يواجه حق الامتياز التجاري (الفرنتشايز) الكثير من الصعوبات بتونس في الوقت الذي يعتقد فيه خبراء في مجال التجارة الخارجية أنه يعد من بين أهم أشكال الاستثمار.
وتحتفظ وزارة التجارة والصناعة التونسية بحق منح التراخيص لأي علامة تجارية أجنبية وتقول إن الآلية التنظيمية التي تفرضها إنما وضعت من أجل الحفاظ على الصناعة التونسية في الكثير من القطاعات على الرغم من أن عددا كبيرا من هذه القطاعات يعاني من جراء الأزمة الاقتصادية في البلاد.
وبمقدور الفرنتشايز أن يلعب دورا كبيرا في إطلاق الشركات الصغيرة والمتوسطة وإيجاد فرص عمل جديدة، وبوسعه القيام بدور الوسيط بين الشركات التونسية والأسواق الخارجية عبر تصدير علاماتها ومنتجاتها أو خدماتها إلى الخارج، مما يوفر مداخيل إضافية والمزيد من الأرباح.
ورغم توفر الأرضية القانونية الملائمة للتعامل بعقود الامتياز التجاري للشركات التونسية، يعتقد اقتصاديون أن تونس لا تزال تضيّع على نفسها فرصة استغلال هذه الصناعة لمعاضدة جهود الإصلاح الاقتصادي.
وتكمن المشكلة الأساسية في صغر حجم رؤوس أموال الكثير من الشركات المهتمة بالفرنتشايز وهو ما لا يساعدها على الاستثمار نظرا إلى التكاليف الباهظة خاصة في مسألة تدريب اليد العاملة، فضلا عن الصعوبات المالية التي تمر بها منذ 2011.
غرفة التجارة والصناعة بتونس: سياسة الدولة وغياب التمويلات يعيقان توسع الفرنتشايز
وتعتقد الخبيرة القانونية في مجال الأعمال هندة اللواتي أن إحداث صندوق خاص للمساعدة على إتمام الإجراءات قصد استغلال علامات الشركات الأجنبية هو أمر ضروري لنجاح العمل بالفرنتشايز.
وقالت اللواتي لـ“العرب” إن “تطوير الهوية التجارية للشركات تعتبر خطوة استراتيجية للبداية الصحيحة في الفرنتشايز بحيث يتم إبراز اسم الشركة المانحة لعلامتها التجارية. وهكذا تزداد المنافسة بين الشركات التي تتبنى تلك العلامات”.
وكان جيمس بيك آب نائب رئيس الجمعية الدولية للاستغلال تحت التسمية الأصلية، وهي منظمة أميركية، قد قال في فبراير 2013 أن بلاده ستخصص صندوقا بقيمة 50 مليون دولار بهدف مساعدة المستثمرين التونسيين على الدخول في صناعة الفرنتشايز، لكن لم يتم تأسيسه إلى الآن.
وتسعى تونس منذ سنوات عبر الفرنتشايز إلى ترسيخ ثقافة اقتصادية جديدة في تونس لتنمية قطاعي التوزيع والخدمات، والتي تقدم خدمة للشركات لبدء نشاطها والتعريف بنفسها محليا.
والفرنتشايز عبارة عن عقود استغلال تجاري واقتصادي تحت العلامة التجارية الأصلية.
وينص قانون عقود الاستغلال تحت العلامة الأصلية الصادر في 2009 على أنه “عقد يمنح بمقتضاه صاحب علامة تجارية حق استغلالها لشخص طبيعي أو معنوي يسمى المستغل تحت التسمية الأصلية قصد قيامه بتوزيع منتجات أو إسداء خدمات لقاء مقابل مالي”.
ولا توجد إحصائيات رسمية دقيقة تشير إلى حجم الاستثمارات التونسية في الفرنتشايز أو عدد الشركات التي تعمل في القطاع. ومن الواضح أنه لم يحظ بالاهتمام المطلوب حتى الآن. إلا أن العاملين في هذه الصناعة لديهم قناعة كبيرة بأن الفرنتشايز يمكن أن يساعد الشركات على رفع رقم معاملاتها التجارية ويساعد على النمو الاقتصادي.
20 ترخيصا منحته وزارة التجارة من أصل 36 طلبا قدم إليها منذ انطلاق العمل بنظام الفرنتشايز في 2009
وقال لطفي المجدوب، وهو مدير في شركة زارا تونس لـ“العرب” إن “الكثير من التونسيين يقبلون على اقتناء الملابس من هذه العلامة رغم ارتفاع أسعارها، وذلك نظرا لكونها معروفة عالميا. وبالتالي فإن نسبة الأرباح ترتفع آليا”.
وتملك العديد من الشركات في تونس حق الامتياز التجاري، ومنها من ينشط في قطاع الملابس. فإلى جانب زارا هناك شركات تحمل علامات تجارية عالمية مشهورة مثل سيليو ولوفيس، ومنها ما ينشط في قطاع التغذية مثل كارفور وجيون.
وتظهر البيانات الرسمية أن وزارة التجارة لم تعط الضوء الأخضر إلى حد الآن سوى لنحو 20 ترخيصا لاستغلال العلامات التجارية الأصلية من بين 36 طلبا قدم إليها تعلق معظمها بمجالات العقارات والرياضة والمطاعم والفنادق والمقاهي وغيرها.
ومن بين رخص الفرنتشايز الأجنبية التي منحتها الوزارة العام الماضي علامات الملابس الجاهزة مثل بوتي باتو وأل سي وومان سكريت، إلى جانب سلاسل مطاعم من بينها جوني روكتس وتشيليز وبابا جونز مع توقع افتتاح برغر كينغ في الأشهر القليلة القادمة.
وتقول غرفة التجارة والصناعة التونسية إن الفرنتشايز طريقة مثالية لإنعاش الاستثمارات المحلية، لكن سياسة الحكومة وتهرب البنوك المحلية من مساعدة المستثمرين يعيقان دخول الشركات إلى هذا النشاط الحيوي.
العرب اللندنية