طلبت الولايات المتحدة من ألمانيا الانضمام إلى قوة بحرية للمساعدة في ضمان الأمن بمضيق هرمز، على خلفية الأزمة مع إيران. وأثار الطلب مفاجأة لدى المسؤولين الألمان، وطالبت قوى سياسية ألمانية برفضه، في حين أعلن في طهران عن مناورات عسكرية قريبة بين إيران وروسيا في بحر عُمان.
ويأتي الطلب الأميركي من ألمانيا بعدما أمرت بريطانيا بحريتها الأسبوع الماضي بمرافقة السفن التي ترفع العلم البريطاني في ممر نقل النفط الأكثر ازدحاما في العالم، ردا على احتجاز إيران سفينة بريطانية في المضيق.
وقالت المتحدثة باسم السفارة الأميركية في برلين تمارا ستيرنبرغ غريلر في بيان “طلبنا من ألمانيا رسميا الانضمام إلى فرنسا والمملكة المتحدة للمساعدة في ضمان أمن مضيق هرمز ومواجهة العدوان الإيراني”.
وأضافت “لقد أوضح أعضاء الحكومة الألمانية أنه يجب حماية حرية الملاحة.. وسؤالنا هو من سيحميها؟”.
ويعتبر الطلب الأميركي من ألمانيا مثيرا للجدل في البلد الذي يخشى فيه العديد من السياسيين أنه يمكن لأي قوة بحرية -خاصة إذا قادتها الولايات المتحدة- أن تزيد من خطر نزاع يجر القوى الأوروبية إلى حرب.
مفاجئ “ومرفوض”
وقال مراسل الجزيرة في ألمانيا عيسى طيبي إن الطلب الأميركي كشفت عنه المتحدثة باسم السفارة الأميركية في برلين، التي أكدت أيضا أنه ليس جديدا، بل يعود إلى أيام خلت، في حين أن الجانب الألماني ظل ينفي وجود طلب من هذا القبيل.
وأضاف المراسل أن العرض الأميركي المقدم تضمن سؤالا مباشرا لحكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حول طبيعة المساهمة العسكرية التي يمكن أن تقدمها في المهمة العسكرية التي يجري التخطيط لها لحماية السفن في مضيق هرمز.
وتابع أن الجانب الألماني فوجئ بالعرض الأميركي، حيث كان يتعامل مع مبادرة بريطانية لتشكيل ما تسمى البعثة الأوروبية، بينما جاءه الطلب من الولايات المتحدة لتقديم مساهمة في القوة الأميركية التي تسعى واشنطن لتشكيلها لحماية مضيق هرمز، مشيرا إلى أن الطلب الأميركي لم يكن واضحا، فهل يُقصد به سحب المبادرة البريطانية وضمها إلى القوة الأميركية أم ماذا؟
وبشأن تداعيات الطلب الأميركي، ذكر المراسل أن مصدرا دبلوماسيا قال لوكالة الأنباء الألمانية إن هذا الطلب لا يمكن تنفيذه، على الأقل في المدى المنظور.
كما أن المتحدث باسم الشؤون الدبلوماسية والدولية في الحزب الديمقراطي الاشتراكي -وهو شريك حزب ميركل في الحكم- قال إن الطلب لا يمكن قبوله وإن ألمانيا لن تدخل في مثل هذا التحالف، لأن ذلك يعني “أننا سنكون في صف واشنطن في حربها مع إيران”.
وذكر أيضا أن كتلة اليسار في البرلمان الألماني أصدرت بيانا طالبت فيه حكومة ميركل برفض هذا الطلب جملة وتفصيلا.
كما أن حزب الخضر أصدر قبل ذلك بيانا قال فيه إنه لا يمكن أن تنخرط ألمانيا مع واشنطن في تلك الحرب.
بدوره، دعا وزير المالية أولاف شولتس في مقابلة صحفية إلى بذل جهود لمنع تصعيد التوتر في الخليج، وقال إن هدف كل المسؤولين يجب أن يكون مراقبة الوضع بعقلانية وعدم الانزلاق إلى أزمة أكبر، معتبرا أن خفض التصعيد أمر بالغ الأهمية.
