تحت عنوان “الخروج من بغداد”، قالت صحيفة “التايمز” إن على العراق أن يبتلع غضبه ويفكر مرة ثانية بقراره طرد القوات الأمريكية والبريطانية لأن وجودهما هو قوة لبلد ضعيف.
وجاء تعليق الصحيفة بعد قرار البرلمان العراقي يوم الأحد طرد القوات الأمريكية في أعقاب قتل الولايات المتحدة الجنرال الإيراني قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس خارج مطار بغداد الدولي يوم الجمعة. وقالت إن غضب العراقيين على الوجود العسكري الغربي في بلادهم يتسرب منذ أشهر إلى الشوارع. وبعد مقتل سليماني فمن المتوقع أن يزيد الضغط على القوات الأمريكية والبريطانية من أجل حزم أمتعتهم والرحيل. وترى الصحيفة أن الغضب العراقي على القوات البريطانية والأمريكية نابع في جزء منه من الحكومة العراقية ورعاتها الإيرانيين.
العراق لا يزال ممزقا والخروج المتعجل سيتركه في يد ثلاث قوى مشاكسة هي تركيا وإيران وروسيا
ولا تستبعد الصحيفة غضب العراقيين الحقيقي على قتل سليماني من خلال صاروخ هيلفاير في العراق فيما يعتبر خرقا للسيادة الدولية. وتحذر الصحيفة والحالة هذه من خروج متعجل للقوات الغربية وأنه لن يكون جيدا للمواطنين العراقيين. بل وسيعطي الخروج سليماني نصر ما بعد الموت، ويمنح إيران مفتاح السيطرة الكاملة لطهران والحرس الثوري وأتباعهما. ولن يكون الخروج المهين للقوات الأمريكية وحلفائها جيدا للمعركة ضد تنظيم الدولة فلا تزال جمرات الجماعات الإرهابية تتوهج في جيوب من البلد.
وتقول الصحيفة إن الجيش العراقي الذي شارك في تدريبه حوالي 400 مدرب بريطاني لا يقارن اليوم بانسحابه المهين من الموصل عام 2014 ولكنه لا يزال يعاني من مشاكل لتأكيد سلطته. وسيجد النقاد لحكومة عادل عبد المهدي والحركة الاحتجاجية على سوء الإدارة أنفسهم تحت رحمة عادل عبد المهدي وداعميه في إيران. وتقول الصحيفة إن التوسع الإيراني بالمنطقة هو جزء من حماية الأقليات الشيعية، ففي جوهرها كانت مهمة سليماني هي خلق ممر إلى البحر المتوسط، وفي جزء منها خلق الإمبراطورية الفارسية.
ويعتبر إخضاع العراق الذي قاتل في ظل صدام حسين حربا دموية انتصر فيها هو حجر الأساس في هذا المشروع. وترى الصحيفة أن عدم مبالاة الغرب يمكن أن يسمح لإيران المضي قدما في مشروعها الهادف لزعزعة استقرار المنطقة وإخضاع الدولة الوطنية. ومن هنا فالمشاركة الغربية تمنع تحول العراق إلى ساحة خلفية للنشاطات الإيرانية. وتقول إن ظهور تنظيم الدولة عزز من أهمية العراق الجيوسياسية وأصبح جزءا من التحالف الدولي الذي جمعته الولايات المتحدة لقتال التنظيم، وتم تعزيز أمنه من خلال عملية الإرادة الصلبة التي تقودها الولايات المتحدة. وتعتبر بريطانيا جزءا مهما في التحالفين.
وتضيف أن وقوف أقوى الدول في العالم وتعبئتها نيابة عن العراق أمر مفيد للأخير؛ فقد حصل على قرض من صندوق النقد الدولي بـ 5.4 مليارات دولار وتعهد له آخرون بـ30 مليار دولار للمساعدة في عمليات إعادة الإعمار. ومن هنا فإخراج الأعداد الصغيرة ولكن الرمزية (الولايات المتحدة لديها 5.000 جندي) سيؤدي لإضعاف البلد.
ويرى المحللون أن القراصنة الإيرانيين سيركزون على القواعد العسكرية والسفارة من أجل شل عملها.
ولا يحب العراقيون الولايات المتحدة التي يربطونها بأكثر الحروب دمارا من عاصفة الصحراء لمنع صدام حسين ضم الكويت عام 1990 إلى الغزو عام 2003 وسنوات من حرب التمرد. أما الدور البريطاني فيمتد منذ انهيار الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى والانتداب البريطاني وخلق المملكة الهاشمية من ولايات بغداد والبصرة والموصل.
وتقول الصحيفة إن العراق لا يزال ممزقا والخروج المتعجل سيتركه في يد ثلاث قوى مشاكسة هي تركيا وإيران وروسيا. وترى أن هناك الكثير من الدعوات التي تدعم انسحاب القوات البريطانية والأمريكية من العراق، إلا أن الكثير من العراقيين يعترفون في أحاديثهم الخاصة بأهمية بقاء قوة عسكرية غربية صغيرة؛ ليس للتجسس على الجهاديين في البلد فقط، ولكن لمساعدة جيشه وتقويته لمواجهة تأثير طهران أيضا.
القدس العربي