أحدثت تغريدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي أكد فيها إلغاء اجتماع ثلاثي كان مقررا له اليوم الاثنين بقادة حركة طالبان والرئيس الأفغاني أشرف غني، هزة كبيرة في واشنطن، خصوصا أن اللقاء بقيادات الحركة الذي لم ينعقد- كان مفاجأة للكثيرين في هذا التوقيت تحديدا.
وعبر خبير الشؤون الأفغانية بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن مارفين واينباوم، عن صدمته من فكرة دعوة قادة طالبان للاجتماع مع الرئيس الأميركي في كامب ديفد.
وقال واينباوم للجزيرة نت “كنا نعرف أن الرئيس الأفغاني سيحضر خلال أيام، ورغم تواصلي المباشرة مع من هم على علاقة بملف أفغانستان في الإدارة الأميركية، فإن السرية التامة أحاطت بموضوع زيارة قادة طالبان لواشنطن وكامب ديفد، ولم نعرف إلا بعدما غرد الرئيس ترامب”.
أما العضو الجمهوري في الكونغرس الأميركي آدم كينزنغر -المعروف بتأييده الشديد لترامب- فقال “لا يمكن أبدا السماح لإرهابيين لم يدينوا هجمات 11 سبتمبر وهم مستمرون في أنشطتهم الشريرة أن يرحب بهم في بلادنا”.
من جانبها، قالت ليز تشيني النائبة بمجلس النواب وابنة ديك تشيني نائب الرئيس الأسبق جورج بوش الابن “لقد اجتمع قادة أميركا في المكان ذاته في كامب ديفد عقب وقوع هجمات 11 سبتمبر للنظر في كيفية الرد على تنظيم القاعدة وتنظيم طالبان الذين قتلوا ثلاثة آلاف أميركي، لا يمكن السماح لأي شخص من طالبان أن تطأ قدمه كامب ديفد”.
وغير بعيد عن المواقف السابقة، غرد الخبير بمعهد ويلسون والمسؤول السابق بوزارة الخارجية ديفد آيرون ميلر قائلا “فكرة دعوة قادة طالبان إلى كامب ديفد، قبل أيام من الذكرى الـ18 لهجمات 11 سبتمبر من أغبى الأفكار على الإطلاق”.
وتابع موجها حديثه لترامب”إذا كان لديك رغبة في مفاوضات ثلاثية مع طالبان والرئيس أشرف غني، فليقم بها وزير الخارجية أو مبعوث السلام. ترامب أراد ان يكون نجما، إلا أن الحفل ألغي”.
وعلى النقيض من ذلك، عبر السناتور ليندسي غراهام عن سعادته بإلغاء ترامب لقاءه مع قادة طالبان في كامب ديفد، وقال “حان الوقت لضرب تنظيم طالبان الإرهابي الذي يضطهد النساء ويرحب بتنظيم القاعدة في أفغانستان”، معتبرا أن “التفاوض والاتفاق ليس فقط ورقة للتوقيع عليها، كان يجب أن نرى تغييرا في السلوك”.
بومبيو يدافع
وردا على الانتقادات الموجهة لترامب قال وزير الخارجية مايك بومبيو في مقابلة تلفزيونية أمس “إذا كنت تريد التفاوض لتحقيق السلام بعد 18 عاما من القتال، فعليكم التحدث مع بعض اللاعبين الأشرار”.
وأضاف بومبيو “حققنا تقدما كبيرا خلال الأشهر الأخيرة حول حكومة وحدة وطنية أفغانية، وحققنا تقدما كبيرا في مفاوضات طالبان والحكومة الأفغانية. هدفنا إجراء مفاوضات تقلل المخاطر على الأميركيين. وحصلنا على التزام من طالبان بقطع علاقاتها بتنظيم القاعدة وهذا لم يحدث من قبل”.
وقال الوزير الأميركي إن قوات بلاده العاملة في أفغانستان “قتلت أكثر من ألف من مقاتلي طالبان خلال الأيام العشرة الأخيرة. نحن كنا نقاتل ونتفاوض”.
وتعليقا على تصريحات بومبيو قال واينباوم “يبدو أن وزير الخارجية يضيف أرقام الضحايا الأبرياء الذين يقتلون في المعارك لتضخيم عدد ضحايا طالبان”. مضيفا “لا يوجد من يدعم فكرة ترامب لقاء طالبان ودعوتهم لواشنطن إلا وزير الخارجية فقط”.
حسابات
وردا على سؤال للجزيرة نت حول أهداف تنظيم طالبان من لقائه مع ترامب، قال واينباوم “إن هذا يعد اعترافا كبيرا جدا بشرعيتها، وسيستغله قادة التنظيم لتأكيد فعالية منطق العنف والمقاومة العسكرية الذي تبناه التنظيم”.
وأضاف واينباوم “لم تقدم طالبان أي تنازلات في ضوء ما هو معروف من سير المفاوضات التي استضافتها الدوحة على مدار شهور. فالقتال مستمر، واستهداف قوات الأمن الأفغانية والقوات الأجنبية مستمر، ولم يتوقف حتى أثناء انعقاد المفاوضات”.
واستبعد الخبير الأميركي أن تقبل طالبان بأن تكون حزبا سياسيا كغيرها من الأحزاب تتنافس على مقاعد في البرلمان الأفغاني بعد أكثر من 18 عاما من القتال، مضيفا أن الحركة تريد “تأسيس دولة إسلامية يعترف بها العالم”.
وفي تقييمه لطريقة تعاطي ترامب مع الملف الأفغاني قال واينباوم “شخصية ترامب وعدم توقع ما يقدم عليه، ورغبته في تنفيذ وعوده الانتخابية تمثل تهديدا للمصالح الأميركية، فهو لم يحصل على تعهد بوقف إطلاق النار من جانب طالبان”.
وأضاف أن هناك احتمالا قائما أن تنسحب القوات الأميركية من أفغانستان حال فشل التفاوض مع طالبان، مع الإبقاء على قوة صغيرة لا تتعدى ألفين من عناصر الاستخبارات والقوات الخاصة.
ويرى واينباوم أن ترامب سيسوق ذلك السيناريو على أنه تنفيذ لتعهداته الانتخابية بالانسحاب من حرب مكلفة، مشيرا إلى ان الرأي العام الأميركي محبط من استمرار الحرب دون القدرة على تحقيق الانتصار أو المبادرة بسحب القوات الأميركية.
وشكك واينباوم في قدرة القوة العسكرية الأميركية في دفع طالبان لتغيير سلوكها، قائلا “لا تستطيع طالبان أن تتخلى بسهولة عن السلاح، فما المبرر إذن من الحرب الطويلة في نظر مقاتليها وأنصارها المحليين”.
وخلص إلى القول “نحن أمام أزمة، ولا أتصور العودة إلى مائدة المفاوضات سريعا، وقد تكون أفضل السبل الآن أن يكون التفاوض عن طريق أبواب خلفية سرية يشارك فيها أطراف تكون محل ثقة الطرفين”.
المصدر : الجزيرة