قرر مجلس الأمن الوطني العراقي، أمس الجمعة، تكليف وزارة الدفاع بوضع الخطط اللازمة لتطوير الدفاعات الجوية، عقب عمليات قصف غامضة طالت مخازن أسلحة تابعة لـ«الحشد الشعبي».
جاء ذلك وفق بيان أصدره المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي.
ويأتي القرار بعد تعرض 4 قواعد يستخدمها «الحشد الشعبي» لانفجارات غامضة خلال شهر، وقع آخرها مساء الثلاثاء الماضي، في مقر قرب قاعدة بلد الجوية (تضم عسكريين أمريكيين)، شمال العاصمة بغداد، وفي ظل تلميحات من إسرائيل بالوقوف وراء تلك الهجمات.
وحسب البيان، بحث مجلس الأمن الوطني (أعلى سلطة أمنية) خلال اجتماعه الدوري برئاسة عبدالمهدي، تولي وزارة الدفاع «وضع الخطط والإجراءات المناسبة لتسليح قيادة الدفاع الجوي بما يتناسب مع الوضع الحالي والمستقبلي».
واعتبر البيان أن الحشد الشعبي لعب دوراً كبيراً في محاربة الإرهاب وتحرير الأراضي والمدن العراقية من تنظيم «الدولة الإسلامية، وبالتالي فإن «الحكومة مسؤولة عن حمايته».
وأكد المجلس على ضرورة متابعة تطبيق قراره في 15 أغسطس/آب الجاري، بإلغاء جميع الموافقات الخاصة بالطيران العسكري في أجواء البلاد إلا بموافقة القائد العام للقوات المسلحة أو من يخوله، وإنهاء تواجد المعسكرات ومخازن الأسلحة داخل المدن.
ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للمرة الثانية خلال أسبوع، إلى مسؤولية تل أبيب عن الهجمات التي تعرضت لها مواقع «الحشد الشعبي» في العراق.
وقال نتنياهو للقناة التاسعة الإسرائيلية الناطقة بالروسية لدى سؤاله عن قصف مقرات الحشد «إن إسرائيل تعمل في الكثير من المناطق ضد إيران بالطبع».
وسُئل عما إذا كانت إسرائيل ستضرب أهدافا إيرانية في العراق إذا لزم الأمر فقال: «نعمل، ليس فقط إذا لزم الأمر، وإنما نعمل في مناطق كثيرة ضد دولة تريد إبادتنا. بالطبع أطلقت يد قوات الأمن وأصدرت توجيهاتي لها بفعل أي شيء ضروري لإحباط خطط إيران». في تلميح يعد الثاني خلال أقل من أسبوع لإمكانية ضلوع إسرائيل بالهجمات على مقار «الحشد».
كذلك، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، عن «مسؤولين أمريكيين إثنين كبار قولهما إن «إسرائيل نفذت عدة ضربات في العراق خلال الأيام الماضية على مخازن ذخيرة في العراق»، فيما قال مسؤول استخباراتي في الشرق الأوسط، إن تل أبيب شنت غارة جوية على مخزن أسلحة للحشد الشهر الماضي.
في السياق، أظهرت صور أقمار صناعية إلتقطتها شركة تحليل بيانات إسرائيلية، ثلاثة مواقع في العراق تعرضت لهجمات في الفترة الأخيرة، والتي يعتقد البعض أن إسرائيل تقف خلفها.
وقالت شركة «إميدج سات إنترناشونال» في تحليلها للصور إن «المواقع الثلاثة كانت تحتوي على مخازن، هي على الأرجح، لصواريخ وأسلحة متطورة».
وأظهرت إحدى الصور موقع قاعدة بلد الجوية التي تعرضت لهجوم يوم الثلاثاء الماضي، وقالت الشركة إن الهجوم أسفر كما يظهر في الصورة عن «تدمير حاويات شحن كانت بها»، حسب الشركة.