وأضاف شولتس -وهو أيضا نائب ميركل- أن ألمانيا تعمل عن كثب مع فرنسا وبريطانيا بهدف الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران.
وفي 22 يوليو/تموز الجاري، اتفق وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا على العمل معا من أجل ضمان أمن الملاحة البحرية في مضيق هرمز، بحسب بيان مشترك لوزراء خارجية الدول الثلاث، نُشر على موقع الخارجية البريطانية.
اتصال ماكرون
من جانب آخر، قالت الرئاسة الإيرانية في بيان إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصل هاتفيا بنظيره الإيراني حسن روحاني الذي أكد له أن طهران هي الضامن الأول لأمن خطوط الملاحة في مضيق هرمز.
كما أكد الرئيس الإيراني أن طهران لن تبدأ أي توتر في المنطقة، لكنها ستواجه بقوة من يعرّض مصالحها للخطر.
وقال روحاني لماكرون إن أوروبا أضاعت فرصا كثيرة للحفاظ على الاتفاق النووي، وإن سياسة خفض الالتزامات بالاتفاق النووي مستمرة في ظل عدم التزام الأطراف الأخرى بتعهداتها.
تحذير إيراني
وحذرت إيران غير مرة من مغبة عسكرة المياه الخليجية، وأكدت أن أي حضور للقوات الأجنبية في الخليج سيزعزع الأمن والاستقرار فيه.
من جهتهم، أكد خبراء في الشأن العسكري الإيراني أن مساعي طهران لحماية الملاحة البحرية في المياه الدولية -التي انطلقت العالم الماضي- تمضي قُدما، رغم مخاطر المواجهة مع بعض القوى الغربية.
وتحدث قائد بحرية الجيش الإيراني الأميرال حسين خان أزادي في وقت سابق عن مساع تقوم بها بلاده “لتشكيل تحالف بحري” لضمان أمن الملاحة في المياه الدولية، وعبر عن ثقته بأن هذا التحالف سيتشكل حتما.
مناورات عسكرية
من جهة أخرى، ذكرت وكالة “مهر” الإيرانية أن الأميرال خان أزادي قال أثناء زيارته لموسكو إن إيران وروسيا ستنفذان قريبا مناورات في بحر عمان.
وأضاف أنه تم التوصل إلى اتفاق بشأن إجراء مناورات بين القوتين البحريتين للبلدين في شمال المحيط الهندي في بحر عمان.
رفض مبادلة
من جهة ثانية، أعلن السفير الإيراني في لندن حميد بَعيدي نجاد رفض بلاده مبادلةَ أو مقایضة ناقلة النفط البريطانية المحتجزة لديها بناقلة النفط الإيرانية المحتجزة في جبل طارق.
وقال بَعيدي نجاد في تغريدة على تويتر إنه لا يمكن تطبيق المقترح الذي أوردته وسائل إعلام بريطانية، ويتضمن مبادلةَ أو مقايضة ناقلتي النفط المحتجزتين لدى إيران وبريطانيا.
وأضاف أن لندن احتجزت ناقلة النفط الإيرانية بصورة غير قانونية، بينما أوقفت طهران الناقلة البريطانية لانتهاكها ضوابط أساسية متعلقة بأمن الملاحة البحرية في مضيق هرمز، حسب تعبيره.
وضمن التوترات المتصاعدة في الخليج، قالت شركة “بي.بي” إنها لم تسيّر أيا من ناقلاتها النفطية عبر مضيق هرمز منذ العاشر من الشهر الجاري.
وأضافت الشركة أنها لا تخطط لتسيير ناقلاتها في المدى القريب، مشيرة إلى محاولة إيرانية لاعتراض إحداها، وأنها تَشحن النفط بناقلات مُستأجرة.
وكانت إيران احتجزت يوم 9 يوليو/تموز الجاري الناقلة البريطانية “ستينا أمبيرو”. ويمر عبر مضيق هرمز أكثر من خُمس إمدادات النفط العالمية.
المصدر : الجزيرة + وكالات