بغداد – عرض الجيش الأميركي على الحكومة العراقية المساعدة في تأمين محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين المستعادة من تنظيم داعش، في يوم الاقتراع، خلال الانتخابات المقررة في 12 مايو القادم.
ويسود الارتباك الأمني والسياسي هذه المناطق، التي يغلب العرب السنة على سكانها، منذ استعادتها. وتمثل مهمة إجراء انتخابات نزيهة وعادلة فيها تحديا كبيرا للحكومة العراقية.
وتسيطر على هذه المناطق قوى سياسية محلية نجحت في الإمساك بمفاصل القرار فيها، فيما تبدو الحكومة المركزية غير عابئة.
ويمكن أن تنعكس سيطرة هذه القوى على نتائج اقتراع مايو، وسط معلومات عن ضغوط تتعرض لها مكاتب مفوضية الانتخابات في هذه المناطق، ما يغذي مخاوف الأحزاب السياسية المنافسة.
وبحسب ساسة في الأنبار ونينوى تحدثوا لـ”العرب”، فإن “بعض الأحزاب التي قررت خوض الانتخابات، بدأت في شراء البطاقات الانتخابية القديمة من السكان”.
وتعتمد مفوضية الانتخابات نوعين من بطاقات الاقتراع؛ “القديمة” التي تضم المعلومات الرئيسية للناخب، و”الجديدة” التي جرى تحديثها بايومتريا، وتضم بيانات حيوية تساعد في التعرف على الهوية كبصمات العيون والأصابع.
وبينما يشترط في حامل البطاقة الجديدة الحضور شخصيا إلى المركز الانتخابي في يوم الاقتراع للإدلاء بصوته، وهو ما لا يُطلب من حامل البطاقة القديمة.
وتقول المصادر إن “سعر البطاقة القديمة بلغ نحو 100 دولار، وسيرتفع مع اقتراب موعد الانتخابات”. وتتهم جهات سياسية سنية محافظيْ الأنبار ونينوى بتسهيل مهمة أحزاب في المحافظتين لشراء البطاقات.
ومع انتشار دعوات لمقاطعة الانتخابات على نطاق واسع بين سكان هذه المناطق، فإن بطاقات الناخبين ستلعب دورا حاسما في تحديد الفائزين.
وتقول مصادر سياسية في بغداد لـ”العرب” إن “الولايات المتحدة تخشى أن يؤدي هذا الوضع في الموصل والأنبار إلى التأثير على شكل التمثيل السياسي السني في البرلمان والحكومة، ما يمكن أن يشكل مغذيا جديدا للعنف”.
ووفقا لهذه التقديرات، عرض الجيش الأميركي على بغداد المساعدة في تأمين بعض المناطق المستعادة من تنظيم داعش في يوم الاقتراع، لكنه لم يضع حتى الآن خطة واضحة لكيفية تقديم هذه المساعدة، وأنه ينتظر رد بغداد أولا.
ويقول مراقبون إن أي مساعدة يقدمها الجيش الأميركي لدعم نزاهة اقتراع مايو في العراق، ستكون محدودة الأثر بسبب الخبرة الانتخابية الكبيرة التي تملكها غالبية الأحزاب والشخصيات السياسية في التزوير وترتيب النتائج مسبقا.
واعتبر مراقب سياسي عراقي أن الولايات المتحدة تهدف إلى ضمان استمرار العملية السياسية التي قامت بصياغتها في السنوات الأولى لاحتلال العراق، وهو ما يضفي على تلك العملية طابعا شكليا، ذلك لأن كل الأطراف المتنافسة في أي انتخابات تُجرى في العراق لا تملك مشروعا سياسيا، من شأن تنفيذه أن يُخرج العراق من أزمة الحكم القائم على المحاصصة.
وأضاف المراقب في تصريح لـ”العرب” أنه “بعد ثلاث دورات انتخابية تبين أن المهرجان الانتخابي الذي يقام كل أربع سنوات هو محاولة لإضفاء نوع من الشرعية على النظام السياسي القائم وهو ما جعل الأحزاب تكتسب خبرة في تزوير النتائج”.
وأشار إلى أنه “إذا ما كانت الأحزاب الشيعية قد اعترضت في أوقات سابقة على وجود الآلاف من الجنود الأميركيين، فليس من المتوقع أن تواجه الولايات المتحدة صعوبات في نشر جنودها في المناطق ذات الغالبية السنية لأن عملية الانتخاب ستكون محصورة بالأحزاب السنية. وهي أطراف يهمها ضبط الشارع السني في ظل خشية مستمرة من وقوع عمليات عصيان أو تمرد احتجاجا على استمرار الوضع في تلك المناطق على ما هو عليه”.
ويرى أن الأحزاب السنية المتنفذة ستكون مستفيدة من الانتشار الأميركي وهو ما يشعر الأحزاب الشيعية بالاطمئنان إلى نجاح عملية الاقتراع. الأمر الذي يضمن لها الاستمرار في السلطة في ظل تمثيل سني ضعيف وهش، يعتمد في تركيبته على شخصيات منسجمة مع السياسات الطائفية.
ويتذكر سكان الأنبار كيف سيطرت بعض الأحزاب على مراكز الاقتراع نهاية أبريل 2014، ووضعت الأصوات التي تريدها في الصناديق، في لحظة كان داعش يحكم قبضته على أجزاء واسعة من المحافظة.
وإذا كان الأميركيون يركزون على الانتخابات في المناطق السنية، فإن الأمم المتحدة تعمل من جهتها لضمان “انتخابات هادئة” في المناطق الشيعية.
وتشمل خارطة المتنافسين الشيعة في الانتخابات مجموعة من الأحزاب والتيارات القوية التي يملك بعضها السلاح.
وسافر يان كوبيتش، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، إلى إيران حيث التقى بوزير الخارجية محمد جواد ظريف وبعض المسؤولين.
وتقول بعثة الأمم المتحدة في العراق إن كوبيتش شدد مع المسؤولين الإيرانيين على “ضرورة إرساء الاستقرار في العراق وضمان إجراء الانتخابات في موعدها”.
وتمارس إيران نفوذا كبيرا على فصائل مسلحة ضمن الحشد الشعبي ستشارك في الانتخابات.
وتخشى معظم الأحزاب الشيعية أن تستخدم الفصائل الموالية لإيران سلاحها في مناطق نفوذها وسط وجنوب البلاد، للتأثير على نتائج الانتخابات.
العرب اللندنية