تشهد العاصمة السورية دمشق تحضيرات واسعة لعقد اجتماع عسكري يضم العراق وإيران إلى جانب ممثل لقوات النظام السوري، في لقاء هو الأول من نوعه على مستوى رؤساء الأركان ويعقد في سورية، ووفقاً لتسريبات حصل عليها “العربي الجديد” يبحث الاجتماع ملفات عدة، أغلبها يتعلق بالحدود وتبادل المعتقلين والنقل البري.
ووصل رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، محمد باقري، اليوم الأحد، إلى الأراضي السورية، على رأس وفد عسكري رفيع المستوى، على أن يشارك في اجتماع لرؤساء الأركان رفقة نظيره العراقي، وممثل لقوات النظام السوري.
وذكرت وكالة “إيسنا” الإيرانية أن باقري يزور دمشق لـ”المشاركة في مؤتمر عسكري ثلاثي مع رئيسي الأركان العراقي والسوري”، وهو الاجتماع الأول من نوعه على مستوى رؤساء الأركان الذي يعقد في سورية، لمناقشة “سبل مكافحة الإرهاب، والتعاون الإقليمي، وتطوير العلاقات العسكرية والدفاعية”.
وسيشارك في الاجتماع، بالإضافة إلى باقري، رئيس أركان الجيش العراقي الفريق أول ركن عثمان الغانمي، بينما لا يوجد رئيس للأركان لدى قوات النظام السوري حتى الآن، إذ جرى تعيين العماد علي أيوب، في يناير/ كانون الثاني 2018، رئيس الأركان السابق، وزيراً للدفاع، خلفاً للعماد فهد الجاسم الفريج، ولم يتم تعيين خلف له حتى الآن.
إلى ذلك، يتضمن برنامج زيارة باقري أيضاً، بحسب وكالة أنباء “فارس” الإيرانية، إجراء جولة تفقدية على من تسميهم طهران “المستشارين العسكريين” الإيرانيين في سورية.
ملفات لقاء دمشق
وبحسب تسريبات حصل عليها “العربي الجديد”، فإن الاجتماع الثلاثي يأتي لبحث عدة ملفات سورية عراقية، تحت رعاية إيرانية، يتعلق أغلبها بملف الحدود وتبادل المعتقلين والنقل البري بين إيران وسورية عبر العراق.
وحول الاجتماع، قال مسؤول عسكري عراقي رفيع في بغداد، خلال اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، إن رئيس أركان الجيش العراقي وجنرالات في الجيش سيشاركون في الاجتماع ضمن مساعٍ عراقية لتأمين الحدود الغربية مع سورية.
”
الاجتماع الثلاثي يأتي لبحث عدة ملفات سورية عراقية، تحت رعاية إيرانية، يتعلّق أغلبها بملف الحدود وتبادل المعتقلين والنقل البري بين إيران وسورية عبر العراق
”
ووفقاً للمسؤول ذاته، فإن “الاجتماع عسكري وليس سياسياً، وسيناقش عدة مواضيع، أبرزها التنسيق في ملف الحدود بين العراق وسورية، وإعادة فتح المعابر بين البلدين (القائم والوليد)، وتوقيع اتفاق لإعادة تثبيت الدعائم والحواجز الترابية الحدودية التي كان تنظيم “داعش” قد جرفها عام 2014، إبان اجتياحه مدن شمال وغرب العراق، فضلا عن تبادل المعلومات بشأن من تسلمه العراق أخيراً من المسلحين الذين اعتقلهم مليشيا “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) في سورية، ومناقشة ملف تبادل المعتقلين السوريين والعراقيين بين الجانبين، إلى جانب مناقشة ملف النقل البري بين إيران سورية عبر العراق”.
وحول دور الطرف الإيراني في الاجتماع، أوضح أن حضوره يتم “باعتباره طرفاً فاعلاً في الصراع السوري وداعماً لقوات النظام”.
وتنتظر مشاركة قيادات عسكرية عراقية ميدانية تعمل على حدود العراق مع سورية، إضافة إلى ممثل عن مليشيات “الحشد الشعبي” الموجودة داخل الشريط الحدودي السوري مع العراق أيضا.
