شغلت ثلاث قضايا الرأي العام في مصر، وخطفت الأضواء من نقاشات تعديل الدستور، التي طرحها البرلمان قبل أيام، وتتضمن مد فترة الرئاسة من أربع إلى ست سنوات، ورفع الحظر عن الترشح مجددا للرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، الذي يُنهي ثاني وأخر فترة رئاسية له عام 2022، بحسب الدستور الراهن.
هذه القضايا، مرتبطة بملاسنات رياضية وسياسية، وتسريبات جنسية، وموجة من التفجيرات الإرهابية.
وتستحوذ هذه القضايا على مناقشات مواقع التواصل الاجتماعي والشارع المصري، لاسيما لدى المعارضين، الذين ربطوا بين تصعيد الحديث عن تلك القضايا وما قالوا إنها محاولة لإبعادهم عن مناقشة التعديلات المقترحة التي يرفضونها.
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من السلطات المصرية بشأن ذلك الاتهام المنتشر، غير أن البرلمان قال مؤخرا إنه سيفتح باب لمناقشات علنية في اللجنة التشريعية بشأن التعديلات المقترحة للدستور.
ولم تعلق الرئاسة المصرية على التعديلات المقترحة، إلاّ أن السيسي تحدث في مقابلة متلفزة مع شبكة “CNBC” الأمريكية، في نوفمبر/ تشرين ثاني 2017، عن عدم نيته تعديل الدستور، وأنه سيرفض مدة رئاسية ثالثة.
ويأتي التعديل المقترح في آخر عام للبرلمان، قبل الدعوة إلى انتخابات نيابية، وهو الأول منذ تفعيل دستور 2014، والخامس في تاريخ مصر، حيث سبق وأن أُجريت تعديلات في أعوام 1980، 2005، 2007 و2014، شملت ولاية الرئيس، وجعل انتخابه بالاقتراع السري المباشر، واستحداث مواد متعلقة بصلاحياته.
وهذه القضايا الثلاث التي تشغل حاليا الرأي العام المصري:
ملاسنات رياضية وسياسية
على منصات التواصل الاجتماعي تتصاعد مشاحنات بين أنصار قطبي كرة القدم المصرية، الأهلي والزمالك.
تلك المشاحنات دفعت الدولي المصري، لاعب ليفربول الإنكليزي، محمد صلاح، إلى التعليق عليها، بدعوة أنصار الناديين إلى نبذ التعصب.
وعادة، يدخل على خط الأزمة رئيس هيئة الترفيه السعودية، تركي آل الشيخ، الذي بدأ استثمارا رياضيا في مصر، عبر شراء نادي “الأسيوطي”، وتغيير اسمه إلى “بيراميدز”، في يونيو/حزيران 2018.
وبات آل الشيخ من أكثر المغردين عبر “تويتر” وفيسبوك” في قضايا يحمل أغلبها انتقادات لأطراف وأندية في مصر، وهو ما يثير الكثير من المشاحنات والردود السلبية.
وسط زحام تلك المشاحنات، برزت ملاسنة بين الإعلامي المصري البارز، عمرو أديب، وعلاء نجل الرئيس الأسبق، حسني مبارك، على مواقع التواصل الاجتماعي، حول تغيير أديب آرائه بشأن نظام مبارك، الذي أطاحت به ثورة شعبية عام 2011.
انتشرت تغريدة لنجل مبارك، أرفق معها فيديو بشأن هذا التغيير، على وسائل التواصل الاجتماعي، مع آلاف التعليقات تظهر تناقض تصريحات أديب وتحوله من مؤيد إلى معارض، عقب تنحي مبارك.
ردّ أديب، عبر برنامجه “الحكاية” على فضائية MBC مصر(خاصة)، بالقول إنه “قليلا جدا” ما يعمل على شأن شخصي، لكن “من يهاجمني سوف أهاجمه”.
وزاد أديب بقوله لعلاء: “مش (ليس) على آخر الزمن واحد رد سجون هيعلمنا الأدب”، في إشارة إلى حبس علاء وشقيقه، عقب تنحي والدهما، بتهم فساد.
ومعلقا على تغريدة أحد المتابعين عن هجوم أديب، قال علاء: “هو الأستاذ عمرو مش (ليس) فاهم حضرتك أنا لا أقصد أعلمه الأدب لا سمح الله، بحاول أعلمه وأفهمه معني الرجولة“.
وحاز مقطع الفيديو، الذي نشره نجل مبارك، نحو 900 ألف مشاهدة خلال 24 ساعة، فضلا عن آلاف التعليقات والإعجابات.
