المفاوضات المباشرة بين واشنطن وطهران، هل توقف المواجهة القادمة؟

المفاوضات المباشرة بين واشنطن وطهران، هل توقف المواجهة القادمة؟

اياد العناز 

بدأت تلوح في الأفق لقاءات وحوارات أمريكية إيرانية مباشرة، أعلن عنها الرئيس دونالد ترامب أثناء لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مما أجبر الخارجية الإيرانية على الإعلان عن بدأ المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت الموافق 12 نيسان 2025 في العاصمة العُمانية ( مسقط)، وهي التطورات التي تحدث بناءًا على ما احتوته رسالة الرئيس الأمريكي التي أرسلها للقيادة الإيرانية في الأيام الماضية.
أن تحديد موعد عقد المفاوضات بين الدولتين يؤكد حقيقة الثوابت السياسية الإيرانية وسعيها للحفاظ على بقاء الدولة الإيرانية ومؤسساتها ونظامها السياسي وعدم التفريط بالمشروع الإيراني ذو التوجه القومي الذي يتأخذ صيغه المذهبية في التوسع والتمدد في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي، وادراك المسؤولين الإيرانيين بأن عدم الاستجابة للحوار المباشر والنقاط الواردة في الرسالة الأمريكية إنما يعني تعرض البرنامج النووي الإيراني للتدمير عبر الضربات العسكرية الحاسمة.
وإدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب تسعى إلى إبرام اتفاق نووي جديد قبل المدة المحددة التي وضعت في عام 2015 عندما اجمعت دول (5+1) مع إيران على صيغ وأدوات أقر بها الاتفاق النووي الإيراني والتي تنتهي في شهر تشرين الأول 2025 وتسمح لإيران بالتصرف بأسلحتها الدفاعية وبرامج صواريخها الاستراتيجية وطائراتها المسيرة وحسب حاجتها، مع البقاء على برنامجها النووي ضمن متابعة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكن إيران بعد الانسحاب الأمريكي في آيار 2018 من الاتفاق النووي مارست خطوات عديدة وابتعدت عما اتفق عليه في العاصمة النمساوية ( فيينا) وعملت على زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم حتى وصلت إلى 60٪ وهو مايخالف شروط الاتفاق النووي الذي أقر لإيران نسبة 3،67 لتخصيب اليورانيوم مع زيادة في عملية تخزين الطرود المركزية بحيث وصلت إلى أكثر من أربعة الآلآف طرد، وهوما حدى بالوكالة الدولية إلى اصدار العديد من تقاريرها الفصلية التي أكدت على إمكانية قيام إيران بالتوصل إلى صناعة القنبلة النووية.
إذا ما سارت المفاوضات المباشرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وفق الصيغ التي تراها إدارة الرئيس ترامب فإن أي اتفاق سيكون أوسع من النشاطات النورية ويحقق أهدافًا استراتيجية تخدم الأهداف الأمريكية وتحافظ على المنافع الكبيرة والمصالح العليا الإيرانية، وألإ فإن المنطقة ذاهبة إلى أزمة سياسية وعسكرية كبيرة، في ظل ضعف وغياب لدور حلفاء ووكلاء إيران من المليشيات والفصائل المسلحة المرتبطة للحرس الثوري الإيراني، وهي النقطة الرئيسية التي تساهم في توسيع نطاق تحقيق اتفاق أمريكي إيراني حول القضايا المختلف عليها.
تدرك إيران أن ادارة الرئيس ترامب تتمتع بروحية الفريق الواحد الذي يعمل بشكل متكامل، والأغلبية تشارك ترامب في آرائه وتدعم أفكاره، وأن الإدارة الأمريكية الحالية تعمل على إقرار خريطة جديدة في مجال التاريخ السياسي الأمريكي، بفعل الصفات التي يتمتع بها الرئيس ترامب من قدرة على التنفيذ ووضوح في القرارات وثبات في العمل والمواجهة،وهي العوامل المركزية التي قرأتها بصورة جيدة القيادة الإيرانية وعملت على الإقرار بالحوار المباشر والمفاوضات الثنائية دون أي وسيط أو شريك.
سبق للرئيس ترامب وان واجه إيران بصورة مباشرة وسمح بقرار تصفية قائد فيلق القدس قاسم سليماني في الثالث من كانون الثاني 2020، وهي العملية العسكرية التي فاجأت إيران واحدثت تغييرًا كبيرًا في مسار المشروع السياسي الإقليمي الإيراني، وحقق فيها ترامب هدفـا مركزيًا ضرب فيه الخطط الاستراتيجية الميدانية للنفوذ والتمدد الإيراني في الشرق الاوسط والوطن العربي،وهذا ما جعل إيران تقرأ وتدرس رسالة الرئيس الأمريكي بشكل كبير وصيغة متكاملة لأنها تعلم أن ترامب من الشخصيات السياسية الأمريكية التي لا تتردد في قرراتها ولا تخشى عمليات التصعيد في المواجهة المباشرة.
ومع كل هذه الاحتمالات والقرارات الأمريكية، فإن هناك العديد من الشخصيات ذات التيارات السياسية المتباينة في مجلسي الكونجرس النواب الأمريكي من يرى إمكانية دعم الحلول الدبلوماسية والابتعاد عن أي مخاطره في مواجهة إيران، رغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في زيارته لواشنطن الأخيرة يحاول الضغط السياسي على الإدارة الأمريكية للشروع بعملية عسكرية واسعة ضد إيران تستهدف برنامجها النووي ومنشأتها العسكرية وبرنامج الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، وهو الأمر الذي يتوافق ورؤية الرئيس ترامب، إلا أن هناك من يذهب إلى جعل المفاوضات القادمة في (مسقط) محطة أخيرة في التعامل السياسي والحوار الدبلوماسي مع إيران وامكانية الوصول معها لاتفاق جديد يضمن تخليها عن برنامجها النووي، وهو الأمر الذي سيجنب إيران الهجوم العسكري الواسع والحفاظ على بقاء نظامها السياسي.

وحدة الدراسات الإيرانية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجة