وعد الرئيس أوباما بأن الاتفاق النووي مع إيران لن يكون “مبنيًا على الثقة”، بل على “التحقق الذي لم يسبق له مثيل”. ولكن اتضح الآن أن نظام التحقق الذي يتحدث عنه أوباما يستند إلى الثقة قبل أي شيء آخر؛ وهي الثقة المعتمدة على اتفاقين جانبيين سريين تم التفاوض عليهما بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) فقط، ويبدو ألا أحد -بما في ذلك إدارة أوباما- قد شهد هذه المفاوضات.
وما هو أسوأ من ذلك هو أن أوباما لم يكشف للكونغرس عن وجود هذه الصفقات الجانبية السرية عندما أحال الاتفاق النووي إلى الكابيتول هيل. وقد تم الكشف عن هذه الاتفاقات عن طريق المصادفة تمامًا، ومن قبل اثنين من أعضاء الكونغرس، هما مايك بومبيو، وتوم كوتن، اللذان كانا موجودين في اجتماع فيينا مع وكالة الأمم المتحدة ذات الصلة.
وفي مقابلة أجريتها معه، قال لي بومبيو إنه والسيناتور كوتن كانا في اجتماع مع نائب مدير وكالة الطاقة الذرية، واثنين من كبار المفاوضين الإيرانيين في الوكالة بعد أيام فقط من الإعلان عن الاتفاق النووي. وعندما سأل النائبان عن الكيفية التي ستنفذ من خلالها الوكالة عمليات التحقق في مجمع الجيش الإيراني في بارشين، قال لهما مسؤولو الوكالة إن كل التفاصيل موجودة في الاتفاقات التي تم التفاوض عليها بين وكالة الطاقة الذرية والحكومة الإيرانية. وكانت تلك أول مرة يسمع فيها بومبيو وكوتن عن هذه الصفقات الجانبية.
ويقول بومبيو إنه وزميله طلبا رؤية تلك الاتفاقات، فرد مسؤولو الوكالة: “أوه لا.. بالطبع لا.. لن تستطيعوا رؤيتها”. وعندها، أراد جميع من كانوا على الطاولة معرفة ما إذا كان وزير الخارجية، جون كيري، قد رأى هذه الاتفاقات، فرد مسؤولو الوكالة: ‘‘لا، الوزير كيري لم ير أيًا منها. لن يتمكن أي أمريكي أبدًا من رؤيتها”.
واتضح أن وكالة الطاقة الذرية وإيران فقط هما من يعرفان محتوى هذه الاتفاقيات الفعلي. وهذه صورة لمسؤولين من إيران والوكالة، وهما يمسكان بما يبدو أنه الاتفاقات السرية:
وبعبارة أخرى، يراهن أوباما على أمننا القومي، ويسلم إيران أكثر من 150 بليون دولار كنتيجة لتخفيف العقوبات، بناءً على اتفاقات سرية تم التفاوض عليها بين وكالة الطاقة الذرية وإيران فقط، ولم يتمكن أي مسؤول أمريكي من رؤية محتواها.
ويقول بومبيو: “إننا بحاجة لرؤية هذه الوثائق؛ من أجل تقييم ما إذا كان التحقق كافيًا، أو غير كافٍ لتقديم مثل هذا التنازل الكبير للإيرانيين“. ويضيف: “ينبغي ألا يُطلب من أي عضو من الكونغرس التصويت على اتفاق له مثل هذه الأهمية التاريخية من دون معرفة شروط عملية التحقق“.
وفي الواقع، يعد فشل إدارة أوباما في نقل هذه الصفقات الجانبية للكونغرس انتهاكًا للقانون. وينص قانون مراجعة الاتفاقية النووية مع إيران، الذي وقعه أوباما، صراحةً على أنه على الرئيس أن يحيل الاتفاق النووي مع “جميع المواد والمرفقات ذات الصلة”. ويشمل هذا بوضوح أي اتفاقيات جانبية تغطي التحقق من مدى التزام إيران.
وقد قالت سوزان رايس للصحفيين إن الإدارة “قدمت للكونغرس جميع الوثائق التي وضعناها أو كنا جزءًا من عملية صياغتها، وجميع المستندات التي تمت مشاركتها معنا من قِبل الوكالة“. وبالتأكيد، ليس هذا ما يتطلبه القانون.
ولا تستطيع الإدارة أن تسلم وثائق لا تمتلكها على ما يبدو للكونغرس. ولكن هذه النقطة تجعل بومبيو يطرح تساؤلات أكثر إثارةً للقلق في الحقيقة، مثل: لماذا يسمح الرئيس بأن يتم التفاوض (بشأن التحقق) من قبل طرف آخر غير الولايات المتحدة؟ وكيف يمكن للإدارة أن توقع على صفقة مع أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، ودولة أمضت كامل وجودها في الغش، من دون معرفة الأحكام الأساسية للتحقق من التزام هذه الدولة؟.
وفيما يتعلق بمضمون الصفقات الجانبية السرية، يقول السيناتور بوب مينينديز: إن واحدة من هذه الصفقات الجانبية تنظم عمليات التفتيش في مجمع بارشين العسكري، وتسمح لإيران بجمع عينات التربة الخاصة بها، بدلاً من قيام مفتشي الوكالة الدولية بذلك. ويعد هذا مثل السماح لانس ارمسترونغ بجمع عينات الدم الخاصة به لتحقيق المنشطات. ويقول بومبيو: “أظن أنه إذا كنا قادرين على رؤية هذه الاتفاقات، فسوف نجد نصف دزينة من الأشياء المثيرة للدهشة، وسوف ندرك أننا لم نحصل على التحقق فعليًا“.
ويتوجب على الكونغرس أن يصر على رؤية هذه الصفقات الجانبية قبل أن يصوّت على اتفاق إيران. والطريقة الوحيدة لوقف الاتفاق هي تجاوز الكونغرس للفيتو الرئاسي من خلال حصول رفض القرار على تصويت ثلثي المجلسين. وسوف يتطلب هذا تصويت 13 من الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، و45 من الديمقراطيين في مجلس النواب، ضد الاتفاق، وهو الأمر الذي كان مُستبعدًا جدًا قبل الكشف عن وجود هذه الصفقات السرية.
ويبقى أن نرى ما إذا كان الكشف عن الصفقات الجانبية السرية سيجعل من المستحيل على الديمقراطيين التصويت لصالح اتفاق إيران. ويتساءل بومبيو: كيف سيفسر هؤلاء لناخبيهم أنهم صوتوا لصالح الصفقة النووية مع إيران من دون معرفة كيف سيتم التحقق من الالتزام بهذه الصفقة؟ ويضيف: “ستكون مهمتي في الأيام الـ 45 القادمة إقناع 45 من الديمقراطيين في مجلس النواب بتجاوز الفيتو الرئاسي.. إنها مهمة صعبة، ولكنها تستحق الجهد“.
مارك ثايسن – واشنطن بوست (التقرير)