تنطلق اليوم الأربعاء في إسطنبول، مراسم افتتاح خط أنابيب السيل التركي، لنقل 15.75 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً من روسيا إلى تركيا وأوروبا مرورا بالبحر الأسود.
ومن المقرر أن يغذي الأنبوب الأول من المشروع تركيا، والثاني دول شرقي وجنوبي أوروبا. ويأتي ذلك بحضور الرئيسين، التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين.
وفي هذا السياق، يقول مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بإسطنبول، محمد كامل دميريل، لـ”العربي الجديد”: يأتي افتتاح السيل التركي، بتوقيت غاية من الدقة والأهمية، ففي حين يشتد الصراع على غاز شرقي المتوسط وبدء ترسيم الحدود البحرية التركية الليبية، بعد مذكرتي التفاهم مع حكومة فائز السراج الشرعية المعترف بها دوليا، بالإضافة إلى التوترات الأخرى في المنطقة إذ يزور الرئيس الروسي تركيا اليوم، للاحتفال إلى جانب أردوغان بافتتاح هذا المشروع العملاق.
وأضاف دميريل أن روسيا لن تضحي بتركيا بعد أن باتت مفتاحها الرئيس لتصدير الغاز إلى أوروبا، وبعد أن زودتها بصواريخ اس 400 وفوز شركة روساتوم الروسية العام الماضي، برخصة للبدء ببناء ثاني مفاعل نووي ضمن مشروع لبناء أربعة مفاعلات في “آق قويو” بتركيا بكلفة 22 مليار دولار”.
ويضيف مدير مركز الدراسات التركي، كما جاء المشروع بعد القطيعة الروسية التركية عام 2015 وإثر تفاهمات مشتركة لفتح الطريق أمام مشروع السيل، والذي لم يحدد وقتها، بأي اتجاه سيتقدم بأوروبا، هل عبر بلغاريا فالمجر وصولاً لالنمسا، أم تركيا اليونان وصولاً لإيطاليا؟ إلا أن تركيا أعلنت آنذاك أنها جاهزة للتعامل وفق كلا الاحتمالين.
وانطلقت فكرة مشروع نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، عبر تركيا أول مرة، في مطلع ديسمبر/كانون الأول عام 2014، خلال زيارة بوتين إلى أنقرة، بقوله خلال اجتماع مع أردوغان: “هناك تدهور لعلاقاتنا مع بعض الدول الأوروبية، لذا أصبحت ثمة حاجة ماسة لمشروع جديد ينقل طاقتنا عبر تركيا كبديل لمشاريع الخطوط السابقة”.
وجاء ذلك عقب تدهور العلاقات بين روسيا وأوكرانيا التي كانت بدورها معبراً للغاز الطبيعي الروسي إلى دول القارة الأوروبية، إذ بدأت موسكو بالبحث عن طرق بديلة لتصدير غازها إلى أوروبا.
ويعدّ مشروع السيل التركي من أضخم المشاريع الاقتصادية بين روسيا وتركيا إذ تصل التكلفة الإجمالية للمشروع إلى نحو 19 مليار دولار.
ويصف المحلل التركي، يوسف كاتب أوغلو، المشروع بالعملاق، “لأنه سيكون بمثابة ضمان أمني للطاقة التي تحتاجها تركيا، ويمنحها نوعا من الاستقلالية، فضلاً عن منحها استخداما “جيوسياسيا” نتيجة التحكم بوصول الغاز الى القارة الأوروبية”.
ويشير كاتب أوغلو خلال حديثه لـ”العربي الجديد” إلى أن المشروع سيعود بفائدة اقتصادية جراء عائدات الغاز التي ستمر عبر تركيا باتجاه أوروبا، بمعدل 35% من قيمة الغاز المصدر إلى القارة الأوروبية التي تشهد تنامياً بالطلب على الغاز بما فيها تركيا التي بلغ معدل الزيادة في الطلب عليه ما يقرب 26%، واليونان 12%، أما في بلغاريا فبلغت 14%، وفي هنغاريا 31%، وصربيا 47%، والنمسا 77.5%، وفق تقارير حديثة.
العربي الجديد