فاجأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما كل معارضيه الأمريكيين والإسرائيليين الرافضين للاتفاق النووي الذي جرى التوصل إليه مع إيران يوم 14 يوليو الفائت بإرساله إلى مجلس الأمن عبر وزارة الخارجية الأمريكية للتصويت عليه، وفسر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أسباب التعجيل في إرسال هذا الاتفاق إلى مجلس الأمن قبل عرضه على الكونجرس الأمريكي للتصويت عليه بقوله: “وقّعنا على اتفاق تاريخي، بعد مفاوضات استمرت سنوات وسنوات.. ووقعت على الاتفاق معنا ست دول في العالم. حسب الاتفاق يجب عرضه على مجلس الأمن للموافقة عليه في أقرب فرصة ممكنة، طبعًا لأن الدول التي تملك حق الفيتو في مجلس الأمن وقعت على الاتفاق فلا يمكن توقع الاعتراض عليه”. ولمزيد من التوضيح أضاف كيري “نحن نتخذ خطوات ثم الاتفاق عليها مع دول أخرى.. في الحقيقة نحن خلال مفاوضات فيينا ضغطنا على الدول الأخرى ليتضمن الاتفاق بندًا ينص على تأجيل تنفيذ الاتفاق، وذلك لإعطاء الكونجرس الأمريكي فرصة لناقشته”، مشيرًا إلى أنه “لا تجب المبالغة في تخويف الناس من قدرة إيران على إنتاج أسلحة نووية رغم الاتفاق. نحن بالإضافة إلى الاتفاقية والمفتشين الدوليين، نملك قدرات كبيرة لمتابعة برنامج إيران النووي”، وبالفعل قدمت السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة الاتفاق إلى مجلس الأمن الذي عقد جلسة خاصة لمناقشته يوم 20 يوليو الفائت وأقره بالإجماع، الأمر الذي أثار جنون بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية والوزراء المتطرفين داخل حكومته بقدر ما أثار موجة رفض عاتية من أنصار إسرائيل داخل الكونجرس الأمريكي، وبالذات من الشيوخ والنواب الجمهوريين على نحو ما جاء على لسان السيناتور الجمهوري توم كوتون الذي انتقد بشدة تعجل الرئيس الأمريكي في إرسال الاتفاق إلى مجلس الأمن قبل إقراره من الكونجرس، وقال “صار واضحًا أن الرئيس أوباما يحترم علاقته مع دول أجنبية أكثر من احترام واجبه الدستوري بالتعاون مع الكونجرس الذي يمثل الشعب الأمريكي”.
صار واضحًا أن الرئيس أوباما يحترم علاقته مع دول أجنبية أكثر من احترام واجبه الدستوري بالتعاون مع الكونجرس الذي يمثل الشعب الأمريكي
أولا- مخاوف نتنياهو وحكومته من الاتفاق بين الجدية والافتعال
صدمة بنيامين نتنياهو من خطوة إقرار مجلس الأمن للاتفاق النووي مع إيران غير مسبوقة وهو الذي ظل، وعلى مدى سنوات طويلة، يروج لمقولة إن إيران وبرنامجها النووي يعتبران خطرًا وجوديًا على إسرائيل، وظل أيضًا وعلى مدى تلك السنوات يمارس لعبة ترويع الرأي العام الأمريكي والعالمي من الخطر الإيراني في ظل تأكيداته مع أجهزته الاستخباراتية على أن امتلاك إيران للسلاح النووي بات “حقيقة شبه مؤكدة”، وأن إيران أضحت قادرة على صنع القنبلة في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، لذلك فإن قبول المجتمع الدولي بإيران دولة نووية سلمية وعلى مدى السنوات الخمس عشر القادمة على الأقل، حسب نصوص الاتفاق، مع القبول بإلغاء العقوبات الدولية المفروضة عليها أثار جنون نتيناهو وجعله يتجاوز نصوص الاتفاق شديدة الوضوح ويواصل هذيانه بأن “إيران باتت نووية لا محالة” فضلًا عن كونها الداعم الأهم والأصيل للإرهاب.
