عشية القمة الروسية الأميركية الإسرائيلية المرتقبة في تل أبيب، تبحث المؤسستان السياسية والأمنية في إسرائيل كيفية استغلال التقارب الروسي لتحقيق مطالب إسرائيلية في سوريا، وفي مقدمها إبعاد إيران. وبحسب التقديرات الإسرائيلية، تتعارض مصالح موسكو مع طهران في سوريا، وترى روسيا في الأخيرة موقعاً إستراتيجياً لا يحفظ لها نفوذها في لبنان فحسب، وإنما كمدخل إلى البحر المتوسط يستكمل خط تحالفاتها.
للروس مصلحة
وبحسب التقديرات الإسرائيلية، فان للروس مصلحة في حصول ذلك، لكنهم سيعرضون مطالب في القمة، ولا سيما أن تموّل الولايات المتحدة إعمار سوريا، وفي جانب آخر، يتوقع أيضاً أن تعترف الولايات المتحدة بالنظام السوري وتزيل العقوبات المفروضة عليه، مقابل أن تعمل روسيا على سحب القوات الإيرانية منها.
أما من جهة سوريا، فالتوقعات أن تنجح إسرائيل في القمة بتحقيق مطلب من روسيا والولايات المتحدة بالضغط على بشار الأسد لإبعاد القوات الإيرانية باعتبار أنه هو الذي استدعاها، وعندها، يقول الإسرائيليون، إن الثمن الذي يمكن أن يطلبه الأسد لن يكون قليلاً، وهو اعتراف أميركا بنظامه، وتعهد إسرائيل بعدم مهاجمة سوريا، بعد خروج القوات الإيرانية إضافة إلى الدعم الإستراتيجي الذي سيحصل عليه من روسيا، ولكن، يضيف الإسرائيليون، أن مشكلة الأسد هي أنه إذا وافق على طلب طرد القوات الإيرانية سيجد صعوبة في الشرح لها ولماذا هو يقوم بإبعادها وليس القوات الروسية.
الأسد بالنسبة إليها يمكن أن يذهب
وسيضطر الأسد أيضاً إلى الاعتماد على أميركا وإسرائيل وروسيا التي أوضحت، في أكثر من مناسبة، أن مصالحها في سوريا غير متعلقة بنظام هذا الشخص أو ذاك، أي أن الأسد بالنسبة إليها يمكن أن يذهب، بحسب التوقعات الإسرائيلية. ويرى محللون إسرائيليون أن روسيا لن تكتفي بأن يستعيد النظام السوري السيطرة على أراضيه كافة، وإنما ترى في ذلك رافعة لتعميق حضورها في الشرق الأوسط في إطار عملية شاملة لها.
وبحسب الخبير العسكري الإسرائيلي تسفي برئيل، فإن رفض روسيا الطلب الإيراني في الحصول على صواريخ “إس 400” المضادة للطائرات، في مقابل مواصلة السماح لإسرائيل بقصف أهداف إيرانية في سوريا، إنما يعكس التقارب الإسرائيلي الروسي.
تلاقي المصالح
ويقول برئيل “تلاقي المصالح بين إسرائيل وروسيا والولايات المتحدة، في المسألة الإيرانية، هو الذي ولّد فكرة عقد قمة المستشارين للأمن القومي في إسرائيل، مئير بن شبات ونيكولاي باتروشيف وجون بولتون، لـمناقشة التطورات كشركاء متساوين، وليس مواضيع ثنائية، وحتى لو لم تثمر عن نتائج عينية فورية، فإنها توضح لإيران ودول المنطقة أن المحور الروسي الأميركي الإسرائيلي هو العرض الجديد والرسمي الذي يقرّر خريطة الطريق الجديدة في الشرق الأوسط، من دون إغفال تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التي قال فيها إن “احتمالات أن تستطيع روسيا صدّ قوة إيران في سوريا هي غير واقعية”.
وبغض النظر عما إذا كانت القمة ستثمر نتائج فورية أم لا، فإنها، بحسب إسرائيل، “ستوضح لإيران ودول المنطقة أن محور روسيا أميركا إسرائيل هو العرض الجديد والرسمي، الذي يمكنه تحديد خريطة الطريق الجديدة في الشرق الأوسط، ولكن التطلعات إلى نتائج عسكرية وسياسية فورية يمكن أن يتبين كأمنية فقط”.
لبنان ما زال هدفاً
وفي ذروة الحديث عن التصعيد الأمني في الجبهة السورية، أبقت إسرائيل لبنان جبهة ملتهبة في سيناريوهاتها الحربية، وكشف الجيش عن مناورة عسكرية، هي الأضخم من ناحية المشاركة العسكرية والنوعية، منذ ثلاث سنوات على الأقل، إذ شاركت الوحدات القتالية كافة من سلاحَي البر والجو، والمشاة، والمدرعات ووحدات جمع المعلومات الاستخبارية، وكذلك طائرات مسيّرة صغيرة وطائرات من دون طيار.
وركزت المناورة على سيناريو اجتياح بلدة لبنانية واشتباكات مسلحة مع مقاتلي حزب الله، في هذه البلدة. ومما جاء حول هذه المناورة، “فقد تدرّبت القوات العسكرية على مداهمة بلدة لبنانية فيها مقرات لحزب الله ومنصّات إطلاق صواريخ، وكيفية إغلاق دائرة بين القوات، منذ رصد عدوٍ وحتى استهدافه، سواء من الجو أو بواسطة قوة برية من المدرعات أو المشاة”.
قوات حزب الله ستوجد في أنفاق
وبتوقعات الجيش الإسرائيلي، فإن قوات حزب الله ستوجد في أنفاق ومواقع تحت سطح الأرض، وعليه شملت المناورة التدريب على قتال في باطن الأرض، في أنفاق وتحصينات والقضاء عليها بواسطة قوات من وحدة الهندسة التي سيكون لها دور ناشط في الحرب المقبلة، في أرض المعركة. ونقل عن الضابط الإسرائيلية بيني أهارون أن الجيش “سيختار الأهداف التي يضعها في خطته لاحتلالها وهي مناطق ستساعدنا في هزم العدوّ، والأماكن التي تشكل مركز ثقله”.
ورأى أهارون أن أكثر المهام تعقيداً للجيش في حرب مع حزب الله ستكون في رصد العدو الموجود تحت سطح الأرض أو فوقه لفترات قصيرة ويختفي، ومن ثم استهدافه.
اندبندت