برهم صالح يهدد بتكليف رئيس وزراء مؤقت لتجاوز الأزمة السياسية

برهم صالح يهدد بتكليف رئيس وزراء مؤقت لتجاوز الأزمة السياسية

 قال الرئيس العراقي برهم صالح، الأربعاء، إنه سيختار رئيسا مؤقتا للوزراء إذا لم تتمكن الأحزاب السياسية من اختيار بديل لعادل عبدالمهدي بحلول الأول من فبراير، فيما تشير مصادر إلى أن ملف تكليف رئيس حكومة جديد سيحسم في بحر الأسبوع القادم على الأرجح.

ويعيش العراق فراغا دستوريا منذ انتهاء المهلة أمام رئيس الجمهورية بتكليف مرشح لتشكيل الحكومة المقبلة في 16 ديسمبر الماضي، جراء الخلافات العميقة بشأن المرشح.

واستقال رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي من منصبه في نوفمبر تحت ضغط احتجاجات شعبية لكنه استمر في أداء مهامه بصفة مؤقتة.

ويشهد العراق احتجاجات حاشدة منذ الأول من أكتوبر ويطالب المحتجون بإصلاح نظام يعتبرونه فاسدا إلى حد كبير كونه جعل معظم العراقيين يعانون من الفقر، فيما لقي أكثر من 450 شخصا حتفهم خلال المظاهرات.

وتعد المهلة التي حددها الرئيس العراقي أحدث دلالة على أن الأحزاب السياسية الشيعية التي تهيمن على البرلمان العراقي فشلت حتى الآن في التغلب على خلافاتها واختيار رئيس جديد للوزراء يقبله المحتجون.

وأبلغت مصادر سياسية مطلعة في بغداد “العرب”، بأن “تحالف الفتح، الذي يتزعمه هادي العامري المقرب من إيران، يقف الآن خلف ترشيح وزير الاتصالات السابق محمد علاوي لتشكيل الحكومة الجديدة”، لكنه يواجه تكتلا كبيرا يعارض هذه الرغبة، يضم مقتدى الصدر فضلا عن الأحزاب الكردية والقوى السنية الرئيسية.

وتشير المصادر إلى أن التكتل الذي يعترض على ترشيح علاوي، تقدم باسم مدير جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي ليكون مرشح تسوية لتشكيل الحكومة الجديدة، لكنه قوبل باعتراض إيراني كبير، بالنظر للصلات المزعومة بين الكاظمي والولايات المتحدة.

تحالف الفتح يقف خلف ترشيح محمد علاوي لكنه يواجه معارضة تضم الصدر والأحزاب الكردية والقوى السنية الرئيسية

وبرغم غياب أي أفق للتوافق السياسي بشأن المرشح لتشكيل الحكومة، إلا أن مصادر عديدة تؤكد أن حسم هذا الملف بات قريبا جدا، وربما يقع في بحر هذا الأسبوع.

وقال الرئيس العراقي، في رسالة إلى الكتل النيابية “حتما تقدّرون أن رئيس الجمهورية لديه واجب وطني ودستوري للدفع باتجاه حل الأزمة، وإذا لم تتمكن الكتل المعنية من حسم أمر الترشيح في موعد أقصاه السبت المقبل أرى لزاما علي ممارسة صلاحياتي الدستورية من خلال تكليف من أجده الأكثر مقبولية نيابيا وشعبيا، وفي إطار مخرجات المشاورات التي أجريتها خلال الفترة الماضية مع القوى السياسية والفعاليات الشعبية”.

وتواجه العملية السياسية في العراق استحقاقين خطيرين: الأول الخضوع لإرادة الانتفاضة الشعبية في خطوة اختيار رئيس وزراء جديد والثاني كيفية الخروج من الكلفة الباهظة التي ستواجه العراق بعد الانزلاق الذي حصل للبرلمان في قراره طرد القوات الأميركية من العراق كواحد من ردود الفعل الإيرانية على قتل الجنرال قاسم سليماني،
وسط مؤشرات على تنسيق جديد بين القوى السياسية الكردية والسنية تبتعد فيها عن التوافقات السابقة مع القوى الشيعية.

وضاقت على القوى الشيعية فرص المناورة في اللعب على شروط ومواصفات رئيس الحكومة الجديد بعد رفض برهم صالح لمرشحي تلك الأحزاب والتطور اللاحق بعد عودته من منتدى (دافوس) وما تسّرب بعد لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب من احتمالات الإصرار على موقفه بعدم تمرير مرشح يلبي مصالح الطبقة السياسية الشيعية وقبول المرشح الذي تزكيه الانتفاضة الشعبية.

وقاد الرئيس العراقي في وقت سابق سلسلة من المشاورات كانت قاب قوسين أو أدنى من أن تسفر عن نتيجة حاسمة لاختيار رئيس حكومة جديد، إلا أن فيتو من التيار الصدري أعاق ترشيح محمد علاوي المرشح الأهم الذي دارت حوله المشاورات. وكادت المشاورات السياسية أن تقود إلى ترشيحه لتشكيل الحكومة الجديدة، لكنّ اعتراضات قيل إنها برزت من قادة في التيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، في اللحظات الأخيرة، أجهضت هذه الخطة.

وتسرّب أن علاوي تعرض لضغوط من قيادات صدرية للتوقيع على التزامات عليه الإيفاء بها حال ترشيحه لتشكيل الحكومة. وأربك برهم صالح الحسابات الإيرانية في ما يتعلق باختيار رئيس الحكومة القادمة، مفضلا الاستقالة على تكليف مرشح طهران أسعد العيداني.

وحتى الآن، رفض صالح تكليف ثلاثة مرشحين تقدم بهم تحالف البناء، الذي يضم جميع النواب المؤيدين لإيران في البرلمان العراقي، وهم كلّ من وزير النفط الأسبق إبراهيم بحر العلوم عن المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة همام حمودي، ووزير التعليم في الحكومة الحالية المستقيلة قصي السهيل عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، ومحافظ البصرة الحالي أسعد العيداني عن تحالف الفتح بزعامة هادي العامري.

ويمثل هؤلاء المرشحون الثلاثة المرفوضون قوى ترتبط بعلاقات وثيقة مع إيران مكنتها من الوصول إلى القمة في المشهد السياسي العراقي، ما يسلط الضوء عل حقيقة أن رفضهم يحتاج إلى جرأة كبيرة.

العرب