عززت القيادة الإسرائيلية، السياسية والعسكرية، من التقدير الذي يقول إنه رغم التصاعد الشديد في التوتر، عقب سلسلة غارات واغتيالات إسرائيلية نفذت في الأيام الأخيرة ضد مواقع إيران وميليشياتها في العراق وسوريا ولبنان من جهة، وضد قطاع غزة والضفة الغربية من جهة ثانية، فإن الأوضاع ستظل مضبوطة ملجومة «لأن جميع الأطراف غير معنية بالحرب»، فيما صرح الوزير الإسرائيلي المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يوآف غالانت، بأن «خوض الحرب هو آخر ملجأ، ويجب استنفاد جميع الاحتمالات أولاً».
وقد التأم «الكابنيت» (المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن والسياسة في الحكومة الإسرائيلية)، برئاسة نتنياهو، وحضور قادة الجيش والمخابرات، مساء أمس (الأحد)، للتباحث في الأوضاع، وسط تحركات واسعة وحالة استنفار قصوى على الحدود الشمالية والجنوبية، وكذلك في الضفة الغربية، تحسباً من ردود فعل على العمليات الإسرائيلية. وبدا واضحاً أن الاجتماع جاء لتقييم الأوضاع الأمنية، واتخاذ الاحتياطات لمجابهة تدهور جديد. واتضح من خلاله أن التحسب الأساسي هو من عمليات مسلحة تنفذ ضد أهداف إسرائيلية على نطاق محدود. وانتهى اجتماع «الكابنيت» بعد نحو 4 ساعات، دون إعطاء تفاصيل. لكنه تحدث عن استمرار حالة الاستنفار في أعلى درجاتها على طول الحدود الشمالية والجنوبية.
وحسب مسؤول أمني إسرائيلي، فإن التخوف في جهاز الأمن لديه هو من أن «الأحداث في شمال البلاد ستكثف الأنشطة في جبهات أخرى، وقد تؤدي إلى تصعيد شامل». وقد عبر المسؤول عن تقديره أن «إيران وأذرعها ستبحث عن طريقة لتوجيه ضربة لإسرائيل أو أهداف إسرائيلية أخرى في العالم».
وقال الوزير غالانت، وهو عضو في «الكابنيت»، إن «خوض الحرب هو آخر ملجأ، وينبغي أن نستنفذ جميع الاحتمالات أولاً، لوقف عمليات اللعب بالنار من أعدائنا»، وأضاف: «حركة حماس ليست معنية بالانزلاق إلى مواجهة، إلا أنها وفصائل أخرى تخضع لإمرتها تلعب بالنار». وعن الأوضاع في الجبهة الشمالية، قال: «نأخذ على محمل الجد تهديدات (حزب الله) وإيران بالقضاء على دولة إسرائيل».
ولكن المعارضة السياسية الإسرائيلية عدت ما يجري «أعمالاً أمنية روتينية يقوم حزب الليكود الحاكم، ورئيسه نتنياهو، بتضخيمه في سبيل خدمة دعايته الانتخابية». وعد رئيس حزب اليهود الروس (إسرائيل بيتنا)، وزير الدفاع السابق، أفيغدور ليبرمان، أجواء التوتر هذه مصطنعة، وقال: «إن الحملة الإعلامية والتشدق بعمليات إسرائيل نحن في غنى عنها»، وأضاف أن «إسرائيل انتهجت دائماً سياسة ضبابية. والعنترة أمام الكاميرات تضغط على الجانب الآخر، وتحدو به إلى الرد، حتى إن لم يكن يقصد ذلك».
وقال رئيس الحكومة الأسبق، الجنرال في الاحتياط، إيهود باراك، إن نتنياهو يعيش حالة ضغط شديد بسبب الخطر الذي يهدد حكمه، ويتيح لأول مرة فرصة لسقوطه، وهو يلجأ إلى إثارة أجواء أمنية متوترة، ويسمح لنفسه بكشف أسرار أمنية حساسة حتى يحول الأجواء لصالحه، ولكنه بهذا يهدد بالانزلاق إلى حرب يدفع الشعب ثمنها باهظاً.
تجدر الإشارة إلى أن الجيش الإسرائيلي حرص على تفسير قيامه باغتيال مسؤولي «حزب الله» في سوريا، فقال إنه يمتلك وثائق تبين كيف قام ياسر أحمد ضاهر وحسن يوسف زبيب بالإعداد لتنفيذ عمليات لصالح «فيلق القدس»، وبينها صور ترصد تدربهما على تنفيذ عدة عمليات داخل إسرائيل. وقال إن استخباراته تابعت نشاطهما خلال السنتين الأخيرتين في سوريا، وصولاً إلى إيران، حيث تدربا هناك على تفعيل طائرات مسيرة تحمل متفجرات. وحمل الإسرائيليون قاسم سليماني المسؤولية عن هذا النشاط، وعن سائر النشاطات الإيرانية لتدريب الميليشيات على عمليات ضد إسرائيل، من العراق أو سوريا أو لبنان، وحتى في المناطق الفلسطينية.
الشرق الأوسط