تحوّل الاقتصاد البريطاني بعد “بريكست”… العلاقات مع أوروبا تضغط على المؤشرات

تحوّل الاقتصاد البريطاني بعد “بريكست”… العلاقات مع أوروبا تضغط على المؤشرات

دخل الاقتصاد البريطاني في نقطة تحول، مع مغادرة البلاد الاتحاد الأوروبي رسمياً بعد ما يقرب من نصف قرن من العضوية. وبعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف من التصويت على المغادرة، يسيطر عدم اليقين على مستقبل المملكة المتحدة، خاصة في ما يتعلق بالعلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي ودول أخرى. وبضربة واحدة سيتم حرمان الاتحاد الأوروبي من 15% من حجم اقتصاده، ومن أكثر الدول الأعضاء إنفاقاً على التسلح ومن العاصمة المالية الدولية، لندن.

ويبلغ معدل البطالة في المملكة المتحدة اليوم أدنى مستوى له منذ منتصف السبعينيات، بينما تسارع نمو الأجور إلى أعلى مستوياته منذ عقد، إذ حقق سوق الوظائف البريطاني انتعاشاً أقوى من المتوقع في الأشهر الثلاثة الأخيرة حتى نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2019؛

فقد قفز عدد الوظائف بمقدار 208 آلاف إلى رقم قياسي بلغ 32.9 مليون وظيفة، وهو ما يقرب من ضعف توقعات الاقتصاديين التي بلغت 110 آلاف وظيفة. وبقيت البطالة عند أدنى مستوى في 45 عاماً عند 3.8%.

وهذه المؤشرات تأتي بعد صدمة أولية للاقتصاد الناجمة عن انخفاض الجنيه إلى أدنى نقطة في 31 عاماً بعد تصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في يونيو/ حزيران 2016، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة استيراد البضائع، وفق “الغارديان”.

ومحا الجنيه المكاسب التي تحققت بعد فوز جونسون بالأغلبية الكبرى منذ أكثر من 30 عامًا في الانتخابات العامة، وسط مخاوف من أن بريطانيا قد تنهي الفترة الانتقالية لخروجها من الاتحاد الأوروبي في ديسمبر/ كانون الأول دون اتفاق الاتحاد الأوروبي؛

إذ ارتفع الإسترليني بنحو خمسة سنتات مقابل الدولار الأميركي إلى ما فوق 1.35 دولار بعد فوز جونسون الساحق. ومع ذلك، فقد تراجع إلى 1.30 دولار خلال الشهر الماضي، بعد أن حذر جونسون من أنه لن يمدد الوقت لإجراء محادثات تجارية ويمكن أن ينحرف عن قواعد الاتحاد الأوروبي. وظل الجنيه منخفضًا بأكثر من 10% عن مستواه قبل التصويت على بريكست في 2016.

وقفز الميزان التجاري لبريطانيا، الذي يقيس الفجوة بين الواردات والصادرات، إلى فائض قياسي بلغ 4 مليارات جنيه إسترليني في نوفمبر/ تشرين الثاني، من عجز بلغ 1.3 مليار جنيه إسترليني في أكتوبر/ تشرين الأول، حيث خفضت الشركات وارداتها من السلع. وكان الاقتصاديون يتوقعون عجزًا بنحو 2.6 مليار جنيه إسترليني.

ووفقًا لمكتب الإحصاءات الوطنية، تراجعت الواردات بنسبة 7.8%على أساس شهري، في حين ارتفعت الصادرات، مما يشير إلى أن الشركات البريطانية هرعت إلى تخزين البضائع قبل الموعد المحدد لبريكست، ثم قدمت طلبات أقل في نوفمبر.

وانتقل النمو في اقتصاد المملكة المتحدة من الأسرع في مجموعة السبع إلى الأضعف، مع توقف الاستثمار في الأعمال التجارية مع تعليق الشركات لخططها الاستثمارية في انتظار مزيد من الوضوح بشأن بريكست.

وتسببت المواعيد النهائية المتكررة لبريكست في تكديس المخزونات، حيث تخشى الشركات حدوث اضطراب على الحدود وارتفاع تكاليف التجارة مع الاتحاد الأوروبي. وانتعش قطاع الخدمات المهيمن في بريطانيا، والذي يمثل حوالي 80% من الاقتصاد، ومع ذلك، قال الاقتصاديون إن الاقتصاد ربما فشل في النمو في الربع الرابع بسبب بريكست وعدم اليقين السياسي.

وفي الشهر الماضي، أظهرت الأرقام أن المستهلكين كبحوا إنفاقهم خلال فترة التسوق الرئيسية لعيد الميلاد، في ضربة لبائعي التجزئة، بينما يواجه الاقتصاد العالمي مخاطر جديدة بعد تفشي فيروس كورونا الصيني.

وهز الفيروس الأسواق المالية في الأسبوع الماضي مع انتشار المخاوف بشأن تأثيره على التجارة والنفط وغيره. ويخشى المحللون من أن تكون هناك آثار غير مسبوقة على الشركات البريطانية، في لحظة بريكست الحساسة، وذلك بعد سنوات من الاضطراب في المملكة والاقتصاد العالمي بسبب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

وتوقعت شركة كابيتال أيكونوميكس الاستشارية، أن يتسارع النمو السنوي من 1% هذا العام إلى 1.8% في عام 2021. إلا أن بنك إنكلترا المركزي خفض تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي من 1.3% إلى 0.8% في 2020، و1.5% في 2021.

وقال أندرو سنتانس، الذي يعمل الآن مستشاراً كبيراً في شركة كامبريدج إيكونوميتركس للاستشارات في حديث مع صحيفة “الغارديان”: “حتى إذا تعافى النمو الاقتصادي إلى حد ما في الربعين المقبلين، فمن المحتمل أن يظل تقدم الاقتصاد البريطاني بطيئاً في عام 2020”.

العربي الجديد