ولقد استغل نتنياهو بعض فقرات وردت في خطاب المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي بمناسبة عيد الفطر المبارك انتقد فيها السياسة الأمريكية ووصفها بأنها عدائية وضد الشعب الإيراني، ليؤكد ادعاءاته الرامية إلى تحشيد الكونجرس ضد الرئيس أوباما والاتفاق وإلى الإعداد للثمن الذي سيكون على الولايات المتحدة أن تدفعه لإسرائيل تعويضًا عن هذا الاتفاق. وكان خامنئي قد قال في الخطاب الذي تخللته هتافات المصلين “الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل” أن سياسات الولايات المتحدة في المنطقة “تختلف 180 درجة مع سياسات إيران”.
نتنياهو لم يفوّت الفرصة وأخذ يردد أن “إيران عازمة على الحصول على أسلحة نووية” وأن الاتفاق الذي وقع “يمهد الطريق أمام إيران لتسليح نفسها بالأسلحة النووية، سواء في غضون عشر سنوات إذا قررت الالتزام بالاتفاق أو قبل ذلك إذا قررت انتهاكه كما تفعل في العادة”. كما أنه لم يكتف بذلك بل حرص على إعادة طرح ما يراه “الرؤية الأصوب” للتعامل مع إيران، كما سبق أن دعا إليها وقال “إن البديل الذي طرحناه دائمًا لهذا الاتفاق الفاشل هو استمرار العقوبات وتقويتها.. وما دامت إيران تشجع الهاتفين (الموت لأمريكا والموت لإسرائيل) فلا يوجد سبب لتقديم تنازلات لها”.
هذا الموقف ليس بجديد على نتنياهو وحكومته، وهو الذي ظل يفضل الخيار العسكري لتدمير كل القدرات النووية الإيرانية أو مواصلة تشديد العقوبات ضد إيران لإجبارها على التخلي نهائيًا عن كل قدراتها النووية، ولكنها الآن تواجه ثلاثة تحديات مهمة فرضها هذا الاتفاق، أول هذه التحديات يتعلق بتطبيق فرص التهرب الإسرائيلي من استحقاقات السلام مع الشعب الفلسطيني. فعلى مدى الأعوام الخمسة الماضية بالتحديد نجحت «إسرائيل» في فرض إستراتيجية أولوية الملف النووي الإيراني كمصدر للتهديد على ملف السلام الفلسطيني، ونجحت في أن تفشل خيار «حل الدولتين» وأن تتمادى في مخطط التهويد والاستيطان لتفريغ هذا الحل من مضمونه، ولفرض خيارها البديل الذي يتبناه بنيامين نتنياهو منذ عدة أشهر أي خيار «دولة واحدة لشعب واحد».
الآن إلى أين ستهرب «إسرائيل» في التعامل الجاد مع الملف الفلسطيني، ربما يكون الهروب إلى الإرهاب التكفيري وخاصة تنظيم «داعش» الذي بات على حافة الحدود الجنوبية للكيان الصهيوني في شبه جزيرة سيناء وفي قطاع غزة.
أما التحدي الثاني فهو تحدي المكانة بعد أن أصبحت إيران قوة إقليمية منافسة مدعومة من الغرب وعلى الأخص من الولايات المتحدة ضمن سياق جديد محتمل لعلاقات إيرانية أمريكية قد تكون على حساب المكانة «الإسرائيلية»، وسيكون المطلوب من «إسرائيل» في ظل هذا الاحتمال أن تبحث في الوسائل المثلى للدفاع عن مكانتها ودورها.