ونشرت أيضا صورة لمخزن ذخيرة قالت إن مساحته 140 في 180 مترا في قاعدة الصقر، جنوبي بغداد، التي تعرضت لهجوم يوم 12 آب/ أغسطس الجاري. وتعرض المبنى الرئيسي للمخزن، حسب الصورة، لدماء وحدثت أضرار جانبية كبيرة فيه.
وتشير تقديرات الشركة إلى أن «المخزن ربما تعرض لضربة جوية أتبعها انفجارات للذخيرة التي كانت بداخله، وقالت إن الأضرار الجسيمة التي لحقت به امتدت لمسافة 250 مترا».
أما الهجوم الثالث، فقد استهدف أيضا مخزن أسلحة يوم 19 تموز/ يوليو الماضي، في قاعدة بأمرلي شمال العراق، وقد تسبب في مقتل إيرانيين اثنين واندلاع حريق كبير.
وقالت الشركة إن الهجمات استهدفت تدمير «الجسر البري» الذي تعمل إيران على بنائه لربط أراضيها بسوريا ولبنان، بالإضافة إلى منع طهران من شن هجمات تنطلق من العراق إلى الدول المجاورة.
في تطور لاحق، وجهت كتائب «حزب الله»، العاملة في العراق ضمن «الحشد»، إنذار لأمريكا، لافتة إلى أن أي استهداف جديد لأي موقع عراقي ستكون عاقبته رداً قاسياً.
تمزيق العراق
وقالت الكتائب في بيان: «شاء الله سبحانه وتعالى أن يجعل أعداءنا حمقى، تارة بغبائهم وسوء تقديرهم، وتارة بعنجهيتهم وصلفهم وغرورهم، فبعد إنقضاء سنوات المواجهة مع عصابات تنظيم الدولة الإسلامية، تلك المؤامرة التي خطط لها الأمريكان وحلفاؤهم، والتي توجت بانتصار ساحق لأبناء العراق، وهزيمة منكرة لمآربهم الخبيثة التي أرادت تمزيق العراق وتقسيمه ونشر الموت والخراب في مدنه وترويع شعبه. وبعد أن اشتد ساعد المقاومة الإسلامية وتراكمت خبراتها وإمكاناتها».
«كتائب حزب الله»: الأمريكان جنّدوا مرتزقة للتجسس على المقرات العسكرية
وأضاف: «عادت قوات العدو الأمريكي يسوقها حظها العاثر للتواجد مرة أخرى في احتلال مبطن جديد متحدية إرادة الشعب العراقي، ومعلنة عدائها للقوات العراقية، منتقلة إلى مرحلة الاستهداف المباشر لمواقع الحشد الشعبي ومستودعات أسلحته، وبشكل متكرر خاصة في الأيام الماضية».
وحمّلت «الكتائب»، وفقاً للبيان «الأمريكان مسؤولية ما جرى من استهداف للمواقع العسكرية العراقية، ونعلم أنهم يخططون لشن هجمات أخرى، بشكل مباشر أو بدفع الصهاينة لارتكابها، ضاربين عرض الجدار قرار الحكومة العراقية بمنع طيرانهم إلا بموافقتها، كما نعلم أنهم جندوا بعض المرتزقة المحليين للتجسس على المواقع العسكرية لتزويدهم بالمعلومات، بل وليس بعيداً أيضاً أن يخططوا للقيام بعمليات تصفية للمجاهدين واستهداف للرموز الوطنية، بل واستهداف المراقد المقدسة، كما فعلوها سابقاً في سامراء بتفجير مرقد الإمامين العسكريين عليهما السلام لإشعال فتنة طائفية».
وتابعت: «عليه، فإننا نوجه إنذاراً نهائياً للعدو الأمريكي بأن أي استهداف جديد لأي موقع عراقي ستكون عاقبته رداً قاسياَ، تذوقون فيه الموت الزؤام، ولن تحميكم حصونكم، فجميعها تحت مرمى صواريخنا ورعبها المزمجر، وعليكم ألا تذهبوا بأوهامكم بعيداً فنحن أصحاب القول والفعل، وتيقنوا إذا بدأت المواجهة فلن تنتهي إلا بإخراجكم من المنطقة بشكل نهائي، وستعلمون حينها أي ثمن تدفعون».
