كشف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الاثنين أن جميع القادة العراقيين أبلغوه فيما وصفها بمجالس خاصة أنهم يؤيدون الوجود العسكري الأميركي في بلدهم، على الرغم من المطالبات العلنية بخروج الجنود الأميركيين من العراق.
وقال بومبيو الذي ترفض وزارته غالبا نشر تفاصيل اتصالاته، إن ما سمعه خلال محادثات أجراها مع زهاء 50 مسؤولا عراقيا منذ مطلع يناير/كانون الثاني الحالي يتعارض مع ما يعلنه هؤلاء في العلن.
وردا على سؤال خلال ندوة في جامعة ستانفورد، قال الوزير الأميركي “لن يقولوا ذلك علنا. لكنهم في المجالس الخاصة يرحبون كلهم بوجود أميركا هناك وبحملتها لمكافحة الإرهاب”. وأكد بومبيو أن الجنود الأميركيين يعملون على ضمان عدم عودة تنظيم الدولة الإسلامية و”يؤمّنون للعراقيين فرصة لنيل السيادة والاستقلال اللذين تريدهما غالبية العراقيين”.
وفي الندوة الجامعية التي شاركت فيها وزيرة الخارجية الأسبقة كوندوليزا رايس، قال بومبيو إنه تحادث مع قادة من كل الانتماءات في العراق بمن فيهم قادة من الشيعة.
لكن الوزير الأميركي أشار أيضا إلى أن الولايات المتحدة ستعمل مع القادة العراقيين “لتحديد المكان الأنسب” لنشر القوات الأميركية في البلاد، وأضاف بومبيو “سيتم في نهاية الأمر التوصل إلى حل لوضع قواتنا داخل العراق وسنعمل مع الزعماء المنتخبين في العراق لتحديد المكان المناسب”.
وكان البرلمان العراقي صوّت الأسبوع الفائت على قرار يطالب بـ”إنهاء وجود” القوات الأجنبية في البلاد، وذلك بعد الضربة الجوية التي قُتل فيها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي قرب بغداد.
واغتالت الولايات المتحدة سليماني في 3 يناير/كانون الثاني الحالي بعد سلسلة هجمات صاروخية استهدفت الجيش الأميركي ومحاولة متظاهرين من فصائل موالية لإيران اقتحام السفارة الأميركية في بغداد.
وهدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض عقوبات اقتصادية على العراق إذا قررت سلطاته إخراج الجنود الأميركيين البالغ عددهم 5200 جندي.
ورفض وزير الخارجية الأميركي الأسبوع الماضي دعوة وجّهها له رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي لإرسال وفد لمناقشة سحب الجنود الأميركيين من العراق.
في غضون ذلك نظمت القوات الأميركية في العراق جولة لعدد من وسائل الإعلام ووكالات الأنباء في “قاعدة عين الأسد” بعد أيام من تعرضها لقصف صاروخي إيراني ألحق بها أضرارا مادية دون إصابات بشرية.
ونقلت محطة “سي أن أن” الأميركية عن جنود قولهم إنهم تلقوا إشارات بهجوم وشيك، فتحركوا مسرعين نحو مخابئ أنشئت في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، بينما أجلي قلة من الجنود من القاعدة.
وقالت القوات الأميركية إنها لم تكن على يقين من قدرة مخابئ القاعدة على الصمود في وجه الصواريخ الإيرانية. وطالت الصواريخ مساكن الجنود ومنشآت أخرى، حسب ما أظهرت الصور. وقد بدأ الجنود الأميركيون في إزالة آثار الدمار فورا، وإعادة ترتيب الأوضاع داخل القاعدة.
وخلال موجات الصواريخ الإيرانية التي تساقطت على قاعدة عين الأسد، تجمّع الجنود داخل مخابئ لساعات خوفا من تفاقم النزاع، كما قال لوكالة الصحافة الفرنسية القائد الأميركي الأعلى في القاعدة، واصفاً الهجوم بـ”غير المسبوق”.
وخلال المقابلة في القاعدة الجوية، قال اللفتنانت كولونيل تيم غارلاند إن رؤساءه أعطوه “بضع ساعات من التحذير المسبق” بأن هجوماً سيقع ليلة السابع من يناير/كانون الثاني الحالي.
وقال غارلاند “كان رد فعلي الأول الصدمة وعدم التصديق بداية”، مشككا حينها في قدرة إيران أو استعدادها لشن هجوم صاروخي على القاعدة. وأشار إلى أن وضع تلك القوات في مأمن كان عملا سريع التفكير والتنسيق بين قادة الجيش والقوات الجوية في عين الأسد. وأضاف غارلاند “كيف نجونا؟ كانت معجزة من الله”.
تهديد كتلة وفصائل
وتأتي التصريحات الأميركية في وقت هددت فيه كتلة تحالف الفتح في البرلمان العراقي الاثنين بالتصعيد العسكري ضد القوات الأميركية إذا لم تستجب للقرار العراقي بالخروج من البلاد .
و”الفتح” ثاني أكبر كتلة في البرلمان (47 من أصل 329 مقعدا)، ويتزعمه هادي العامري، ويتألف من أذرع سياسية لفصائل شيعية مسلحة مثل منظمة بدر وعصائب أهل الحق وحركة النجباء، وقال رئيس الكتلة محمد الغبان للتلفزيون الحكومي إن الحكومة العراقية مطالبة باتخاذ التدابير لإنهاء وجود القوات الأجنبية في البلاد، لاسيما بعد قرار مجلس النواب الأخير.
وأضاف الغبان أن أي مماطلة أو التفاف من قبل القوات الأميركية سيؤدي إلى تصعيد شعبي ومواجهات عسكرية ضدهم، محذرا من زعزعة أمن المنطقة وتضرر العلاقة بين بغداد وواشنطن.
وفي السياق كشف المتحدث باسم فصيل حركة النجباء العراقي نصر الشمري عن إجراء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مباحثات مع فصائل شيعية مقربة من إيران، تطلق على نفسها فصائل المقاومة، لتشكيل جبهة موحدة لإخراج القوات الأميركية من العراق.
وقال الشمري في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء العراقية الرسمية الاثنين، إن الصدر اجتمع في مدينة قم الإيرانية مع ممثلين عن أغلب فصائل المقاومة العراقية على رأسها عصائب أهل الحق وكتائب سيد الشهداء وحركة النجباء وسرايا السلام.
وأضاف أن المجتمعين اتفقوا على تنسيق الجهود وتشكيل جبهة موحدة من أجل إخراج القوات الأميركية من العراق بشكل كامل ونهائي، وقال الشمري إن فصائل المقاومة العراقية أعطت فرصة ومدة لم يذكرها للحكومة ومجلس النواب من أجل إنهاء الوجود الأجنبي عبر الطرق الدبلوماسية والسياسية.
المصدر : الجزيرة + وكالات