بغداد – لا تزال مطالب المحتجين العراقيين بعيدة كل البعد عن ما يفكر فيه زعماء الأحزاب والطبقة السياسية العراقية التي فشلت رغم وعودها المعسولة لاستمالة الشارع ورغم لجوئها إلى المخطط الأمني الذي وضعته إيران على الطاولة باعتباره الوسيلة الوحيدة لإنهاء الاحتجاجات وفض الاعتصامات.
وفي خطوة جديدة بدأت أربعة محافظات وسط وجنوب العراق الأحد، إضراباً عاماً عن الدوام في المؤسسات الحكومية إلى جانب إغلاق المحال التجاري أبوابها في خطوة تندرج في إطار الضغط على الحكومة لدعم مطالب المعتصمين في ساحات الاحتجاج.
وأعلنت محافظات بابل وواسط وميسان وذي قار اعتبار الأحد عطلة رسمية على خلفية الإعلان عن الإضراب العام عن العمل لدعم المظاهرات الاحتجاجية الكبرى التي تجتاح بغداد ومحافظات أخرى للأسبوع الرابع على التوالي.
وكان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر قد دعا الأسبوع الماضي إلى دعم المظاهرات الاحتجاجية بالإضراب عن العمل ليوم واحد لجميع الموظفين وطلبة الجامعات والمدارس في مشهد غير مسبوق في تاريخ العراق.
وطلبت وزارتا التعليم العالي والتربية من طلبة الجامعات والكليات والمراحل الدراسية الأولية كافة بالانتظام بالدراسة وعدم المشاركة في الإضراب العام.
ويصمم المحتجون العراقيون على مواصلة التظاهر بالرغم من العنف الذي سجل على مدى الأسابيع الماضية، والذي أدى إلى سقوط أكثر من 300 قتيل. فبأقنعتهم وخوذهم وملابسهم الملطخة بالدماء والغبار، يسيطر الشبان على الحواجز المنصوبة في العاصمة العراقية بغداد، وهم يهتفون بسقوط الحكومة.
ورحب المتظاهرون في ساحات التظاهر في بغداد وعدد من المحافظات بانطلاق الإضراب العام لما له من أهمية كبيرة في دعم مطالب المتظاهرين في إسقاط الحكومة وحل البرلمان وتعديل الدستور.
وأكدوا أن مجرد إعلان الإضراب العام هو انتصار لمطالب المتظاهرين حتى وإن كان إضرابا طوعيا أو حتى لو كان إيقاف العمل أو التجمع أمام الأبنية الحكومية دون الوصول إلى ساحات التظاهر أو الخروج إلى الشوارع.
وأعلنت محافظات النجف وبابل وميسان وذي قار رسميا إعلان تعطيل الدوام الرسمي اليوم في المؤسسات الحكومية تضامنا مع المحتجين.
وقال متظاهر من محافظة النجف إن “جميع المحال التجارية وسط مدينة النجف اغلقت ابوابها اليوم وخط اصحابها عليها نحن متضامنون مع المحتجين”.
وأوضح أن “ساحة الاعتصام وسط مدينة النجف شهدت فجر اليوم توافد الآلاف من المحتجين من بينهم موظفو دولة”.
كما شهدت محافظة البصرة (جنوب)، قطع العديد من الطرق الرئيسة في المحافظة تضامنا مع دعوة الاضراب العام عن الدوام، وفقا لعلي عبد اللطيف أحد المحتجين.
وأبلغ عبد اللطيف في تصريحات صحفية بأن “غالبية الطرق الرئيسة وسط البصرة اغلقت من قبل المحتجين، وهناك موظفون انضموا الى الاحتجاجات معلنين الاضراب العام عن الدوام”.
وشهدت الساعات الماضية حالة من الهدوء في ساحات التظاهر في ساحة التحرير والخلاني في بغداد وأمام أبنية مجالس المحافظات في البصرة وميسان والناصرية وواسط والديوانية والسماوة والنجف وكربلاء وبابل.
ونشرت الحكومة العراقية تعزيزات أمنية في الشوارع لحماية التطورات الجديدة في الشوارع وضبط الأمن.
ويشهد العراق منذ مطلع أكتوب الماضي، احتجاجات غير مسبوقة تطالب برحيل حكومة عادل عبد المهدي، التي تتولى السلطة منذ أكثر من عام.
ومنذ ذلك الوقت، سقط في أرجاء العراق 335 قتيلاً و15 ألف جريح، استنادا إلى أرقام لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، ومفوضية حقوق الإنسان (رسمية تتبع البرلمان)، ومصادر طبية وحقوقية.
والغالبية العظمى من الضحايا من المحتجين الذين سقطوا في مواجهات مع قوات الأمن ومسلحي فصائل شيعية مقربة من إيران.
وطالب المحتجون في البداية بتحسين الخدمات وتأمين فرص عمل ومحاربة الفساد، قبل أن تشمل مطالبهم رحيل الحكومة والنخبة السياسية المتهمة بالفساد.
ويرفض عبد المهدي الاستقالة، ويشترط أن تتوافق القوى السياسية أولا على بديل له، محذرا من أن عدم وجود بديل “سلس وسريع”، سيترك مصير العراق للمجهول.
العرب