بغداد ـ جدّد المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، الجمعة، دعوته إلى إجراء انتخابات مبكرة في أسرع وقت ممكن في مسعى لنزع فتيلة أزمة الاحتجاجات المتواصلة في البلاد منذ شهور، ومندّدا في الوقت نفسه باستخدام القوة لإخلاء مخيمات المحتجين في جميع أنحاء البلاد.
جاء ذلك في بيان تلاه ممثله عبدالمهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء جنوبي البلاد.
وعبر، في الوقت نفسه، عن رفضه “لما يقوم به البعض من الاعتداء على القوات الأمنية والأجهزة الحكومية وما يمارس من أعمال التخريب والتهديد ضد بعض المؤسسات التعليمية والخدمية”.
وقال السيستاني “لا بد من الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، ويتعين أن تكون جديرة بثقة الشعب وقادرة على تهدئة الأوضاع واستعادة هيبة الدولة والقيام بالخطوات الضرورية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في أقرب فرصة ممكنة”.
وتابع “الرجوع الى صناديق الاقتراع لتحديد ما يراه الشعب هو الخيار المناسب في الوضع الحاضر، بالنظر الى الانقسامات التي تشهدها القوى السياسية من مختلف المكونات”.
ووصف السيستاني، صفقة القرن المزعومة بـ”الظالمة”، والتي “كُشف عنها مؤخراً لإضفاء الشرعية على احتلال مزيد من الأراضي الفلسطينية المغتصبة”، بحسبه.
وأكد وقوفه “مع الشعب الفلسطيني المظلوم في تمسكه بحقه في استعادة أراضيه المحتلة وإقامة دولته المستقلة”، داعياً العرب والمسلمين وجميع أحرار العالم الى مساندته في ذلك.
ومنذ عدة أسابيع يطالب السيستاني بتعديل نظام الانتخابات وإجراء انتخابات عامة بوصفه سبيلًا لتلبية مطالب المتظاهرين الذين خرجوا بالآلاف إلى الشوارع يطالبون بمحاسبة الفاسدين وبإنهاء النفوذ الإيراني في البلاد.
ويواصل الحراك الشعبي في العراق حملات الضغوط القصوى على أحزاب السلطة لحين رضوخها واستجابتها لمطالب المتظاهرين التي أوشكت على دخول شهرها الخامس.
وانضم الجمعة المئات من العراقيين إلى ساحات التظاهر والاعتصامات لدعم مطالب المتظاهرين والمعتصمين في حسم تسمية رئيس وزراء جديد في اطار المهلة التي حددها الرئيس العراقي برهم صالح وستنتهي خلال اليوم.
وذكر شهود عيان أن المئات من المتظاهرين انضموا إلى ساحات التظاهر في التحرير والخلاني ببغداد ومحافظات البصرة وميسان والناصرية والمثنى والديوانية وكربلاء والنجف وبابل وواسط حاملين اعلام العراق ويهتفون بشعارات واهازيج شعبية تؤكد عزم ساحات التظاهر بالمضي نحو الثبات على المطالب وتشكيل حكومة انتقالية تمهد لاجراء انتخابات مبكرة بعيدا عن تدخل الأحزاب.
وأوضحوا أن جماهير ساحات التظاهر ستبقى متمسكة بالقبول بمرشح مستقل غير منتم لأحزاب السلطة وأن جميع الأسماء المطروحة حاليا تم رفضها لأنها لا تمثل تطلعات ساحات التظاهر ولا الدماء التي أريقت منذ انطلاق المظاهرات في اكتوبر الماضي.
وبحسب الشهود، فإن عددا من الجسور لازالت مغلقة منذ ساعات الصباح الأولى في ظل انتشار أمني واسع في الشوارع وفي محيط ساحات التظاهر فيما قام متظاهرون باغلاق مداخل ساحات التظاهر ونشر محاميع لتفتيش الوافدين لتامين الحماية لساحات التظاهر.
وتوفي متظاهر في محافظة الواسط جنوبي العراق، الجمعة، متأثراً بإصابته برصاص قوات الأمن خلال مواجهات الثلاثاء، حسب مصدر طبي.
وقال مصدر طلب عدم نشر اسمه أن متظاهرين آخرين لا يزالون يتلقون الرعاية الطبية في المستشفى إثر إصابات خلال مواجهات جرت الثلاثاء.
وأمهل الرئيس العراقي برهم صالح القوى السياسية المعنية بتسمية رئيس للوزراء مهلة حتى الأول من فبراير لاختيار مرشحها أو سيقوم هو بالمهمة بدلا عنها، فيما تشير مصادر إلى أن ملف تكليف رئيس حكومة جديد سيحسم في بحر الأسبوع القادم على الأرجح.
وتعد المهلة التي حددها الرئيس العراقي أحدث دلالة على أن الأحزاب السياسية الشيعية التي تهيمن على البرلمان العراقي فشلت حتى الآن في التغلب على خلافاتها واختيار رئيس جديد للوزراء يقبله المحتجون.
وقال الرئيس العراقي، في رسالة إلى الكتل النيابية “حتما تقدّرون أن رئيس الجمهورية لديه واجب وطني ودستوري للدفع باتجاه حل الأزمة، وإذا لم تتمكن الكتل المعنية من حسم أمر الترشيح في موعد أقصاه السبت المقبل أرى لزاما علي ممارسة صلاحياتي الدستورية من خلال تكليف من أجده الأكثر مقبولية نيابيا وشعبيا، وفي إطار مخرجات المشاورات التي أجريتها خلال الفترة الماضية مع القوى السياسية والفعاليات الشعبية”.
وأجبر الحراك الشعبي حكومة عادل عبدالمهدي على الاستقالة، في الأول من ديسمبر الماضي، ويصرون على رحيل ومحاسبة كل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم منذ إسقاط نظام صدام حسين عام 2003.
ويعيش العراق فراغاً دستورياً منذ انتهاء المهلة أمام رئيس الجمهورية بتكليف مرشح لتشكيل الحكومة المقبلة في 16 ديسمبر الماضي، جراء الخلافات العميقة بشأن المرشح.
العرب