الرد الخليجي على الاتفاق النووي

الرد الخليجي على الاتفاق النووي

333_7

بعد توقيع الاتفاق النووي بين القوى الكبرى وإيران في الرابع عشر من يوليو الجاري، صدرت ردود فعل متباينة أغلبها مرحبة بالاتفاق الذي نخشى أن يؤسس لشرق أوسط جديد ولنظام إقليمي يطلق يد إيران في المنطقة، ويشرعن قبل ذلك وجودها، ويشطبها من الدول المارقة و«محور الشر» ويؤسس لنظام إقليمي خليجي جديد تكون دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة مباشرة مع إيران ومشروعها، والخشية من استقواء إيران من زخم الاتفاق النووي.

يتوافد وزراء خارجية وقيادات ومدراء شركات ومؤسسات للاستثمار من الدول الأوروبية على إيران للاستفادة من كعكة خطة الحكومة الإيرانية الاقتصادية الطموحة لتطوير قطاع الطاقة من نفط وغاز بمشاريع كبيرة بقيمة 185 مليار دولار بحلول عام 2020.

الملفت أنه لم يصدر عن الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بيان يعبر عن موقف جماعي من الاتفاق النووي، بل صدرت برقيات تهنئة وبيانات فردية من الدول الدولة الخليجية التي رحبت وتمنت أن يفتح الاتفاق النووي صفحة جديدة، ويسهم فى تعزيز أمن واستقرار المنطقة. بينما تحفظت المملكة العربية السعودية على كيفية تنفيذ الاتفاق بفاعلية، وآلية التحقق من انصياع إيران له، وآلية إعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران في حال اتضح أنها انتهكت الاتفاق مع الغرب.

واضح أنه لا يوجد موقف خليجي موحد حول الاتفاق الذي وصفه من يسوق له من أميركيين وأوروبيين وإيرانيين بالتاريخي، بينما تصفه قيادات الكونجرس بالخطأ، حيث هناك نواب يتعهدون ببذل قصارى جهودهم لإفشال الاتفاق النووي وإسقاطه، خاصة بعد أن اتهمت قيادات الحزب «الجمهوري» ومعهم اللوبي الأميركي-الإسرائيلي ونتنياهو إدارة أوباما بالتساهل وارتكاب خطأ تاريخي.

وكان ملفتاً تقريع رئيس«لجنة الشؤون الخارجية» في مجلس الشيوخ الأميركي «بوب كروكر» في جلسة الاستماع قبل أيام- متهماً وزير الخارجية جون كيري بأنه تم خداعه، وكان ممكناً الحصول على اتفاق أفضل! بينما اتهمه آخرون في مجلس «الشيوخ» بأنه كان متساهلاً وتم استغفاله. وعلق «كيري» بأننا مع الروس والصين والقوى الكبرى لسنا مغفلين- والاتفاق النووي يغلق جميع الأبواب الأربعة التي من خلالها كان لإيران أن تنتج 10 قنابل نووية.

ويؤكد المرشد الأعلى أن الاتفاق النووي لن يغير سياسة إيران تجاه دول المنطقة. وزاد على ذلك في خطبة عيد الفطر بتأكيده (بأن إيران لن تتخلى عن دعم أصدقائها في المنطقة. والشعبين في فلسطين واليمن والشعبين والحكومتين في سوريا والعراق والشعب المضطهد في البحرين)، ما استدعى رداً قاسياً من الحكومة البحرينية واستدعاء نائب القائم بالأعمال الإيراني، وتسليمه رسالة احتجاج شديدة اللهجة، واصفة التدخل الإيراني بالفج والمرفوض في الشأن الداخلي وتعدياً واضحاً على سيادة واستقلال مملكة البحرين، وتمثل خرقاً لمبادئ الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، فضلاً عن أنها تحمل توصيفات مغلوطة عن الوضع في مملكة البحرين.

واتهم وزير الداخلية البحريني إيران بتصدير الإرهاب وبفتح معسكرات لتدريب إرهابيين وإيواء مطلوبين لديها، وبتهريب مواد متفجرة وأسلحة وذخائر إلى البحرين. وكذلك انتقد بشدة في بيان رسمي الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني ما وصفه تناقض القيادة الإيرانية وتدخلها بشؤون البحرين.

وأعرب عن رفضه تصريحات المرشد في وقت يصرح فيه «روحاني» برغبته في فتح صفحة جديدة، ما يؤكد الهواجس الخليجية بأن الاتفاق النووي لن يُعدّل ويغير من سلوك إيران وتدخلها في شؤون المنطقة بخلاف ما يذهب إليه الرئيس أوباما وإدارته من أن الاتفاق سيعقلن ويغير سلوك إيران العدائي والمهدد للأمن والاستقرار في المنقطة.

قلنا وكررنا أن الاتفاق النووي سيقوي ويصلب من مواقف إيران وتدخلها في شؤون المنطقة ويسخن الحرب الباردة بين ضفتي الخليج! بينما لدى أوباما قناعة بأن الاتفاق النوويسيعلقن ويعدل من سلوك إيران وتصرفاتها في المنطقة..بالرغم من قناعته أن الاتفاق النووي لن ينهي سلوك إيران الهجومي ضد جيرانها العرب أو يقود لمصالحة وتعايش سلمي بين الشيعة والسُنة أو يحل كل المشاكل التي تُعزى لإيران. لأن هذه ليست أولويات لأوباما.

الأهم اليوم بعد الاتفاق النووي بين القوى الكبرى وطهران، هو ليس كيف ستستقوي وتوظف إيران الاتفاق النووي لتزيد من نفوذها ودورها، بل التحدي الحقيقي هو ماذا أعددنا للتعامل مع شرق أوسط مختلف، ونظام إقليمي جديد، بعد تغير التحالفات واختلال موازين القوى ما يعمق مخاوفنا من الصفقة الكبرى وتداعياتها على أمننا واستقرارنا.

المطلوب التصدي والعمل بجدية على برنامج نووي خليجي، وتفعيل التعاون الخليجي والارتقاء به لمستوى الاتحاد الخليجي والبناء على «عاصفة الحزم» و«السهم الذهبي»، خاصة بعد تحرير عدن، لأن كلفة ونزف التسويف سيكونا أكثر كلفة وتهديداً لأمننا في المستقبل. علينا أن نتحرك اليوم بعيداً عن الخلافات البينية بيننا، وتطمينات الحليف الأميركي، الذي ثبت في السنوات الماضية، أنها أقرب للأماني الرغائبية منها للواقع!

د.عبدالله خليفة الشايجي

موقع الخليج الجديد