فالتحدي الذي يواجه الكيان الآن هو التآكل الذي يحدث في وظيفته التاريخية كأهم حليف قادر على حماية المصالح الغربية في الشرق الأوسط لأسباب كثيرة هزت جذور العلاقة الفريدة التي ربطتها بالولايات المتحدة الأمريكية. أبرزها التحول الإستراتيجي الأمريكي نحو جنوب شرق آسيا، حيث يتفاقم الصراع الكوني على حساب أولوية الشرق الأوسط في الإستراتيجية الأمريكية، والأزمات والمشاكل الاقتصادية التي تواجه الولايات المتحدة وفرضت عليها قدرًا من الانكماش في سياستها والتزاماتها الخارجية وإدراك أهمية التوقف عن التورط في أية حروب كبرى جديدة بعد أن كانت تتباهى أيام حكم جورج بوش (الابن) بأنها قادرة على خوض حربين في وقت واحد، وأنها ملتزمة بإستراتيجية الضربات الاستباقية. من هذه الأسباب أيضًا الأزمات الإقليمية المتصاعدة في الشرق الأوسط التي تدفعها إلى التقارب مع إيران رغم أنف الرفض «الإسرائيلي» والقبول بأدوار إيرانية في العراق وسوريا. فالحرب ضد «داعش» تدفع واشنطن على ما يبدو لتغيير موقفها من الحرب السورية ومن الدور والنفوذ الإيراني في العراق رغم الاعتراضات السعودية والرفض والتأفف «الإسرائيلي».
لم يفوّت نتنياهو الفرصة وأخذ يردد أن “إيران عازمة على الحصول على أسلحة نووية” وأن الاتفاق الذي وقع “يمهد الطريق أمام إيران لتسليح نفسها بالأسلحة النووية
هذا يعني أن «إسرائيل» التي كانت تأمل في فرض مشروعها التوسعي العنصري على العرب والتحول إلى قوة إقليمية مهيمنة بعد تدمير القدر الأكبر من القدرات الإستراتيجية العربية في العراق أولًا ثم في سوريا وليبيا، والاستنزاف الذي يحدث للقدرات المصرية واليمنية بسبب تداعيات موجة الثورات العربية والحرب ضد خطر الإرهاب التكفيري الذي يمثله تنظيم «داعش» تواجه تحديات خطيرة وغير مسبوقة.
هذه التحديات والمخاطر هي ما يدفع «إسرائيل» إلى تعمد تصفية مشروع حل الدولتين واستثمار المناخ العربي والإقليمي والدولي غير المواتي بالنسبة للقضية الفلسطينية لفرض إستراتيجية «أرض واحدة لشعب واحد» أي جعل أرض فلسطين موحدة وطنًا للشعب اليهودي دون الشعب الفلسطيني. وجاء قرار مجلس الوزراء «الإسرائيلي» لاعتماد قرار إعلان «إسرائيل» دولة يهودية وإعطاء الحكومة «الإسرائيلية» كل الأولوية للتوسع الاستيطاني ليؤكد أن خيار حل الدولتين قد انتهى، لكنه يؤكد أيضًا أن الصراع مع الكيان الصهيوني، يتحول بقرار «إسرائيلي» من «صراع سياسي» إلى «صراع ديني»، وهو تحول سوف تكون له خطورته ومحوريته في حسم مستقبل الصراع بالمنطقة وموقع الكيان الصهيوني من هذا الصراع، في ظل تصاعد مخاطر تيار «السلفية الجهادية» الذي يسعى إلى فرض مشروع «الدولة الدينية» أو مشروع «الخلافة الإسلامية» كمشروع بديل للنظام العربي، ما يعني أن الصراع الديني سوف يجد أرضية شديدة الخطورة للصعود في السنوات القادمة.
«إسرائيل» ليست مشغولة فقط باستغلال كل الفرص لتصفية القضية الفلسطينية نهائيًا والتحول بمجرى الصراع في المنطقة من صراع عربي صهيوني أو حتى فلسطيني «إسرائيلي»، ولا تكتفي بالسعي لإفشال أي اتفاق تخرج به إيران فائزة بمشروع نووي سلمي معترف به دوليًا، لكنها تريد استغلال الحرب الإرهابية في سوريا لمزيد من الإرباك للمشهد العربي، ولمزيد من تحويل الصراع إلى صراع ديني بين محور سُني يقوده «داعش» ومحور شيعي تقوده إيران وينخرط فيه النظام السوري، في محاولة لتوظيف الانقسام في صفوف الدول العربية في الموقف من الحرب الإرهابية حيث تدعم دول عربية وتركيا بعض هذه المنظمات تحت عنوان «ضرورة إسقاط نظام بشار الأسد».
