغبة مواطنيها الذين شاركوا في استفتاء تلى الانقلاب على السلطة الشرعية في أوكرانيا عام 2014، مشدداً على أن الديموقراطية هي السياسة التي تستند إلى رغبة الشعب الذي يتحقق في التصويت. وقد أيد أكثر من 90 في المئة من سكان القرم الانضمام إلى روسيا، فيما لم يحدث أي قتال هناك، ولم يقتل أحد».
إلى ذلك، أكدت وزارة الدفاع الروسية نشر أنظمة صاروخية متطورة من طراز «إسكندر» في إقليم كاليننغراد، «استكمالاً لخطة تزويد كل المناطق العسكرية، وبينها القطاع الغربي، بهذه المنظومة قبل حلول العام 2018».
وكانت موسكو أعلنت أن نشر الصواريخ في المقاطعة يدخل في إطار تدابير مواجهة خطط تعزيز الأطلسي وجوده العسكري قرب حدود روسيا، علماً أن معاهدة الحدّ من الأسلحة التقليدية في أوروبا الموقعة عام 1980 تمنع نشر روسيا أنظمة صاروخية وأسلحة تقليدية في مناطق قريبة من الحدود مع أوروبا، لكن موسكو جمدت العمل بها باعتبار أن «توسيع الأطلسي ونشر مكونات الدرع الصاروخية في شرق أوروبا انتهك المعاهدة».
وفي مقابلة مع محطة «سي إن إن» الأميركية، صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: «ننشر أسلحة في كاليننغراد التي هي أراضٍ روسية، فيما تنشر الولايات المتحدة أسلحة في شرق أوروبا، وهي ليست أراضي أميركية».
وتابع: «زادت الولايات المتحدة بمقدار الربع تمويل برنامجها العسكري في أوروبا الشرقية. بنيتها العسكرية تقترب من حدودنا، وستزود مقاتلات «أ ف 35» الأميركية الحديثة أحدث القنابل النووية، وتنشتر قرب حدودنا».
في الإطار ذاته، أعلن رئيس لجنة مجلس الفيديرالية الروسي (الشيوخ) لشؤون الدفاع والأمن، فيكتور أوزيروف، أن روسيا ستضطر إلى تعزيز منظومة الدفاع الجوي في الاتجاه الغربي، واستخدام وسائل جديدة لحماية مقار القيادة والمواقع المهمة رداً على نشر نظام الدرع الصاروخي الأميركي في أوروبا.
وقال: «إننا مضطرون لنشر منظومات أس – 400 وإسكندر في كالينينغراد، وإنشاء تشكيلات جديدة في المنطقتين العسكريتين الغربية والجنوبية».
على صعيد آخر، حذر وزير الدفاع الياباني السابق شيجيرو إيشيبا من الإفراط في التفاؤل في إمكان حصول انفراج في النزاع الإقليمي المستمر منذ عقود مع موسكو في شأن الجزر المتنازع عليها غرب المحيط الهادئ، حين يلتقي رئيس الوزراء شينزو آبي الرئيس الروسي بوتين في طوكيو في 15 و16 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
ويأمل آبي الذي يرى في تحسين العلاقات مع موسكو وسيلة لمواجهة النفوذ المتنامي للصين، في أن يساهم بريق التعاون الاقتصادي في تحقيق انفراج، والإفادة من متاعب الاقتصاد الروسي بسبب تراجع أسعار النفط والعقوبات الغربية التي فرضت على موسكو بعد ضمها القرم. وعرضت اليابان التعاون الاقتصادي في 8 قطاعات بينها التكنولوجيا الطبية والطاقة.
رائد جبر
صحيفة الحياة اللندنية