وحاز ذلك السجال على مساحات اهتمام واسعة على منصات التواصل، واعتبر مغردون أن تلك الملاسنة أخذت اهتماما أكبر من مناقشة مقترحات تعديل الدستور.
تسريبات فاضحة
عبر منصات التواصل الاجتماعي، انتشرت في الآونة الأخيرة فيديوهات مخلة بالآداب، تم القبض على من ظهر فيها وعددهن أربع سيدات، بينهن مشهورات، مع اتهام البرلماني والمخرج السينمائي الشهير، خالد يوسف، في القضية نفسها، وهو معروف برفضه لتعديل الدستور.
بدأت التسريبات بنشر صور ليوسف مع إعلامية شهيرة قالت وسائل إعلام محلية إنها زوجته عرفيا، قبل أن يصف يوسف الأمر بأنه “مؤامرة” بحقه دون نفي ولا تأكيد.
لم ينته الأمر عند هذا الحد، بل انتشرت مقاطع جنسية مصورة لمشاهير تناولها الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بشكل مكثف.
وألقت السلطات القبض على ممثلتين قالت وسائل إعلام محلية إنهما ظهرا برفقة “مخرج مشهور” (لم تُسمّه) في فيديوهات إباحية، قبل أن يتم حبسهما احتياطيا على ذمة التحقيقات، ثم تنضم إليهما سيدة أعمال وراقصة في الاتهامات نفسها.
وفي أول رد له بشأن ما تردد عن كونه الشخص الذي ظهر مع الممثلتين في الفيديو المتداول، قال يوسف إن هذه المادة المصورة تم تداولها عام 2015، وعلى إثرها قدم بلاغا إلى النيابة ضد من يتداولونها وينسبونها إليه، ولم تتحرك النيابة حتى الآن.
وأضاف يوسف، خلال تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قبل أيام، أنه يواجه محاولة لـ”تصفيته معنويا”؛ بسبب معارضته للتعديلات الدستورية المقترحة.
وشدد يوسف على أن تواجده حاليا في العاصمة الفرنسية باريس ليس هروبا كما يتردّد، من دون أن يحدد موعدا لعودته إلى مصر.
ويوسف هو أحد أبرز المؤيدين لاحتجاجات قادت، عام 2013، إلى الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس مدني مصري منتخبا ديمقراطيا، وذلك حين كان السيسي وزيرا للدفاع.
كما جرى تسريب مكالمة هاتفية منسوبة للنائب البرلماني، هيثم الحريري، المعروف بآرائه المعارضة لسياسات السيسي وحكومته.
ويتضمن المقطع الصوتي المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي حديثا للنائب مع سيدة متزوجة به إيحاءات جنسية، بحسب تقارير إعلامية محلية لم يتسن التأكد من صحتها.
وأعلن تكتل (25-30) البرلماني، الذي يعد الحريري أحد رموزه، رفضه القاطع لإجراء أي تعديلات على الدستور، سواء من حيث الشكل أو المضمون، والهادفة إلى استمرار السيسي في الحكم حتى عام 2034.
واعتبر التكتل أن أي تعديل على مادة الرئاسة يصطدم مباشرة بنص المادة 226 من الدستور، التي أقرت بعدم جواز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب الرئيس.
وأخذت التسريبات أيضا مساحات انتشار واسعة تصدرت مناقشات التواصل الاجتماعي، قبل أن يصدر حظرا من النيابة المصرية على تداول تلك المواد أو الحديث عن تفاصيل القضية.
عودة العمليات الإرهابية
استحوذت مشاهد التفجيرات والعمليات الإرهابية على اهتمام الرأي العام المصري في الأيام الماضية، مع عدد كبير من الضحايا في صفوف الجيش والشرطة، في مقابل رد قوي من المؤسسات الأمنية.
وقع تفجير محدود في الجيزة (غرب القاهرة)، يوم 15 فبراير/ شباط الجاري، تلاه هجوم على “إرهابي” على حاجز أمني في سيناء (شمال شرق)؛ أسفر عن مقتل وإصابة 15 عسكريا.
وأعلنت الداخلية المصرية، مساء 18 من الشهر الجاري، مقتل شرطيين اثنين وإصابة ثلاثة ضباط، إثر تفجير عبوة ناسفة كانت بحوزة مطلوب أمني؛ ما أدى إلى مقتله على الفور، قرب جامع الأزهر وسط القاهرة.
وفي اليوم التالي، أعلنت الداخلية، في بيان، مقتل 16 مسلحا في العريش (شمال شرق)، قبل أن يعلن الجيش مقتل ثمانية عناصر مسلحة أخرى.