بغداد – تنعقد، الأربعاء، في العاصمة العراقية بغداد أعمال الدورة الثانية لمجلس التنسيق السعودي العراقي، وذلك في خطوة تكرّس تسارع التقارب الكبير بين البلدين وتخدم جهودهما لإيجاد مساحة أوسع من التعاون الثنائي والمصالح المشتركة في عدّة مجالات، في مقدّمتها المجال الاقتصادي حيث تبدو فرص التعاون كبيرة وواعدة.
وتخدم هذه الجهود توجّها لدى بغداد لتجاوز حالة البرود التي ميزت علاقات العراق بمحيطه العربي خلال العقود الماضية، وهو ما يجسّده الخطاب السياسي والجهود العملية لطاقم الحكم العراقي الجديد وليد انتخابات مايو الماضي، بقيادة كلّ من رئيس الجهورية العراقية برهم صالح، ورئيس الوزراء عادل عبدالمهدي.
وعلى الجانب السعودي تعكس تلك الجهود عزم المملكة العودة بقوّة إلى الساحة العراقية عبر بوابة المصالح الاقتصادية ومنافسة النفوذ القوي لإيران في تلك الساحة.
وأعلنت الرياض، الثلاثاء، عن قيام وفد سعودي كبير بزيارة للعراق، الأربعاء، برئاسة وزير التجارة والاستثمار ماجد بن عبدالله القصبي.
كما يضم الوفد وزراء الثقافة والبيئة والطاقة والصناعة والتعليم وشؤون الخليج العربي، إلى جانب ممثلين عن هيئات ومؤسسات ممثلة للداخلية والخارجية والمالية والإعلام والاستثمار والتعليم ومؤسسة النقد العربي السعودي والاستخبارات والصندوق السعودي للتنمية ورئاسة أمن الدولة. كما يضم ممثلين عن مركز الملك سلمان للإغاثة، ووفدا رفيع المستوى من كبريات الشركات السعودية.
وتعكس تركيبة الوفد أهمّ المجالات التي تريد السعودية التركيز عليها في إرساء علاقتها الجديدة بالعراق، ويبرز في مقدّمتها المجالان الاقتصادي والأمني وما بينهما من ترابط وثيق، بالنظر إلى أنّ الإشكالات الأمنية في العراق هي في بعض وجوهها إشكالات تنموية، إذ كثيرا ما مثّلت الأوضاع الاقتصادية في البلد وتراجع مستوى عيش مواطنيه وضعف الخدمات المقدّمة من الدولة تربة لنموّ نوازع التشدّد ومجال تحرّك للتنظيمات الإرهابية، مثل تنظيمي القاعدة وداعش.
وتمكّن العراق بعد حرب استمرّت قرابة الأربع سنوات من هزيمة تنظيم داعش وإنهاء سيطرته على مناطق ومدن أهمّها مدينة الموصل.
غير أنّ تلك الحرب خلّفت دمارا هائلا في المناطق التي دارت فيها، واختلالا في تركيبتها السكانية بفعل نزوح الملايين من سكّانها الذين لا يزال الآلاف منهم خارج ديارهم بانتظار إعادة إعمار مناطقهم، وهي عملية صعبة وتتطلّب تمويلات ضخمة.
وتمثّل إعادة الإعمار بوابة مثالية للسعودية وسائر الدول العربية الغنيّة للعودة بقوّة إلى العراق ومنافسة النفوذ الإيراني الذي يقوم أساسا على روابط سياسية وطائفية بدأت أهميتها تتراجع بشكل واضح لدى الغالبية العظمى من العراقيين الذين ينشدون الأمن والاستقرار والتنمية.
ومن المنتظر أن يلتقي الوفد السعودي على هامش الاجتماع في العراق بالرئيس برهم صالح ورئيس مجلس الوزراء، عادل عبدالمهدي، ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي.
وكان المجلس التنسيقي السعودي العراقي قد عقد أول اجتماع له بالعاصمة السعودية الرياض في أكتوبر 2017. ويهدف المجلس بحسب الخطاب الرسمي الذي ترافق مع الإعلان عن إنشائه إلى “الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات إلى آفاق جديدة، وتنسيق الجهود الثنائية بما يخدم مصالح البلدين ويضمن حماية المصالح المشتركة، وتنمية الشراكة الاستراتيجية بينهما”.
وكانت العلاقات بين البلدين انقطعت تماما في أعقاب غزو العراق للكويت مطلع تسعينات القرن الماضي، ثمّ استؤنفت في أعقاب سقوط نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين عام 2003، لكنّها كانت خجولة جرّاء تحفّظ السعودية على دور إيران المتصاعد في العراق، وذلك قبل أن تتحسن تدريجيا في عهد رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي.
العرب