حرب بالوكالة
سياسياً، دعت الرئاسات الثلاث، إلى التحقيق بجميع المعطيات والمعلومات بشأن تفجيرات مخازن للأسلحة التي وقعت مؤخراً في بغداد وصلاح الدين، مؤكدة أهمية الالتزام بموقف الدولة العراقية بمختلف مؤسساتها التنفيذية والتشريعية الرافض لمبدأ الحرب بالوكالة.
وقالت الرئاسة في بيان نشرته مساء أول أمس، «اجتمع في قصر السلام في بغداد رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي»، موضحة أن «الاجتماع تركز لمناقشة مستفيضة بشأن الوضع الأمني للبلد وخصوصاً التفجيرات التي تعرضت لها مخازن للأسلحة خلال الأيام القليلة الماضية».
وتقرر في الاجتماع، حسب البيان «التأكيد على ضرورة التحقيق ودراسة جميع المعطيات والمعلومات المتحصلة للجهات الوطنية ذات الاختصاص بشأن ما تعرضت إليه مخازن الأسلحة مؤخراً»، وأكد الاجتماع على «استمرار العراق بالالتزام بما جاء في وثيقة (السياسة الوطنية الموحدة بشأن المستجدات الأمنية الإقليمية)، وما أكدته الوثيقة من أهمية تعزيز التماسك السياسي الداخلي والثبات على مبدأ مراعاة سيادة العراق وأمنه واستقلاله ورفض سياسة المحاور وتصفية الحسابات والنأي بالبلد عن أن يكون منطلقاً للاعتداء على أي من دول الجوار والمنطقة».
وعبر الاجتماع عن «أهمية الالتزام بموقف الدولة العراقية بمختلف مؤسساتها التنفيذية والتشريعية الرافض لمبدأ الحرب بالوكالة، ومحاولة أي طرف إقليمي أو دولي لجرِّ العراق إلى حرب وصراعات كان العراق قد حسم موقفه منها لصالح الدور المحوري للعراق من أجل السلام والتنمية والتقدم والتعاون ما بين الجميع».
ولفت بيان الرئاسة إلى أن «المجتمعين عبروا عن مسؤولية الدولة بمؤسساتها الدستورية في حفظ أمن وحقوق وممتلكات العراقيين، وكذلك الاتفاق على انتظار نتائج التحقيق الجاري من قبل الجهات الوطنية المختصة للخروج بموقف موحد يحفظ حقوق العراق ويعزز أمنه واستقلاله وسيادته على ترابه الوطني»، مشددين على «أهمية التزام التحالف الدولي بالمساعدة في حفظ أمن الأجواء العراقية من أي اختراق أو استهداف».
كما عبر الاجتماع، وفق البيان عن «أهمية المتابعة الأمنية والاستخبارية الدقيقة لفلول داعش وتفويت أية فرصة لالتقاط أنفاسهم وبما يكرس النصر ويعززه».
وتابع أن «المجتمعين قدروا عالياً الدور الوطني البطولي الذي قدمته قواتنا المسلحة بمختلف تشكيلاتها، من الجيش والحشد الشعبي والشرطة الاتحادية والبيشمركه في معارك التحرير ضد الإرهاب وثمنوا تضحياتها الغالية»، مشيراً إلى أن «المجتمعين أعربوا عن تقديرهم وحرصهم على الحشد الشعبي باعتباره جزءاً فاعلاً من منظمومة الدفاع الوطني العراقي، وأكدوا على تنفيذ الأمر الديواني الخاص بالحشد في نطاق تكامل منظومة الدفاع الوطني».
كما جرى التأكيد على أن «يكون أي قرار أمني وعسكري أو تصريح بهذا الشأن منوطاً بالقائد العام للقوات المسلحة فقط حسب السياقات الدستورية، وعلى وجوب التزام جميع الأجهزة والقيادات العسكرية والأمنية والسياسية بذلك».
القدس العربي