التهريب بين أفغانستان وباكستان.. “لقمة عيش” سكان ولاية ننغرهار

التهريب بين أفغانستان وباكستان.. “لقمة عيش” سكان ولاية ننغرهار

حذر اقتصاديون أفغان الحكومة من التراخي في عدم ضبط الحدود الشرقية مع باكستان، بعد تزايد عمليات تهريب البضائع من دون دفع الضرائب الجمركية، رغم قرار الحكومة الباكستانية فتح معابرها بشكل كامل أواخر يوليو/تموز الماضي مع أفغانستان.

فبعيدا عن أعين الجمارك الأفغانية وقريبا من أعين “الجزيرة” تمضي الدواب بكل أنواعها الجمال والخيول والحمير بنقل بضائع شتى بين أفغانستان وباكستان وبالعكس، فهناك مئات الشاحنات تأتي يوميا لتفريغ حمولتها في أربعين مستودعا منتشرا في منطقة ديورند بولاية ننغرهار الحدودية حيث تتجمع البضائع المهربة من كل حدب وصوب، تمهيدا لنقلها من أفغانستان إلى باكستان.

ميا خان مسؤول مستودع يعمل في مهنة تهريب البضائع منذ أكثر من أربعين عاما، قال للجزيرة “ليس لأفغانستان أي منفذ بحري، فعندما تصل البضائع من الهند أو الصين أو كوريا ننقلها إلى باكستان، من دون المرور عبر الحدود الرسمية، لأنهم باختصار سيطلبون منا ضريبة إضافية”.

ويقول رحمة الله شينواري والذي يعمل منذ 15 سنة بهذه المهنة “نفرغ الشاحنة الواحدة بستة دولارات، ومن ثم تهرب البضائع إلى باكستان عبر الخيول والحمير، وحقا لا نعرف ماذا تحمل هذه الدواب من الجهة الباكستانية عند عودتها إلى هنا”.

أربعة آلاف شخص
لا يوجد أرقام رسمية دقيقة عن حجم التهرب الضريبي بأفغانستان، لكن خبراء ومحللين اقتصاديين قدروا المبلغ بنحو ملياري دولار سنويا.
ويقدر العاملون في المهنة بأكثر من أربعة آلاف شخص على طول الحدود، بين تاجر ومهرب ومسؤول مستودع، مهمتهم نقل البضائع من ولاية ننغرهار إحدى أهم ولايات شرق أفغانستان إلى باكستان، من دون أن تمر على الضريبة الحدودية.

وفي منظر غريب تتجمع الدواب كسلسلة خلف بعضها قبل أن تشق طريقها باتجاه الأودية والجبال والطرق الوعرة، لمسافة طويلة قد تستغرق أياما، حاملة كل ما يمكن تهريبه باتجاه باكستان. عن ذلك يقول العامل حياة ولي الذي أوقفته الجزيرة وهو يقود إحدى قافلات الدواب “أعمل هنا منذ 15 عاما مهمتي نقل البضائع من أفغانستان إلى باكستان، وعلى كل نقلة أحصل على عشرين دولارا هي لقمة عيشي اليومي”.
اعلان

في سوق جلال آباد الحدودي تتكدس البضائع التي يهرب بعضها إلى باكستان، فالأرقام تتحدث عن حجم تبادل تجاري يصل إلى مليارين ونصف مليار دولار سنويا بين البلدين.

ورغم عدم وجود أرقام رسمية دقيقة عن خسائر التهرب الضريبي بأفغانستان، فإن إجماعا من قبل اقتصاديين أن التراخي الحكومي يؤثر بشكل كبير على خزينة الدولة. ويعتقد المحلل الاقتصادي عبد الوافي نائب زي أن “حجم التهريب بين الدولتين يصل إلى ضعف التجارة مع باكستان” مرجعا ذلك إلى “وجود أسواق سوداء داخل الأراضي الباكستانية تعتمد على البضائع التي تصل من أفغانستان” خاتما قوله إن التجار يفعلون ذلك طمعا في أرباح مضاعفة.

ممنوعات
ويعتقد مراقبون أفغان أن بعض البضائع المهربة من كلا البلدين من الممنوعات وغير قانونية كالمخدرات والأسلحة، نتيجة غياب الرقابة الحكومية، دون أن يجرؤ أحد على البوح أو عرقلة هذه التجارة البينية المحمية من القبائل بين البلدين، بل تعد التجارة بينهما اقتصادا موازيا لاقتصاد الدولة.
يقول التاجر حضرت نبي: منذ أربعين سنة ونحن نهرب البضائع من هنا، لكننا لا نسمح لنقل أو إدخال بضائع غير مشروعة، وأي شخص يتم القبض عليه وفي حوزته بضائع ممنوعة يطرد من هنا فورا، فهكذا اتفقنا.

وتسعى السلطات الأفغانية لإيقاف التهريب إلى باكستان، لكنها لا تقوى على ذلك حسب قولها، فالحدود المشتركة بين البلدين يصل طولها إلى 2500 كيلو متر، بوجود ثماني ولايات أفغانية على حدود باكستان.

المصدر : الجزيرة