فقد سعت «إسرائيل» للتعاون مع تنظيم «جبهة النصرة» (تنظيم القاعدة) لإقامة ما يمكن تسميته بـ «جيش لحد سوري» على غرار «جيش لحد» اللبناني الذي سبق أن أقامه «الإسرائيليون» في جنوبي لبنان، يكون بمثابة «حائط صد آمن» يحمي الجبهة الشمالية «الإسرائيلية» والمستوطنات المقامة في هضبة الجولان السورية المحتلة من أي تمدد للنفوذ الإيراني أو عودة الجيش السوري مجددًا إلى هذه المناطق، بعد نجاح «جبهة النصرة» في التمدد ابتداءً من ريف درعا إلى القنيطرة بالموازاة مع الجولان. فمنذ مارس/آذار 2013 بدأت «إسرائيل» هذا المخطط بلقاءات على الحدود بين ضباط من الجيش «الإسرائيلي» ومقاتلين من المعارضة السورية (وخاصة جبهة النصرة)، تطورت إلى استيعاب جرحى من المسلحين السوريين للعلاج الطبي في مستشفياتها، حيث تم نقل جرحى سوريين إلى المستشفيات الميدانية «الإسرائيلية» في هضبة الجولان المحتلة، وتم أيضًا نقل بعض الجرحى للعلاج في مستشفيات صفد ونهاريا، وفي الوقت نفسه كانت «إسرائيل» تقصف، عند الحاجة، مواقع للجيش السوري، وتقوم بتغطية نارية لمسلحي المعارضة كي يتقدموا للسيطرة على مواقع إستراتيجية مهمة في القنيطرة.
أما التحدي الثالث الذي لا يقل أهمية فهو مستقبل برنامجها النووي، فالآذان ستكون أكثر استعدادًا للإصغاء لما أخذ يتردد من أصوات تطالب بفتح الملف النووي «الإسرائيلي» بعد كل القيود التي فرضت على البرنامج النووي الإيراني. فقد كشفت جلسات مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية الأخير الذي عقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك (27 إبريل /نيسان 20 مايو/ آيار 2015) أن الملف النووي «الإسرائيلي» أصبح عبئًا ثقيلًا على الولايات المتحدة وحلفائها الذين اضطروا للتصدي للمطالب المصرية في ذلك المؤتمر بعقد مؤتمر دولي يبحث في جعل الشرق الأوسط إقليمًا خاليًا من الأسلحة النووية، وبسبب التعنت في رفض التوصيات والمطالب المصرية فشل المؤتمر في إصدار بيانه الختامي لأن الأمريكيين والبريطانيين والكنديين رفضوا صدور بيان يتضمن تلك التوصيات المصرية.
الأهم من ذلك أن التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني فرض، وبشكل غير مباشر، خيار الانتشار النووي كبديل لخيار منع الانتشار المتضمن في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، كما أن دول الإقليم عربية كانت أو غير عربية ستفكر أكثر من أي وقت مضى في امتلاك برامج نووية.
