بغداد – كشف تسجيل مسرب لحديث أدلى به السياسي العراقي المخضرم عزت الشابندر بشأن المتظاهرين المرابطين في ساحة التحرير وسط بغداد منذ 72 يوما، عن الزاوية التي ينظر منها الطيف السياسي إلى حركة الاحتجاج التي تطالب بإسقاط النظام الحاكم في البلاد.
وغضب الشابندر عندما شاهد صورته وقد رفعها المتظاهرون على المطعم التركي المطل على ساحة التحرير، بعدما شطبوا عليها بالعلامة “X” للدلالة على رفضهم ترشيحه المفترض لمنصب رئيس الوزراء، خلفا للمستقيل عادل عبدالمهدي.
وتسرب اسم الشابندر على أنه أحد خمسة مرشحين عرضوا على رئيس الجمهورية برهم صالح لتكليف أحدهم بتشكيل الحكومة الجديدة، لكنه نفى، وقال إنه سيرفض لو عرض الأمر عليه.
وقال الشابندر “ضمن لافتة صور لشخصيات، صورتي من بينها مع تعليق مفاده أنها مرفوضة سلفا من قبل (أبطال) المطعم التركي علما أني لست مرشحا ولا بمرشح ولن أرشح”.
وأضاف “لا تشرفني زعامة القرود ممن كتب هذه اللافتة أو علقها أو أمرهم بها من مافيات الصراع على السلطة والفساد والقتل”، معتبرا أن المتظاهرين الذين يسيطرون على المطعم التركي هم “قطاع طرق وسفلة”، وأن الطبقة السياسية منحنية لهم.
سعيدة لاني ولاول مرة اسمع هذا المتعجرف وهو يندب حظه ويشتم ربعه لان ابطال المطعم التركي مرغوا براسه التراب وانهوا احلامه بالوصول الى كرسي الحكم #عزت_الشابندر#انتفاضة_العراق
واتهم الشابندر المتظاهرين في المطعم التركي بأنهم “خمارة قمارة لواطة”، وأنهم يتناولون المخدرات ويمارسون الزنا ليل نهار، مستغربا من الساسة ورجال الدين الذين يرسلون رسائل سرية إلى المتظاهرين يؤكدون فيها وقوفهم إلى جانبهم، فيما قال إن أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الموجودين في الموقع نفسه هم قتلة وسراق.
والشابندر هو أحد أكثر الشخصيات السياسية العراقية إثارة للجدل، إذ سجل تحولات سياسية حادة وضعته في خانة النفعيين.
وبعدما كان الذراع اليمنى لرئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، وهو يقود مشروعا لمواجهة هيمنة القوى الإسلامية المرتبطة بإيران على المشهد السياسي العراقي، انتقل إلى ائتلاف دولة القانون ليتحول إلى المفاوض الرئيسي في فريق نوري المالكي، قبل أن يسجل انعطافة جديدة بذهابه إلى العمل ضمن فريق رجل الأعمال السني خميس الخنجر، الذي وضع مؤخرا على لائحة الشخصيات المشمولة بالعقوبات الأميركية، نظرا لتورطه في دفع رشى لمسؤولين عراقيين.
ويقول نشطاء إن الشابندر هو أحد الرموز الذين عاصروا جميع مراحل الفشل في التجربة العراقية، بعد العام 2003، إذ كان نجما بارزا في كل منها، بالنظر إلى قدرته الفريدة على تغيير جلده.
وجاءت الضجة المرتبطة بالشابندر، بالتزامن مع أنباء عن إمكانية انتهاء المشاورات السياسية المتعلقة باختيار رئيس الوزراء الجديد، خلال اليومين القادمين، إلى التوافق على شخصية لم يسبق لها الترشح للانتخابات أو المشاركة في أي من الحكومات التي تعاقبت على إدارة البلاد منذ 2003.
وقالت مصادر مطلعة إن مشاورات اختيار خليفة عبدالمهدي تشهد انفراجة، مع اقتراب الأطراف من تسمية شخصية تحظى بتوافق مختلف القوى، بانتظار التعرف على ردة فعل المتظاهرين عند الإعلان عن اسم المرشح.
وقال الكاتب العراقي فاروق يوسف إن الشابندر إذ يشتم المتظاهرين في هذه الأوقات الحرجة، التي يمكن أن تؤدي إلى فقدانه الامتيازات التي يتمتع بها، فإنه يعيد انخراطه في الطبقة السياسية التي يسخر منها، وهو ما يمكن أن يفعله أي شخص انتهازي متملق ووصولي مثله.
وأضاف يوسف في تصريح لـ”العرب” أن التاريخ الشخصي للشابندر المعروف يطرح نموذجا لما صار يُسمى في العراق بـ”سياسيي الصدفة” الذين ألقت بهم عجلة الاحتلال الأميركي على مقاعد الحكم، مضيفا “وإذا ما كان الشابندر لم ينل حظوة في استلام موقع سياسي في الدولة فإنه كان ولا يزال يعتبر نفسه رجلا يحتاج السياسيون إلى نصيحته”.
واعتبر أن ما صرح به الشابندر هو ما يمكن أن يقوله أي فرد من أفراد النظام بعد أن تسرب إليهم الشعور بقرب هزيمتهم وأن الحماية الإيرانية لم تعد نافعة، مشددا على أنه لولا تمكن ذلك الشعور منه لما وجد الشابندر ضرورة للرد على المتظاهرين الذين وصفهم بصفات يمكن تعميمها من وجهة نظره على الشعب العراقي كله.
ويقول نشطاء إن معظم أركان الطبقة السياسية يفكرون بطريقة الشابندر عندما يتعلق الأمر بنظرتهم إلى المتظاهرين، الذين يصنفونهم في منزلة أدنى، لأنهم منحلون ولا دينيون، حتى أتباع مقتدى الصدر منهم.
وقال المدون شبر المقدسي، عن اتهام المتظاهرين في المطعم التركي بتعاطي المخدرات واللواطة وشرب الخمر، “هذا ليس رأي الشابندر فقط، بل رأي أغلب الساسة تجاه المتظاهرين، ولو استطاعوا لأبادوهم بالكامل”. وأضاف أن “هذه الطبقة يجب أن تحاكم وتعاقب على فسادها إذا أراد الشعب الانتصار الحقيقي”.
ويقول الناشط البارز أحمد عبدالحسين إن الشابندر “نرجسي، أدنى خدش يجعله ينزف كلاما مهما دون أن يعي، ليداري جرح نرجسيته التافهة”.
ونقل عبدالحسين عن الشابندر قوله قبل أيام “كنا نقاتل أخوتنا العراقيين من أجل إيران لكن الإيرانيين كانوا يهينوننا ويبصقون علينا”. وأضاف “كان هذا بسبب ازدراء الإيرانيين له وتقريب الميليشياويين، جرحت نرجسيته فخرج لنا باعتراف مهم عن عبوديتهم لإيران”.
وتابع عبدالحسين “رأى الشابندر صورة له على جبل أحد (الصفة التي يطلقها المتظاهرون على المطعم التركي) مضروبة بكروس، دلالة على رفضه، أحس أن سكينا تخترق نرجسيته الطفولية فغرد تغريدة شتم فيها المتظاهرين، لكنه اعترف بأمر خطير وهو أن السياسيين خائفون يتملقون للمتظاهرين ويتصلون بهم سرا خوفا من أن ينتقموا منهم في قادم الأيام”.
ومضى يقول إن الشابندر “كشف عن الرعب في الخضراء، في مملكته، مملكة القرود”.
العرب