أهداف إيرانية
من جانبه، قال الخبير بالشأن العراقي علي البكري إن “المواضيع المراد بحثها ستكون نقطة ارتكاز في التعاون بين نظام الأسد وبغداد برعاية إيرانية”، مبيناً أن “الإيرانيين يريدون الاستعجال في إنهاء ملف النقل البري إلى سورية عبر العراق، بعد نجاح جهود إفشال إسناد مهمة تأمين الطريق الدولي بين بغداد والأنبار، وصولاً إلى الحدود، إلى شركة “أوليف كروب” الأمنية الأميركية بطريقة الاستثمار طويل المدى”.
وأكد البكري أن “الانتهاء الوشيك من جيب الباغوز يعني أن التعاون أو التنسيق دخل مرحلة جديدة، والإيرانيون يريدون أن يكون تواصلهم مع الساحة السورية أسهل وأسرع، خاصة مع أطماعهم في الحصول على استثمارات هناك يعتبروها جزءاً من استحقاقهم على نظام الأسد”.
وأوضح أن “الجيش العراقي قد يدخل تحت الضغوط والإملاءات السياسية بهذا الإطار، على اعتبار أنه المعني الوحيد بتأمين الحدود الغربية للعراق مع سورية، بما في ذلك القوافل المتجهة إلى سورية حال فتح المعابر”، مشدداً على أنه “على حكومة عبد المهدي عدم السماح بزج الجيش في أي حسابات سياسية، خاصة أن الاجتماع وتوقيته ومكان انعقاده، ومشاركة إيران فيه، تثير المخاوف حول ذلك”.
كذلك تتزامن زيارة رئيس الأركان الإيراني مع حديث متزايد عن اهتمام إيران بالسيطرة على ميناء اللاذقية كمدخل لها على البحر المتوسط، إذ أشارت تقارير صحافية إلى احتمال نقل إدارة ميناء الحاويات في اللاذقية لإدارة إيرانية في بداية أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، ما يعني منح إيران القدرة على الوصول إلى الميناء من دون معوقات.
وحسب صحيفة “تايمز” البريطانية، فإن “الشركات التابعة للحرس الثوري الإيراني بدأت بالفعل بنقل البضائع عبر الميناء، ما يشير إلى أن طهران قد تستخدمه كمعبر لنقل السلاح”، مضيفة أن “الميناء سيكون حلقة الوصل بين البحر المتوسط والطريق البري فيما يعرف بـ”الهلال الشيعي” الممتد من إيران عبر العراق وسورية”.
وتأتي زيارة المسؤول العسكري الإيراني إلى دمشق أيضاً على وقع جملة تطورات، منها الحديث الروسي المتزايد عن ضرورة خروج جميع القوات المسلحة من سورية، بما فيها القوات الإيرانية، وتصريحات روسية بوجود اتفاق مع الجانب الإسرائيلي على احتمال تشكيل مجموعة عمل دولية لتحقيق هذه الغاية، خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى روسيا الشهر الماضي.
كما أن زيارة باقري تأتي بعد أقل من شهر من زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى طهران، التي كانت الأولى له منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011.
تحذيرات إيرانية لإسرائيل
وفي سياق آخر، قال القائد العام للحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، اليوم الأحد، إن بلاده “نظمت 100 ألف عنصر شعبي مسلح في سورية لقتال “داعش” و”النصرة” والمعارضة السورية”، مضيفاً أن العراق “شهد أيضا تنظيم 100 ألف مسلح من قبل القوات الإيرانية”، وفقًا لما نقلت عنه وكالة “فارس” الإيرانية.
وأضاف جعفري أن “إيران لا تتحمّل تكاليف كثيرة في هذا الخصوص، وأن تكاليفنا لا تساوي شيئاً مقابل تريليونات الدولارات التي تصرفها أميركا ضد محور المقاومة، بشكل مباشر أو غير مباشر”.
وهدد القائد العام للحرس الثوري الإيراني إسرائيل قائلاً إن جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة باتت تحت مرمى حلفاء إيران، وإن “الكيان الصهيوني أصبح محاصراً، ولم يعد يتمكن من توسيع حدوده”.
العربي الجديد