لا يمكن لأحد أن يتوقع ما سيحدث اليوم داخل البرلمان البريطاني الذي سيصوت على اتفاق بريكست، فرغم أن جميع التوقعات تشير إلى إسقاط الاتفاق إلا أن توافقات اللحظات الأخيرة يمكن أن تغير وجهة التصويت، خاصة بعد تقديم الاتحاد الأوروبي الاثنين، لحزمة تطمينات مثلت جرعة دعم لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي تكافح حتى اللحظات الأخيرة لإقناع النواب المحافظين المتشككين.
لندن – بادر الاتحاد الأوروبي الاثنين بتوجيه حزمة من الضمانات لطمأنة النواب المحافظين المتشككين في وضع الحدود الأيرلندية وذلك لتفادي تصويتهم ضد الاتفاق الثلاثاء، حيث يخشى مناصرو بريكست في المملكة المتحدة أن تكون شبكة الأمان “فخا” يتيح إبقاء المملكة المتحدة مرتبطة لمدة غير محددة بالاتحاد الأوروبي رغم الانفصال.
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إن التعهدات المكتوبة الصادرة عن مسؤولي الاتحاد الأوروبي بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “لها قوة قانونية”، ويجب أن يُرحِب بها نواب البرلمان الذين لديهم تحفظات على اتفاق الخروج من الكتلة الأوروبية.
وقالت ماي في خطاب لها إن نواب البرلمان القلقين بشأن بروتوكول استراتيجية شبكة الأمان الخاصة بأيرلندا (باكستوب)، المثيرة للجدل لضمان وجود حدود أيرلندية مفتوحة بعد بريكست، يجب أن ينحّوا شكوكهم جانبا، وأن يدعموا الاتفاق في تصويت حاسم الثلاثاء.
وأضافت أن تأكيدات الاتحاد الأوروبي على تعهداته، من خلال الرسالة التي وقعها رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، “تزيد بصورة أكبر من احتمال عدم الحاجة إلى استخدام استراتيجية باكستوب”.
وجاء في الرسالة أن التعهدات التي قدمها قادة الاتحاد الأوروبي في ديسمبر الماضي، “لها قيمة قانونية” تتماشى مع سلطتهم، لتحديد الاتجاهات والأولويات بالنسبة للاتحاد الأوروبي على أعلى مستوى.
ولم يرغب أكبر المسؤولَين بالاتحاد الأوروبي في إعطاء مدة قصوى لتنفيذ حل اللحظة الأخيرة هذا الذي ينصّ على إبقاء المملكة المتحدة ضمن الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي إذا لم يكن هناك حل أفضل لتجنّب إعادة الحدود الفعلية بين مقاطعة أيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا وجمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد، إلا أنهما شددا على “القيمة القانونية” التي يشكك فيها البعض، لالتزامات اتخذتها الدول الـ27 في ديسمبر.
وضمّنا خصوصا أن يكون الاتحاد الأوروبي “مصمما بحزم على العمل بشكل سريع على صياغة اتفاق لاحق يضع ترتيبات أخرى بحلول 31 ديسمبر 2020، بهدف عدم تفعيل حلّ اللحظة الأخيرة”. وأضافا “في حال كان يجب تفعيل حلّ اللحظة الأخيرة فسيُطبق بشكل مؤقت، طالما لم يتمّ استبداله باتفاق لاحق يسمح بتجنّب الحدود الفعلية”.
وقال المسؤولان الأوروبيان إن الاتحاد “سيقوم بكل ما بوسعه لمفاوضة واختتام بشكل سريع” هذا الاتفاق “الذي سيحلّ مكان حلّ اللحظة الأخيرة”.
واقترح حزب العمال المعارض الذي يفضل البقاء في اتحاد جمركي دائم مع الاتحاد الأوروبي، أن يسعى إلى التصويت بحجب الثقة في الحكومة في حال رفض النواب خطة ماي.
وفي حال خسرت الحكومة، فسيكون أمام الأحزاب 14 يوما للعثور على بديل يحظى بدعم معظم النواب، أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة.
وأقر زعيم حزب العمال جيرمي كوربن بأنه في حال فاز الحزب بالسلطة، فإنه من المرجح أن يحتاج البرلمان إلى تأخير بريكست حتى يستطيع إعادة التفاوض على اتفاق الخروج.
وتتزايد التكهنات في بروكسل ولندن بأن ماي ربما تسعى إلى تمديد العمل بعملية المادة 50 للخروج إذا خسرت التصويت الذي سيجري الثلاثاء.
ورغم أنها نفت مرارا، إلا أنها عندما تم سؤالها عن هذه المسألة في مدينة ستوك الاثنين، ردت بجواب غامض وقالت “لا أعتقد أن علينا أن نمدد المادة 50”. وجددت ماي معارضتها لإجراء استفتاء ثان، وهو ما تدعمه أقلية متزايدة من النواب على أنه الطريقة الوحيدة للخروج من المأزق البرلماني حول بريكست.
وتجمع الأطراف الثلاثة المؤثرة في اتفاق بريكست، حكومة المحافظين والمعارضة البريطانية وبروكسل، فيما بات سيناريو تمديد فترة الخروج مطروحا بقوة إذا خسرت ماي التصويت على الاتفاق الثلاثاء.
وقال فينس كيبل زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار الموالي للاتحاد الأوروبي الأحد إن البرلمان البريطاني سيتحرك حتى لا تخرج بريطانيا من التكتل دون اتفاق.
وردا على سؤال عما إذا كان بوسع النواب التقدم بمشروع قانون لإبطال المادة 50، قال كيبل لتلفزيون بي.بي.سي “نعم هذا هو ما سيحدث بالضبط، وهذا هو بالضبط ما ينبغي أن نفعله لأن السماح بالملابسات الفوضوية للخروج دون اتفاق سيكون شنيعا ولا يغتفر”.
وإذا صادق أعضاء البرلمان البريطاني على اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فستغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي بموجب أحكام معينة في 29 مارس، لكن إذا صوّت النواب ضد ذلك، فسوف يفتحون الباب أمام حزمة من السيناريوهات، بما في ذلك الانتخابات المبكرة، أو استفتاء ثان، أو الخروج من دون صفقة.
ويقول متشككون في الاتحاد الأوروبي إن التقارير التي تتحدث عن تداعيات مدمرة لبريكست دون اتفاق جزء من سياسة لنشر الخوف والتشاؤم لإقناع الشعب بقبول اتفاق ماي.
ويشيرون إلى أن الجانبين سيكونان قادرين على تنفيذ سلسلة من الاتفاقات المحدودة والسريعة على مستوى القطاعات للحد من الاضطراب قبل التفاوض على اتفاق بديل، ربما على غرار نهج اتفاق كندا، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ويقول مؤيدو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إن أي ضرر قصير الأجل سوف تعوضه صفقات التجارة الليبرالية طويلة الأجل التي تخطط بريطانيا لإبرامها مع اقتصادات كبرى غير تابعة للاتحاد الأوروبي مثل الولايات المتحدة والصين والهند.
العرب