يائير لبيد زعيم حزب “هناك مستقبل”: “أن الاتفاق النووي هو “الفشل الأكبر للسياسة الخارجية الإسرائيلية منذ إعلان الدولة
ثانيا- خيارات إسرائيل الصعبة
للأسباب السابقة يجري التعامل داخل إسرائيل مع الاتفاق الدولي مع إيران على أنه “كارثة” أو “اتفاق كارثي” وهم يحاولون في إسرائيل الترويج لمخرجين من الأزمة، أول هذين المخرجين الطموح في كسب نجاح الرهان على الكونجرس الأمريكي لرفض الاتفاق، وثانيهما مواصلة التأكيد على أن خيار الضربة العسكرية الإسرائيلية المنفردة لمنشآت إيران النووية لا يزال قائمًا، والدافع إلى ذلك محاولة نتنياهو وحزبه “الليكود” لإظهار نفسيهما أهما بذلا ويبذلان أقصى الجهود لإحباط المسعى الإيراني لامتلاك سلاح نووي، فنتنياهو يدرك أنه يتحمل قبل غيره المسئولية كاملة عن فشله في إدارة هذا الملف وفي تعبئته العالية للرأي العام إزاء وهم الترويج لخطر القنبلة الإيرانية، وعليه وحده أن يعيد الشعب لهدوئه من الترويع المتعمد الذي خضع له طيلة سنوات مضت على لسان نتنياهو وحكومته، لكن هناك المنافسون لنتنياهو داخل وخارج الحكومة الذين يريدون تحميله المسئولية وإجباره على دفع الثمن وذلك من خلال المزايدة على موقف نتنياهو على نحو ما جاء على لسان “يائير لبيد” زعيم حزب “هناك مستقبل” الذي هاجم بشدة رئيس الحكومة معتبرًا أن الاتفاق النووي هو “الفشل الأكبر للسياسة الخارجية الإسرائيلية منذ إعلان الدولة”. وفي نظره “هذا فشل هائل وهو فشل بحجم يستدعي تشكيل لجنة تحقيق رسمية للتحقيق في كيفية إبرام مثل هذا الاتفاق فضلًا عن التجاهل التام لجعل إسرائيل طرفًا شريكًا في التفاوض على هذا الاتفاق لأن أحدًا لم يكن على استعداد للحديث مع نتنياهو”.
نتنياهو يدرك كل ذلك وهذا ما جعله مترددًا بين خياراته: الهجوم العنيف على الإدارة الأمريكية أملًا في إسقاط الاتفاق من خلال الكونجرس أو إعطاء الأولوية للحصول على التعويض السخي خصوصًا وأن هناك مشكلة عويصة في تصويت الكونجرس ضد القرار، فالكونجرس سيصوّت على الاتفاق خلال شهرين وحينها سوف يتقرر رفع العقوبات الأمريكية عن إيران أم استمرارها. وإذا كان نتنياهو يتوقع أن يصوت الكونجرس بمجلسيه بأغلبية ضد الاتفاق فإن الرئيس الأمريكي سوف يستخدم حقه الدستوري في “الاعتراض” (الفيتو) ضد رفض الكونجرس، وعندها سوف تتعاظم المعضلة أمام مجلس الشيوخ الذي سيكون في حاجة إلى انضمام 13 عضوًا ديمقراطيًا بهذا المجلس إلى جانب كل الأعضاء الجمهوريين لإسقاط فيتو الرئيس وإقرار استمرار العقوبات ضد إيران. لذلك فإن نتنياهو مازال مترددًا بشأن أفضل الخيارات.
ونقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن ديبلوماسي إسرائيلي قوله: “إننا نستعد للحرب، لكننا حتى الآن لم نتلق أمر الهجوم”، ويضيف أن الهجوم بالضبط هو ما يقض مضاجع الكثير من كبار المسئولين في الخارجية الإسرائيلية وفي المؤسسة الأمنية الذين يخشون صدامًا واسعًا يفاقم التوتر بين إسرائيل والولايات المتحدة، من هنا كان الاستقبال الحذر من جانب نتنياهو لوزير الدفاع الأمريكي كارتر اشتون الذي أوفده الرئيس أوباما سريعًا وعقب التصويت على الاتفاق في مجلس الأمن لطمأنة إسرائيل. فهو، أي نتنياهو، كان يخشى أن يستقبل بحفاوة الوزير الأمريكي خشية أن تفسر هذه الحفاوة على أنها قبول إسرائيل بالاتفاق وتراجع عن خطة الهجوم الإسرائيلية داخل الكونجرس الأمريكي لإفشاله، لكنه كان حريصًا في ذات الوقت على إظهار اهتمام بالوزير الأمريكي تهيئة وترتيبًا لـ “رزمة التعويضات” الأمريكية لإسرائيل، الأمر الذي يفاقم من تحديات نتنياهو في التصدي للاتفاق النووي مع إيران في صراعه بين الدفاع عن مصداقية مواقفه السابقة أو الطموح للحصول على أقصى تعويضات.
د. محمد السعيد إدريس
المركز العربي للابحاث والدراسات