بغداد – زادت المطالب التي وجهها المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، من مأزق رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد توفيق علاوي في تشكيل الحكومة الجديدة، بعد الرفض الشعبي المتصاعد من قبل المحتجين بساحات التظاهر في المدن العراقية.
وطالب السيستاني على لسان ممثله أحمد الصافي في خطبة الجمعة بكربلاء “أيّ حكومة عراقية جديدة يجب أن تحظى بثقة الشعب ومساندته”.
وأضاف أن على الحكومة الجديدة “القيام بالخطوات الضرورية لإجراء انتخابات مبكرة في أجواء مطمئنة بعيدة عن التأثيرات الجانبية للمال أو السلاح غير القانوني أو للتدخلات الخارجية”.
وفاقمت مطالب السيستاني من صعوبة مهمة علاوي في اختيار فريق حكومته في وقت قالت مصادر مطلعة إن الفريق السياسي المحيط برئيس الوزراء المكلف بلا ملامح حتى الآن، ما يضع الكثير من علامات الاستفهام بشأن قدرة علاوي على تجاوز مرحلة المفاوضات مع مختلف الأطراف المعنية بتشكيل حكومته الجديدة بنجاح.
ويقول أشخاص، عملوا مع علاوي عن كثب، إن مزاجه الحاد ربما يقلص فرص الحصول على مستشارين كفوئين، مرجحين أنه لن يقرّب شخصيات تمثل أحزابا سياسية موالية لإيران علنا، لتجنب إثارة الجدل.
وكشفت مصادر سياسية عراقية تعمل في المنطقة الخضراء في تصريح لـ”العرب” أن من بين الشخصيات التي تلعب أدوارا تفاوضية في الطاقم السياسي الخاص برئيس الوزراء المكلف، تاجر من مدينة النجف، يدعى عارف كامل البهاش، سبق له أن قدم خدمات استشارية لرئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي.
وقالت مصادر عديدة إن علاوي لم يثبت على أيّ مرشح لأيّ حقيبة حتى الآن، لكنه يفضل أن يذهب إلى الأطراف السياسية بكابينة وزارية مكتملة، ليتفاوض عليها حزمة واحدة، على أمل اختصار وقت المفاوضات.
وأعلنت قوى عديدة، شيعية في معظمها، أنها لن تشارك في حكومة علاوي، لكن هذا الأمر ليس جديدا، ولا يشكل ضمانة على استقلالية الكابينة، إذ سبق اختباره في حكومة عادل عبدالمهدي، ولم يكن فعالا.
وبالنسبة إلى الكثير من القوى السياسية، فإن منصب المدير العام أو وكيل الوزير في وزارة ما، هو أقوى من منصب الوزير نفسه، بسبب البيروقراطية الوظيفية وطبيعة القوانين النافذة، لذلك تركز المفاوضات المطولة على المناصب الوسطية لا الكبرى في المؤسسات.
واستجدّ هذا النمط في حكومة عبدالمهدي الأخيرة، التي تخلى فيها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر عن وزاراته الخمس لصالح مستقلين، لكنّ ممثليه شغلوا مناصب مدراء عامين ووكلاء وزارات في جميع هذه الوزارات، وأخضعوا الوزراء لخططهم بشكل فعلي.
ونفى سياسيون ومحللون عراقيون أن يكونوا ضمن الفريق التفاوضي لرئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، الذي يعكف على تشكيل حكومة عراقية يفترض أن يعرضها على البرلمان في غضون شهر واحد.
وارتبط الفريق التفاوضي لعلاوي بأسماء عديدة خلال الأيام القليلة الماضية، بينها المعلق السياسي عزت الشابندر والسياسي المستقل إبراهيم الصميدعي والخبير الأمني هشام الهاشمي.
وقال الصميدعي إن أنباء انضمامه إلى فريق علاوي التفاوضي “عارية عن الصحة”، مشيرا إلى أنه تواصل مع رئيس الوزراء المكلف بطلب منه لغرض استشارات محددة في “حدود صداقة قديمة”.
وبشأن حضوره لقاء جمع علاوي والجنرال العراقي البارز عبدالوهاب الساعدي، الذي سبق لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي أن قام بتجميده بناء على أوامر قيل إنها إيرانية، قال الصميدعي إن ذهاب الساعدي إلى علاوي “كان بطلب من المتظاهرين لكي يمثلهم”.
وفتح لقاء علاوي بالساعدي الباب على الكثير من التكهنات بشأن إمكانية تولي الجنرال البارز دورا مهما في الحكومة.
وقالت مصادر مطلعة إن الساعدي ربما يترشح لتولي حقيبة الداخلية في حكومة علاوي إذا ما رأت النور، في محاولة لطمأنة المتظاهرين الذين يتعرضون إلى أشكال مختلفة من القمع، منذ خروجهم مطلع أكتوبر الماضي، على أيدي السلطات الرسمية والميليشيات الموالية لإيران والميليشيات التابعة لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.
من جهته قال المحلل الأمني هشام الهاشمي إنه التقى “قبل أيام برئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي برفقة باحثين آخرين، وكان لنا سؤال عن الانتخابات المبكرة.. وسؤال آخر عن تعهداته.. واستغرق اللقاء عشرين دقيقة فقط”.
وأضاف “لست في أيّ فريق سياسي أو حكومي ولست مفاوضا عن المتظاهرين أو حتى عن خيمة في أيّ ساحة من ساحات الاعتصام”.
ولم تتضح إلى حدّ الآن المواقف العربية والدولية بشأن تكليف علاوي، فيما يتلبّس الغموض الموقف الأميركي منه، وعما إذا كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب مستعدة لأن تقدم له الدعم السياسي مقابل تعهدات واضحة بشأن تحجيم الدور الإيراني في العراق.
وطالب مايكل نايتس، الزميل الأقدم في معهد واشنطن والمتخصص بالشأن العراقي، الإدارة الأميركية بالتعامل مع علاوي بسرعة وقبل المصادقة عليه كرئيس للوزراء.
وقال نايتس، الذي أجرى أبحاثاً ميدانية مكثفة في العراق إلى جانب قوات الأمن والوزارات الحكومية “مهما كانت وجهات نظر الحكومة الأميركية فهي بحاجة إلى التعامل مع علاوي بينما يشكّل فريقه الانتقالي الصغير في مجلس الوزراء ويقوم بالتحضيرات لتولّي المنصب، لأن من المؤكّد أنّ رعاته السياسيين والدينيين يوجهونه بالفعل بعيداً عن القرارات السياسية الرئيسية حول أيّ قضايا غير الإعداد للانتخابات”.
العرب