دبي – تهدد تجاوزات الحوثيين على أكثر من صعيد بتعميق الأزمة في البلاد دون الأخذ بالاعتبار لخطورتها على اليمنيين الذي باتوا على شفا مجاعة بسبب ممارسات المتمردين وعرقلتهم لمسار توزيع المساعدات الغذائية.
ويتسبب خلاف بين جماعة الحوثي اليمنية وبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة بشأن التحكم في نظام بيانات القياسات الحيوية للتحقق من الهوية في تقويض جهود الإغاثة ويهدد بعرقلة توزيع المساعدات في بلد هو بالفعل على شفا مجاعة.
وفي بيان شديد اللهجة على غير المعتاد من جانب برنامج الغذاء العالمي الذي يوزع الطعام على ما يزيد على عشرة ملايين شخص شهريا ، قال البرنامج الشهر الماضي إنه يدرس تعليق تسليم المساعدات بسبب المعارك وانعدام الأمن والتدخل في عمله.
وأضاف البرنامج أن الحوثيين المتحالفين مع إيران، والذين يسيطرون على العاصمة صنعاء، يعرقلون بدء العمل بنظام القياسات الحيوية الذي يهدف لتحديد الأشخاص الأكثر احتياجا.
وهذا النظام، الذي يتضمن عمل مسح لقزحية العين وأخذ بصمات الأصابع والوجه، معمول به بالفعل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليا والتي يدعمها تحالف من دول عربية بقيادة السعودية.
وقالت مصادر مطلعة على المناقشات بين الجانبين إن زعماء جماعة الحوثي طلبوا من برنامج الغذاء العالمي وقف عملية التسجيل بهذا النظام في أوائل شهر أبريل بعد إدراكهم أن النظام الجديد يتم دون إشراف صنعاء.
وقال الحوثيون إن هذه العملية يجب أن تتم تحت إدارة صندوق الرعاية الاجتماعية اليمني الذي يتخذ من صنعاء مقرا له وينسق مع منظمات الإغاثة الدولية.
ويواصل برنامج الغذاء العالمي الضغط على الحوثيين لتطبيق نظام التحقق من الهوية، المعمول به عالميا لمكافحة الفساد في توزيع المساعدات، منذ أن اكتشف في ديسمبر كانون الأول 2018 حدوث تلاعب بصورة منهجية في الأغذية التي يجري توزيعها في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين من خلال شريك محلي على صلة بالسلطات.
وقال إيرفيه فيروسيل المتحدث باسم البرنامج “استمرار وقف تسجيل بيانات القياسات الحيوية من جانب بعض قياديي جماعة الحوثي… يقوض عملية أساسية تتيح لنا التحقق بصورة مستقلة من أن الغذاء يصل… للأشخاص الذين صاروا على شفا المجاعة”.
وقال محمد علي الحوثي رئيس اللجنة الثورية العليا التابعة للحوثيين إن برنامج الغذاء العالمي يصر على أن يكون متحكما في البيانات وهو ما يعد انتهاكا للقانون اليمني.
وقال الحوثي إن الحوثيين اقترحوا حلولا كثيرة من بينها توزيع بطاقات على المستفيدين فقط واستخدام مبالغ نقدية بدلا من المساعدات الغذائية ولكنهم رفضوا.
ودعا إلى إجراء تحقيق مستقل لأن برنامج الغذاء العالمي يحصل على أموال من السعودية ودولة الإمارات اللتين تقودان التحالف المناهض للحوثيين.
ويقول البرنامج إنه ما زال مستقلا بصرف النظر عن مصادر تمويله. ومن بين نقاط الخلاف الأخرى بين برنامج الأغذية العالمي والسلطات الحوثية 51 ألف طن من قمح الأمم المتحدة المخزن في ميناء الحديدة اليمني ويتعذر الوصول إليه منذ سبتمبر أيلول ويواجه خطر الإصابة بالعفن.
واستخدم طرفا الحرب الدائرة في اليمن منذ أربع سنوات إمكانية الحصول على مساعدات ومواد غذائية كأداة سياسية مما أدى إلى تفاقم ما وصفته الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم حيث أودت الكوليرا بحياة الآلاف بالفعل.
وقالت وكالات الإغاثة العاملة في اليمن إن الإمدادات الغذائية والطبية يمكن احتجازها في الموانئ والمناطق الحدودية بين الطرفين لفترة تصل إلى ستة أشهر بسبب الإجراءات البيروقراطية من طرفي الحرب.
وقال فيروسيل إن مراقبي جودة الغذاء اليمنيين منعوا في الآونة الأخيرة تفريغ 8200 طن من القمح في ميناء الحديدة حتى على الرغم من أنه لم يكن هناك ما يشير إلى وجود مشكلات.
وقال أيضا إنه في أبريل تم احتجاز 160 شاحنة تنقل مساعدات غذائية من ميناء عدن في جنوب البلاد إلى الشمال الذي يسيطر عليه الحوثيون في نقاط تفتيش تقع بين أراضي الحكومة والحوثيين. وتم الإفراج عنها فيما بعد ولكن 21 شاحنة أخرى لبرنامج الأغذية العالمي احتجزت في مناطق حوثية.
وتقول وكالات أخرى إن المشكلات تزايدت في مناطق الحوثيين في الأشهر الأخيرة من بينها مضايقة موظفيها والتدخل في قائمة التوزيع وصعوبة الحصول على تأشيرات وفرض قيود على التنقل.
وقالت سوزي فان ميجين من المجلس النرويجي للاجئين “نشعر بنفس الإحباط الذي وصفه برنامج الأغذية العالمي … ونجدد دعواتنا للسلطات في اليمن بالسماح للوكالات بأداء مهمتها”.
العرب